يعالج بطريقة المقارنة
.ان مسالة الحقيقة من البحوث الشائكة التي يطرق إليها الإنسان و اهتم بها منذ نزوله على وجه الأرض بدافع فضول المعرفة أو تطلعا لكشف المجاهيل فمشكلة الحقيقة في واقع الأمر لا يمكن تصورها إلا إذا رجعنا إلى الإنسان الذي يتعامل معه و من ما لاشك فيه إن الحقيقة نوعان : حقيقة مطلقة وهي تلك الحقيقة الثابتة التي لا تتغير و حقيقة نسبية و هي متغيرة بعكس الحقيقة المطلقة و السؤال المطروح هو ما العلاقة بين الحقيقة المطلقة و الحقيقة النسبية ؟ أو بعبارة أخرى أدق ؛ما الذي يميز الحقيقة المطلقة على الحقيقة النسبية ؟
إن النظرة المعمقة و المدققة لموضوعي الحقيقة المطلقة و الحقيقة النسبية تجعلنا نستوقف أنفسنا وقفة تدبر و إدراك ووعي على نطاق الاختلاف المتواجد بينهما حيث إن الحقيقة المطلقة هي حقيقة أبدية (وجود الله والخير المطلق ) إما الحقيقة النسبية هي حقيقة نهائية (الشجرة-طاولة .....الخ) ومن جهة أخرى فالحقيقة المطلقة هي حقيقة ثابتة بينهما الحقيقة النسبية هي متغيرة و كذلك فالحقيقة المطلقة توجد بعالم المثل عند "أفلاطون "وعالم الأفكار إما الحقيقة النسبية توجد في الواقع أو عالم المحسوسان و كذلك فالحقيقة المطلقة هي المبدأ أو الغاية في حين إن الحقيقة النسبية هي الغاية فقط ومن ناحية أخرى فالحقيقة المطلقة هي تلك الحقيقة التي لا يتوقف تصورها و وجودها على شيء أخر غيره لأنها علة وجود نفسها إما الحقيقة النسبية فهي تلك الحقيقة المتعلقة بغيرها من حيث هو غيره فالنسبي هو ما يتوقف وجوده على وجود غيره .
.إذا إما ذهبنا إلى إبراز نقاط التشابه بين الحقيقة المطلقة و الحقيقة النسبية وجدنا هناك نوعا من التقارب والالتقاء في جملة من النقاط تتجلى في إن كلا من الحقيقة النسبية نشا في حاجة حتمية للإنسان وكذلك فالحقيقة النسبية نجدها متغيرة و مرتبطة بالزمان و المكان إلى البحث و الكشف عن إسرار المحيط الذي يعيش فيه و باعتبارهما مصدر للمعرفة الإنسانية على وجه الأرض وكلاهما يهتم بمعرفة و وعي هذا الكون وكلا هما نشاطا فكريا قصد الوصول إلى هدف معين و كذلك فكلاهما عبارة عن حقيقة و كلاهما ناتجان من الإرادة و الحافز تجاه عوائق ما .
.حقيقة انه رغم هذا الاختلاف و التنافر بين الحقائق المطلقة و الحقائق النسبية نجد هناك علاقة وطيدة الصلة بينهما فإدراك الحقيقة المطلقة يحولها إلى حقيقة نسبية ومن هنا فالحقيقة المطلقة هي عبارة عن حقائق نسبية فالنسبة دائما تطارد المطلق لتحوله نسبي.
رغم هذا الاختلاف بين كل من الحقيقة المطلقة و الحقيقة النسبية إلا إن هذا لا ينفي وجود علاقة وطيدة الصلة بينهما .