20
يعالج بطريقة المقارنة .
إنه و مما لا شك فيه منذ بداية ظهور الإنسان على وجه الأرض و هو يتساءل عن هذا العالم . المجهول باحثا عن الحقيقة بل الحقائق المتخفية وراء هذا الكوكب الكبير الذي حير عقول البشر و بالأخص الباحثين و العلماء و المفكرين تجاه اللقاء بالحقيقة وراء هذا العالم الكبير فالحقيقة متعددة و متنوعة فهناك حقائق تختص بالمجال الرياضي و هناك حقائق تخص المجال التجريبي و السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام هو : ما العلاقة بين الحقيقة الرياضية و الحقيقة التجريبية ؟ أو بعبارة أخرى أدق : ماالفرق بين الحقيقة الرياضية و الحقيقة التجريبية ؟ .
إن النظرة المعمقة و المدققة لموضوعي الحقيقة الرياضية و الحقيقة التجريبية تجعلنا نستوقف أنفسنا و قفة تدبر و إدراك ووعي على نقاط الاختلاف المتواجدة بينهما حيث أن طبيعة الحقيقة الرياضية ذات طبيعة تجريدية . أما الحقيقة التجريبية فطبيعتها تشخصيه حسية و من جهة أخر فالحقيقة الرياضية ذات طابع يقيني دقيق أما الحقيقة التجريبية فهي ذات طابع احتمالي تخميني و كذلك فمنهج الرياضيات استنتاجي ( استنباطي ) ذو حركة فكرية تنازلية من العام إلى الخاص أما منهج العلوم التجريبية استقرائي ( مادي ) ذو حركة تصاعدية من الخاص إلى العام فمثلا حينما نجرب على الحديد و النحاس و الزنك و نقربهم إلى الحرارة سنلاحظ أن كل ما هو معدن فهو يتمدد بالحرارة و من جهة أجر فالرياضيات تنطلق عن فرضيات عقلية . أن يقوم بانتقال الفكر من المبادئ إلى نتائجها بصورة عقلية مجته أما العلوم التجريبية فهي تنطلق من استخراج القوانين و باستنباط الوقائع و كذلك فإن معيار الصدق في الرياضيات
عدم نناقض الفكر مع ذاته بينما معيار الصدق في العلوم التجريبية عدم تناقض الفكر مع الواقع ( التسليم بمبدأ السببية ) .
إنه إذا ما ذهبنا إلى إبراز نقاط التشابه بين الحقيقة الرياضية و الحقيقة التجريبية و جدنا هناك نوعا من التقارب و الالتقاء في جملة من النقاط تتجلى في : أن كلاهما معرفة علمية تهدف إلى الوصول إلى قوانين موضوعية تخدم الإنسان في شتى المجالات و كذلك كلاهما يستجد العقل لكشف عن العلاقات الثابتة في الكون و أن كلاهما نشا في حاجة حتمية الإنسان إلى البحث و الكشف عن أسرار الوجود فكلاهما يهدفان للوصول إلى بلوغ اليقين المطلق و كذلك فكلاهما مجرد حركة فكرية تدريجية من مرحلة إلى مرحلة و كلاهما يوضعان الموضوع و المنهج و الغاية في الدراسة و البحث و إلى تكوين معرفة إنسانية .
رغم هذا الاختلاف بين الحقائق الرياضية و الحقائق التجريبية نجد هناك علاقة وطيدة بينها فالعالم التجريبي كثيرا ما يستعين بالعالم الرياضي مستعينا بلغة الكم بضبط القوانين و الرياضيات و هي نموذج العلم الصحيح و كل العلوم تسعى لاستعمالها فهناك تداخل بين منطلقات الحقيقة التجريبية و نتائج الحقيقة الرياضية و ذلك من جلال تطابق الفكر مع ذاته و مع الواقع في آن واحد لكن غير من ذلك فالمنهج التجريبي يكمل المنهج الاستنباطي و العكس أيضا بحيث أن عملية الفصل بينهما صعبة جدا و خاصة في الممارسة العلمية في العلم كلا من الحقيقة الرياضية و الحقيقة التجريبية متكاملان على أتم تكامل و أدق انسجام و أعمق تطابق فهناك خدمة متبادلة دوما بينها البعض و ذلك لأجل بلوغ اليقين العلمي.