كيف يمكن إثبات ذلك؟
يعالج بطريقة الاستقصاء بالوضع
.يعتبر موضوع المعرفة الإنسانية من مباحث الفلسفة الكبرى بعد القيم و الوجود ولقد دار صراع بين كثير من الفلاسفة و المفكرين و العلماء حول مصدرية المعرفة فهناك من يرى إن مصدر المعرفة الحقة هو التجربة (المادة) و الطرف الأخر يقول بان العقل (الفكر) هو الذي يعطينا المعرفة الحقيقية و تقرر لديك إن الاعتقاد الأول (التجربة هي أساس المعرفة الإنسانية) هو الصحيح فكيف يمكن لنا إن نثبت هذا الاعتقاد ؟أو بعبارة أخرى إلى أي مدى يمكن اعتبار التجربة هي مفتاح المعرفة الإنسانية؟
. إن الإنسان في حياته اليومية يتعرض إلى معارف كثيرة و متنوعة فالإنسان يدرك بالحواس وهي عين الحقيقة وهي التي تبرهن على وجود عالم مستقل عن الذات و المعنى الحقيقي لهذا الطرح هو انه يتسم بالعمومية المطلقة مثلا "معرفة التلاميذ للكتاب هي معرفة واحدة ومن الفلاسفة التجريبيين الذين أكدوا على أولوية التجربة في مجال المعرفة الإنسانية الفيلسوف "جون لوك" الذي يرى بان التجربة هي وحدها التي تنقش في عقولنا الأفكار و المعارف الإنسانية فالإنسان يلد صفحة بيضاء ليس فيه نقش سابق للتجربة و ذلك في قوله {لا وجود لمعرفة خارج الواقع ولا وجود لمبادئ نظرية أولية } فا الإحكام العقلية تتغير بتغير الزمان و المكان و تختلف باختلاف ظروف الأعمال و مجلات البحث و المعارف المكتسبة و إذا انطلقنا من هذا المثال التالي سنعرف ما الذي يقصده "جون لوك"{ الطفل لا يعرف النار إلا بعد لمسها } و
هذا دليل إن التجربة هي ميزان المعارف إذا انطلقنا من مفهوم السببية أو العلية سنجد انه يستوحي من التجربة فالإنسان في جميع الأجيال إن هناك أشياء معلولة و أخرى ....لها و ربطوا الأولى بالثانية فتكون لنا مفهوم السببية و ذلك عن طريق التجربة و نجد أيضا من الفلاسفة المؤيدين لهذا الموقف "بيكون "الذي يقول {إن المعرفة لا تستمد من التجربة ليست يقينية } إذن فالإنسان في معرفته يعتمد أساسا على التجربة فهي أساس المعرفة الإنسانية.
.إن من الفلاسفة المؤيدين لهذا القول {التجربة مقياس المعرفة الحقة } نجد "دافيد هيوم" والذي يصدق على أولوية التجربة في هذا المجال و الذي يرى بان المعرفة لا تستمد من التجربة و الواقع مجرد ظن حيث يقول {انه لولا الأصوات ما سمعنا ولولا الصور ما رأينا و لولا الروائح ما شممنا } إذن فغياب الحواس يؤدي بطبيعة الحال إلى غياب المعارف فالإنسان يدرك بالحواس وهي ميزان معرفة حقائق هذا العالم لأنه من فقد حاسة فقد المعاني المتعلقة بها "فالبرتقالة مثلا يصل إلينا لونها و شكلها عن طريق الشم و ذوقها عن طريق الذوق و ملمسها عن طريق اللمس" فجميع أفكارنا تتطور و تتسع مع ما نكتسبه من خبرة في حياتنا اليومية فلو كانت المبادئ الكلية موجودة و المعاني الفطرية لتساوي في العلم بها جميع المخلوقات و لكان الحيوان أحق بهذه المعرفة فالمادة (التجربة) هي التي دفعت الإنسان إلى الازدهار و التقدم عبر التاريخ منذ استقر الإنسان في الأرض إذن فالعلم في جميع صوره يرتد إلى التجربة و منه فالتجربة تعتبر هي مقياس المعارف الإنسانية ولكن رغم هذا الرأي هناك من عارضه بشدة و هو العقل (الفلسفات العقلانية).
.إن الفلسفات العقلانية لا تستطيع إن تبدع بالفطرة المعاني و التصورات و ليست له القدرة على خلق صفحة الصدق على ما يبتدعه من معرفة فالفلسفة العقلانية أهملت الجانب المادي إلى درجة كبيرة جدا و كذلك فقوى العقل لها حدود فالفلسفة التي تقول بأولية العقل في مجال المعارف إذن لا يمكننا اعتبار الفلسفة العقلية فلسفة مغلقة لا يمكنها الوصول إلى المعارف.
.حقيقة إن الفلسفات التجريبية و المادية و الحسية استطاعت إن تصبح مسار الفلسفات السابقة و اللاحقة و هذا يعني أن التجربة هي التي تؤدي بنا إلى المعارف الحقيقية إذن فالتجربة تعتبر مفتاح أو مقياس المعارف الانسانية.