محاضر الشرطة القضائية
( البحث الابتدائي )
وفق قانون الإجراءات الجنائية الجديد والنصوص الخاصة الأخرى
دراسة قانونية من إعداد القاضي مولاي إعلي ولد مولاي إعلي
تعرف محاضر الشرطة القضائية بمحاضر البحث الابتدائي وتكمن أهميتها في قيمتها القضائية الممنوحة لها كوسيلة إثبات علي وقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها من جهة ، وفي خطورة الصلاحيات الواسعة الممنوحة بموجبها لضباط الشرطة القضائية والتي من أخطرها صلاحية تقييد الحرية الفردية – المحمية دستوريا – بناء علي مجرد الاشتباه عن طريق الوضع تحت الحراسة النظرية.
وقبل الحديث عن محاضر البحث نرى انه من الضروري تقديم تعريف للشرطة القضائية وبيان الفرق بينها وبين الشرطة الإدارية، وكذلك تحديد الأشخاص اللذين يصفهم القانون بصفة ضباط الشرطة القضائية ، ويمنحهم بناء علي هذه الصفة صلاحية إعداد محاضر البحث الابتدائي.
فأما الشرطة القضائية : فهي جهاز مكلف بمعاينة الجرائم المقررة في قانون العقوبات والنصوص الخاصة الأخرى وجمع الأدلة والبحث عن الفاعلين وتلقي الشكايات والقيام بالبحوث الابتدائية وبإجراء التحريات وجميع الاستدلالات ، ويقومون بذلك تحت إدارة وكيل الجمهورية،المادتان 13و20 من قانون الإجراءات الجنائية.
وأما الشرطة الإدارية : فينحصر اختصاصها في القيام بكل ما هو لازم لتحقيق الأمن والسكينة للمواطن بضمان استقرار البلاد والمحافظة علي النظام العام و الأمن العام والحيلولة دون وقوع الجريمة ، فدورها وقائي ومجال عملها يتحدد بالمرحلة السابقة علي وقوع الجريمة المادة 69 من المرسوم 70-172 حول خدمة الدرك .
وأما الأشخاص اللذين لهم صفة ضباط شرطة قضائية فهم صنفان
الصنف الأول : ضباط سامون للشرطة القضائية
وهم بحسب المادة 12 من قانون الإجراءات الجنائية
1- المدعون العامون لدى محاكم الاستئناف ونوابهم
2- وكلاء الجمهورية ونوابهم
3- قضاة التحقيق
الصنف الثاني : ضباط الشرطة القضائية
وهم بحسب المادة 19 من قانون الإجراءات الجنائية
1- ولاة الولايات ومساعدوهم
2- حكام المقاطعات ورؤساء المراكز الإدارية
3- مدير الأمن الوطني
4- مفوضو الشرطة وضباطها ومفتشو الشرطة المعينون ضباط شرطة قضائية بمقرر مشترك بين وزير العدل والداخلية بناء علي اقتراح من المدعي العام لدى محكمة الاستئناف
5- ضباط الدرك الوطني ومساعدوهم الذين لهم رتبة رقيب أول أو أعلى منها ورجال الدرك الذين يكلفون بقيادة فرقة أو مركز
6- قائد الحرس الوطني وضباط الحرس الوطني بشرط الحصول على موافقة وزير العدل بالنسبة للآخرين
7- قواد الفرق الرحالة من الجيش الوطني
8- قواد الفرق الرحالة من الحرس الوطني
فمحاضر الشرطة القضائية هي المحاضر التي يحررها ضباط الشرطة القضائية بمناسبة قيامهم بالشرطة القضائية وفق شروط حددها القانون
لكن هذه المحاضر تحظى بقيمة وحجية قانونية تختلف من محضر إلى آخر تبعا لنوع الجريمة محل البحث فتتأرجح مابين الدليل القاطع والدليل البسيط ، ومع ذلك يمكن التشكيك في المعلومات التي تتضمنها المحاضر عن طريق الدفوع ، كما يمكن الطعن فيها بسبب عدم مراعاتها للشروط الشكلية الواجبة والتي يرتب القانون الجزائي على مخالفتها
وقد ارتأينا أن تكون دراستنا لهذا الموضوع من خلال المنهجية التالية
المبحث الأول : ماهية وشروط محاضر الشرطة القضائية
المطلب الأول : تعريف المحاضر وأنواعها
أولا: تعريف المحاضر
ثانيا :أنواع المحاضر
المطلب الثاني : شروط تحرير المحاضر
أولا: الشروط الموضوعية
1- الصفة والاختصاص
2- التقيد بالوصف الموضوعي
3- فورية الانجاز
ثانيا: الشروط الشكلية
1- شكل المحاضر
2- لغة المحاضر
3- البيانات الواجبة التضمين
المبحث الثاني : القيمة القانونية للمحاضر وجزاء خرق شروطها
المطلب الأول : القيمة القانونية للمحاضر
أولا : المحاضر المعتبرة دليلا قاطعا
ثانيا : المحاضر المعتبرة دليلا بسيطا
ثالثا : المحاضر المعتبرة مجرد بيان
المطلب الثاني : جزاء خرق شروط وشكليات المحاضر
أولا : الدفع ببطلان المحاضر
* الدفع بانعدام حالة التلبس
* الدفع بعدم صحة إجراءات التفتيش
* الدفع بعدم صحة إجراءات الوضع تحت الحراسة النظرية
* الدفع بانتزاع الاعتراف تحت الإكراه أو التعذيب
ثانيا : ـ الدفع بعدم توقيع المحاضر
*من محررها
*من طرف المشتبه فيهم
المطلب الثالث : الدفع بعدم صحة ما ورد بالمحضر واثبات ما يخالفه
أولا : إثبات تزوير المحضر
ثانيا : إثبات عكس ما تضمنه المحضر
ا ـ بالكتابة
ب ـ بالشهادة
المبحث الأول
ماهية وشروط محاضر الشرطة القضائية
تحظى محاضر الشرطة القضائية بأهمية كبيرة خاصة لدى الفاعلين في الساحة القضائية والقانونية وذلك لمساس هذه المحاضر بحقوق الأفراد وحرياتهم وهو ما جعل المشروع في قانون الإجراءات الجنائية الجديد ينص علي ماهية محاضر الشرطة (المطلب الأول )وتحديد شروطها القانونية(المطلب الثاني)وذلك حتى تكون له الحجية القانونية التي تفترض فيه.
المطلب الأول
تعريف المحاضر وأنواعها
سنستعرض في هذا المطلب تعريف المحاضر أولا وأنواعها ثانيا
أولا: تعريف المحاضر
جاء قانون الإجراءات الجنائية الجديد بتعريف محاضر الشرطة القضائية في المادة 23 منه بقولها (المحضر في مفهوم المادة 22 هو الوثيقة المكتوبة التي يحررها ضابط الشرطة القضائية أثناء ممارسته مهامه ويضمنها ما عاينه أو تلقاه من تصريحات أو ما قام به من عمليات تدخل في اختصاصه) وقد عرفت المادة 122 من المرسوم 70-172 حول خدمة الدرك ، المحاضر بقولها (إن المحاضر وسيلة إعلام للضباط وأعوان الشرطة القضائية بما عاينوه من المخالفات وقاموا به من عمليات وما حصلوا عليه من معلومات ) وعليه يمكننا تعريف المحاضر بأنها هي الوثيقة الرسمية المكتوبة التي يحررها ضابط الشرطة القضائية لإثبات ما عاينه شخصيا أو سمعه أو تلقاه من تصريحات أو ما قام به من عمليات كالتفتيشات والمعاينات وضبط جسم الجريمة أو وسائل إثباتها ، ويترتب علي ذلك كون الوثائق التي يحررها أعوان الشرطة القضائية لا تعتبر محاضر وإنما تعتبر تقارير فقط وإن كان للنيابة العامة أن تطلب من ضابط الشرطة القضائية إعداد تقارير إستعلاماتية أو تقارير حول تنفيذ معين أو غير ذلك بحسب المادة 41 من المرسوم 70-172 حول خدمة الدرك ولكن التقارير تختلف عن المحاضر في عدة نقاط يمكن إجمالها فيما يلي :
1- أن التقرير الذي هو وسيلة إخبار ليس إلا يقوم بإعداده عادة موظف الأمن من اجل إخبار رئيسه وتزويده بمعلومات حول قضية بعينها ، ولا يمكن تحرير المحاضر الا من طرف ضابط شرطة قضائية ماعدا في الحالات المنصوص عليها في قوانين خاصة كالمحاضر المعدة حول مخالفات تسيير الحيوانات البرية والصيد البري الوارد ذكرها في المادة 25 من القانون رقم97-006 بتاريخ 20 يناير 1997 والمتضمن مدونة تسيير الحيوانات البرية والصيد البري في موريتانيا بقولها (تقع معاينة خرق الأحكام المنصوص عليها في هذا القانون وفي النصوص المطبقة له علي امتداد التراب الوطني من خلال محاضر يعدها وكلاء محلفون في مصالح تابعة للوزارة المكلفة بالبيئة وضباط ووكلاء الشرطة القضائية وضباط الصيد أو أي موظف آخر أو وكيل علي أن يكونوا مرخصين بالعمل في هذا المجال بموجب النصوص المعمول بها ) مثالها كذلك محاضر المخالفات بشكل عام إذ تنص المادة 487 من قانون الإجراءات الجنائية علي أنه ( في جميع المواد وعندما وتعاين مخالفته من طرف عون له صلاحية تحرير المحاضر فيمكن للمخالف أن يقدم لهذا العون غرامة جزافية يحدد قدرها وكيفية تحصيلها بمرسوم ...) أنظر كذلك المادة 202من المرسوم 2007-06 بتاريخ 5 يناير 2007 المطبق لقانون السير
2- يكون التقرير شفويا كما يكون كتابيا أما المحاضر فهي وثائق مكتوبة وجوبا (م22)
3- محاضر الشرطة القضائية تقتصر علي المعاينات والتصريحات المدلى بها أمام ضباط الشرطة القضائية وكذلك العمليات التي يقوم بها في مجال اختصاصه أما التقارير فيمكن أن تتضمن كل المعلومات المتحصل عليها بالتحريات لذلك فهي تكتسي طابعا شخصيا ويمكن لصاحبها أن يضمنها رأيه الشخصي حول القضية موضوع التقرير .
4- تعد التقارير وسائل تنظيمية داخلية للإخبار أما المحاضر فهي وسائل إثبات خطية .
5- للمحاضر شروط وإجراءات واجبة الإتباع أما التقارير فلا تخضع لشروط وإجراءات معينة ومحررها حر في تسجيل ما يراه مفيدا وفق الشروط والإجراءات التي يراها مناسبة.
ثانيا: أنواع المحاضر
تنقسم المحاضر إلى عدة أنواع بحسب المعيار الذي علي أساسه يقع التقسيم ،فتقسم المحاضر من حيث صفة محررها وأنواع الجرائم التي تتضمنها أو من حيث قوتها الاثباتية
أ) من حيث صفة محررها تنقسم إلي
*محاضر ينجزها ضباط الشرطة القضائية في الحالة المرتبطة بالبحث التمهيدي المنصوص عليها في المادة 23 وفي حالة التلبس وفق السلطات الممنوحة لهم بموجب المواد من 46 إلي 60
*محاضر ينجزها أعوان الشرطة القضائية والموظفون والأعوان المنصوص عليهم في قوانين خاصة مثل ضبط مخالفات قانون الصيد البري ومخالفات قانون السير
*محاضر ينجزها موظفون وأعوان مكلفون ببعض مهام الشرطة القضائية كالمخالفات المتعلقة بالسير مثلا المادة 487 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 202 من المرسوم المطبق لقانون السير
ب) من حيث الجرائم التي تتضمنها تنقسم المحاضر إلي
* محاضر الجنايات، وتتحدد الجنايات علي أساس العقوبة التي يرتبها القانون علي الجريمة وتكون العقوبة الجنائية إما بدنية ومخلة بالشرف أو مخلة بالشرف فقط م 6 من القانون الجنائي وقد حددت المادة 7 من القانون الجنائي العقوبات البدنية بقولها( يعتبر الإعدام والقطع والجرح والجلد والأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة والسجن عقوبات بدنية ومخلى بالشرف ) وجاء في المادة 8 من نفس القانون ما نصه (يعتبر الحرمان من الحقوق الوطنية عقوبة مخلة بالشرف وقد حددت المادة 20مدة السجن بقولها ( تتراوح مدة السجن مابين خمس سنوات على الأقل وعشر علي الأكثر ).
* محاضر الجنح وهذه تتحدد كذلك تبعا للعقوبة التي حددتها المادة9 من القانون الجنائي بالقول (عقوبة الجنح هي
- الحبس المؤقت
-الحرمان المؤقت من بعض الحقوق الوطنية أو المدنية أو العائلية
- الغرامة
- المنع من الإقامة )
* محاضر المخالفات وقد حددت المادة 48 من قانون الإجراءات الجنائية المخالفة في فقرتها الثانية بقولها ( تعد مخالفة الجرائم التي يعاقب عليها بعقوبة حبس أقصاه شهر وبغرامة أقصاها عشرة آلاف أوقية أو بإحدى العقوبتين فقط ...)
ومع ذلك فإن تحديد المخالفة حسب المادة المذكورة يجعل عقوبة المخالفة تتداخل مع عقوبة الجنحة الوارد تحديدها في المادة 34 من القانون الجنائي التي نصت علي أنه ( تتراوح عقوبة الحبس بين احد عشر يوما علي الأقل وخمس سنوات علي الأكثر باستثناء حالات العود التي وضع لها القانون حدودا أخري )
ج) من حيث قوتها الاثباتية تنقسم إلي
- محاضر يوثق بمضمونها إلي أن يثبت ما يخالفها م 390 من قانون الإجراءات الجنائية
- محاضر لا يمكن الطعن فيها إلا بالتزوير كمحاضر الجمارك ومحاضر الصيد البحر ي المادة 218 من قانون الجمارك والمادة 6 من مدونة الصيد البحري
- محاضر تعتبر مجرد بيان
وسنستعرض حجية هذه المحاضر بالتفصيل في المبحث الثالث من هذه الدراسة
المطلب الثاني
شروط تحرير المحاضر
وضع المشرع في قانون الإجراءات الجنائية شروطا وشكليات يجب علي محرري محاضر الشرطة القضائية الالتزام بها حتى يكون المحضر صحيحا شكلا وتكون له القيمة القانونية ، فجاء في المادة 388 منه (كل محضر أو تقرير ليست له قيمة إثباتيه إلا إذا كان صحيحا شكلا وكان محرره قد تصرف أثناء ممارسته لوظائفه ونقل في مجال اختصاصه ما رآه أو سمعه أو عاينه شخصيا )
ويمكن تقسيم هذه الشروط إلي نوعين ، شروط موضوعية وشروط شكلية
أولا: الشروط الموضوعية
من خلال المادة388 المذكورة أعلاه والمادة 21 والمادة 22 في فقرتها الأخيرة والمادة 23 في فقرتها الأولى من قانون الإجراءات الجنائية يتبين لنا أن تحرير محاضر الشرطة القضائية يخضع لشروط موضوعية منها علي وجه الخصوص الصفة والاختصاص والتقيد بالوصف الموضوعي وفورية الانجاز
1- الصفة والاختصاص
يشترط في محرر محضر الشرطة القضائية أن تكون له الصفة التي تخوله تحرير المحاضر وهذه الصفة هي كونه ضابط شرطة قضائية وهو ما نصت علية الفقرة الأولى من المادة 23 إجراءات جنائية في معرض حديثها عن مفهوم المحضر بالقول( المحضر في مفهوم المادة 22 هو الوثيقة المكتوبة التي يحررها ضابط الشرطة القضائية )وجاء في الفقرة الأخيرة من المادة 22 ما يلي ( ويجب أن تشير المحاضر إلي أن لمحررها صفة ضابط الشرطة القضائية )
وترد علي شرط الصفة في محرر المحضر استثناءات حددها القانون منها علي سبيل المثال الاستثناء الممنوح لوكلاء الشرطة القضائية من الدرك دون غيرهم من وكلاء الشرطة المادتان 24و25 من قانون الإجراءات الجنائية، فالمادة 24 نصت علي انه (يعد من وكلاء الشرطة القضائية رجال الدرك الذين ليست لهم صفة ضباط الشرطة القضائية وهم مكلفون
- بمساعدة ضباط الشرطة القضائية في ممارسة وظائفهم
- بمعاينة الجنايات والجنح والمخالفات وبإعداد محاضر عنها
- بتحرير محضر عن التصريحات التي يقدمها لهم كل شخص والتي من شانها تزويدهم بأدلة أو حجج أو معلومات عن مرتكبي الجرائم ومشاركيهم )
أما المادة 25 فجاء فيها (يعدون كذلك من وكلاء الشرطة القضائية موظفو مصالح الشرطة العاملون وهم مكلفون بما يلي
- مساعدة ضباط الشرطة القضائية في ممارسة وظائفهم
- إخبار رؤسائهم التسلسليين بكل الجنايات والجنح والمخالفات التي تصل إلي علمهم
- معاينة الجرائم المقررة في القانون الجنائي طبقا لأوامر رؤسائهم وتلقي كل المعلومات بقصد اكتشاف مرتكبي هذه الجرائم )
فالمادة25 إجراءات لم تعط لوكلاء الشرطة القضائية التابعين لمصالح الشرطة صلاحية تحرير محاضر الشرطة القضائية كما ذهبت إليه المادة 29 مع وكلاء الشرطة القضائية من الدرك الوطني
وأيا كان محرر المحضر ضابط أو وكيل شرطة قضائية فيجب أن يقوم بعمله وهو مرتد زيه الرسمي ، المواد 31 من القانون رقم62-121 المنظم لخدمة الدرك و المادة 47 من المرسوم رقم95-26بتاريخ30/12/1995المتضمن النظام الأساسي الخاص بأفراد الأمن
ويتعين إنجاز المحضر من طرف ضابط الشرطة القضائية المختص نوعيا وترابيا
* أما الاختصاص النوعي : فيكون عاما بالنسبة لضباط الشرطة القضائية فيمكنهم القيام بالبحوث وإنجاز المحاضر بخصوص القضايا المحصورة علي الموظفين أو الأعوان المكلفين ببعض مهام الشرطة القضائية في حالة غياب هؤلاء أو عندما يتعذر عليم القيام بالمهام المنوطة بهم ( المادة 60 من قانون الغابات ) ويكون الاختصاص النوعي خاصا كما هو الحال لموظفي الجمارك والغابات اللذين منحت لهم صفة ضابط شرطة قضائية بمقتضى نصوص خاصة، وفيما يتعلق بمخالفات خاصة تتعلق بمجال الجمارك والغابات.وعلاوة علي ذلك قد يوكل القانون لبعض ضباط الشرطة القضائية اختصاصات نوعية ليست لغيرهم كما هو الحال بالنسبة للجرائم الاقتصادية والمالية التي أنشئت لها إدارة مركزية خاصة بمكافحتها بموجب المرسوم 2004 -067 بتاريخ 25 يوليو 2004 ، وقد أعطت المادة 2 من هذا المرسوم لضباط الشرطة التابعين لهذه الإدارة صلاحية البحث عن الجرائم ذات الطابع الاقتصادي أو ذات الصلة بالجريمة المنظمة أو تبييض الأموال ... إلى آخره.
* أما الاختصاص المكاني : لضباط الشرطة القضائية فحددته المادة 21 من قانون الإجراءات الجنائية بحدود الأراضي التي يمارسون عليها وظائفهم المعتادة، ومع ذلك يمكن لذوي الرتب في الدرك ورجال الدرك ممن لهم صفة ضابط شرطة قضائية في حالة الاستعجال أن يقوموا بالعمليات في كافة دائرة المحكمة الملحقين بها.
وبالنسبة لمفوضي الشرطة العاملون بمنطقة عمران مقسمة إلى عدة مراكز للشرطة كما هو الحال بالنسبة لمدينتي نواكشوط و انواذيبو فإن اختصاص مفوضي الشرطة الذين يمارسون وظائفهم يشمل كافة المنطقة ( المادة 21 الفقرة الثانية ).
وعلاوة على ذلك فإن قاعدة الاختصاص الثلاثي في الميدان الجزائي تعطى لكل ضابط شرطة قضائية وقعت في دائرة اختصاصه الجريمة أو قبض فيها علي المتهم أوهي محل إقامة المتهم أو أحد شركاءه أن يقوم بإجراء البحث الابتدائي باعتباره مختصا.
إن من شأن هذه القاعدة أن تمنح لضباط الشرطة القضائية فاعلية قصوى تمكنهم من ملاحقة الجريمة ومحاصرة فاعليها.
2- التقيد بالوصف الموضوعي
يقصد بالتقيد بالوصف الموضوعي ما تضمنته المادتان 23 من قانون الإجراءات الجنائية و122 من المرسوم 70-172 من وجوب إلزام ضابط الشرطة القضائية عند تحريره للمحاضر أن يضمنها
أ- ما عاينه بنفسه : كما لو علم بوقوع جريمة وعند وصوله إلى مكان وقوعها ، شاهد مظاهرها ففي هذه الحالة عليه أن يضمن محضر بحثه كل مظاهر الجريمة التي شاهدها بالتفصيل وبكل موضوعية وحياد ، وبمعنى آخر يلزم أن يذكر ما عاينه دون تقديم استنتاجات شخصية عن ما شاهده. وإن كان له أن يقدم استنتاجاته في البيانات الختامية للمحضر.
ويشترط في معاينة ضابط الشرطة القضائية أن تحصل بصورة مشروعة وذلك بأن تقع أثناء ممارسته لمهامه ، فإن وقعت وهو مثلا في وضعية إجازة ، كان بمثابة الشاهد علي الوقائع التي عاينها المادتان 21و53 من قانون الإجراءات الجنائية
ب- ما تلقاه من تصريحات :سواء كانت التصريحات التي تلقاها عبارة عن
- شكاية المتضرر من الجريمة
- إبلاغ من الغير بوقوع الجريمة
- تصريحات المشتبه بهم حول الوقائع المنسوبة إليهم
- تصريحات الشهود
- تصريح أي شخص قد يؤدي الاستماع إليه إلى الكشف عن الحقيقة المادة 55 إجراءات جنائية
ويشترط في تلقي التصريحات أن يتم تلقيها من طرف ضابط الشرطة القضائية أثناء ممارسته لوظائفه ودون اللجوء إلى الإكراه أو التعذيب.
ج- ما قام به من عمليات :من أمثلة العمليات التي يمكن أن يقوم بها ضابط الشرطة القضائية في إطار البحث الابتدائي
* التفتيشات طبقا للمادة 52 من قانون الإجراءات الجنائية بشرط وقوعها بعد الخامسة صباحا وقبل العاشرة مساء إلا بطلب من داخل المنزل أو في الأحوال الاستثنائية المقررة قانونا.
* الوضع تحت الحراسة النظرية :وهي الصلاحية الممنوحة لضباط الشرطة القضائية بموجب المادة 57 إجراءات جنائية بقولها << إذا اقتضت ضرورة البحث أن يحتفظ ضابط الشرطة القضائية بشخص أو أكثر من الأشخاص المبينين في المادتين54و55 فليس له أن يحتجزهم أكثر من الوقت اللازم لأخذ تصريحاتهم ...>>
* القيام بالإجراءات اللازمة من أجل حفظ آثار الجريمة والتي يخشى إخفاؤها وعلي كل الآثار التي يمكن أن تستخدم لإظهار الحقيقة المادة:47 إجراءات جنائية.
* حجز الأسلحة و الأدوات استخدمها في ارتكاب الجريمة أو التي كانت مخصصة لارتكابها وكانت ناتجة عنها ، ويكون الحجز بالختم عليها وكتابة رقم المحضر الذي تم الحجز بموجبه المادة 49 إجراءات جنائية.
إن الالتزام بالوصف الموضوعي يقتضي استعراض الوقائع دون تكيفها لأن التكيف من اختصاص النيابة العامة لكونه عمل قضائي ،ومع ذلك متى تضمن المحضر تكييفا، فإن ذلك لا يؤثر على صحته، بل يعتبر هذا التكييف كأن لم يكن ولا يلزم السلطات القضائية إطلاقا .
ويجب أن يكون المحضر دقيقا وواضحا وموجزا طبقا للمادة126 من المرسوم 70-172 حول خدمة الدرك التي نصت في فقرتها الأخيرة على <<إن تحريرا لمحاضر يجب أن يكون واضحا وموجزا ليعطي بيانا للوقائع المطلقة من جميع الأحداث والتأويلات الأجنبية عن هدفها لينير العدالة بدون أن يؤثر عليها >>
3- فورية الإنجاز
يقصد بفورية لإنجاز،قيام ضابط الشرطة القضائية بإنجاز محضر البحث بالسرعة المناسبة وفق ما تتطلبه لإجراءات من وقت دون تسرع أو إبطاء وإنما بقدر الضرورة التي يقتضيها البحث ومع أن القانون لم يمنح لضابط الشرطة القضائية أجلا ينبغي عليه تحرير المحاضر قبل انقضاءه،إلا أنه عندما يتعلق الأمر بموقوف فإن مدة الحراسة النظرية تكون- في اعتقادنا معيارا-كافيا لتحديد فترة إنجاز المحاضر ومدة الحراسة النظرية هي ثمان وأربعون ساعة لا تدخل فيها أيام العطل والأعياد ويمكن تمديد هذه المدة مرة واحدة لمدة مساوية بواسطة إذن مكتوب من وكيل الجمهورية وتزاد بقوة القانون بيوم عن كل مائة كيلومتر من المسافة على أن لا تتجاوز في مجموعها ثمانية أيام إلا إذا تعلق الأمر بجرائم أمن الدولة فتكون الحراسة النظرية 5 أيام قابلة للتمديد بناء على إذن مكتوب من وكيل الجمهورية لمدة مساوية دون أن تتجاوز المدة في مجملها 15 يوما ابتداء من يوم الوضع تحت الحراسة النظرية المادة 57 إجراءات جنائية ، وعندما يتعلق الأمر بالجريمة المتلبس بها ، فيجب علي ضابط الشرطة القضائية أن يقوم بتحرير المحاضر المعدة من طرفه علي الفور تطبيقا للمواد من 47 إلى 55 ويوقع على كل ورقة منها المادة 60 إجراءات جنائية
وفورية إنجاز محاضر الشرطة القضائية تقتضي ذكر يوم وساعة إنجاز العمليات التي تضمنتها ويوم وساعة إنجاز المحضر إذا كانت تخالف ساعة إنجاز الإجراء المادة23 إجراءات جنائية ولتحقيق فورية إنجاز محاضر البحث وفاعلية هذا الإنجاز يجب أن تتوافر لدي الشرطة القضائية الأدوات الازمة لذلك والتي منها علي سبيل المثال
1-وسيلة الإنتقال
فالإنتقال السريع الي مكان الحادث يكون له الأثر الإيجابي في عملية البحث،كما أن التنقل السريع الي مكان تصادم السيارات من شأنه أن يؤدي الي تفادي تعطيل حركة السير خاصة في أوقات الزحمة والحرارة المرتفعة
2-الأختام
علاوة علي الختم الخاص بضابط الشرطة القضائية،يلزم أن تتوافر أختام الشمع الأحمر لإغلاق المظاريف والأبواب وتحريز المحجوزات
3-المطبوعات
يجب أن تتوفر كذلك كميات إحتياطية من أوراق المحاضر الازمة وشكليات التسخيرات الطبية والشكليات الأخري الازمة لعملها.
4- أدوات المعاينة
من بين الأدوات اللازم توافرها لدي الشرطة القضائية ،شريط للقياس لتوخي الدقة، فلا يقبل تقدير المسافة بحاسة النظر أوقياسها بالخطوة ،كما يلزم أن تتوافر الأدوات الهندسية اللازمة لرسم أمكنة الحوادث بالإضافة الي الأختام الحاملة لصور أنواع السيارات المختلفة،بدل تحمل معانات رسم السيارات وما يتطلب ذلك من الوقت أيضا،ويلزم أن تتوافر كذلك المصابيح الكاشفة لإستعمالها في الليل وفي الأماكن المعتمة،وعدسة مكبرة وآلة تصوير فوتوغرافية وخرائط تبين حدود الإختصاص الترابي،هذا بالإضافة –طبعا- الي سلاح ناري لتفادي المقاومة أو لصد الإعتداءات المحتملة.
ثانيا: الشروط الشكلية
يتطلب القانون في تحرير المحاضر الإلتزام بمجموعة من الشروط الشكلية منها ما هو توجيهي لا يترتب علي مخالفته البطلان ، ومنها ما هو جوهري يترتب علي تركه بطلان محضر البحث الابتدائي .
والشروط الشكلية المطلوبة في المحاضر منها ما يتعلق بشكل المحضر ومنها ما يتعلق بالبيانات التي يجب أن يتضمنها .
1 - شكل المحاضر
لم يحدد قانون الإجراءات الجنائية شكلا معينا يلزم إتباعه عند تحرير المحاضر وإن تضمن الإشارة إلي المقتضيات الواردة في نصوص خاصة أخرى ، فجاء في الفقرة الثانية من المادة 23 ما نصه << ودون الإخلال بالمقتضيات الواردة في مواد أخرى من هذا الأمر القانوني أو نصوص أخرى خاصة ، يجب أن يتضمن المحضر علي الخصوص إسم محرره...>> وبالرجوع إلى النصوص الخاصة الأخرى نجد أن
المادة 126 من المرسوم 70-172 المتعلق بالخدمة في الدرك نجدها تقسم المحضر إلي أربعة أقسام
القسم الأول: التمهيد
أ- ويحتوي علي اليوم الذي بدأ فيه تحرير المحضر،وقد أوجبت ذلك المادة 23 إجراءات جنائية
ب- أسماء جميع المحققين ورتبهم وتصرفهم مرتدين زيهم وطبقا لأوامر رؤسائهم،وقد تضمنت المادة 23 إجراءات جنائية وجوب تضمين المحاضر لإسم محررها وصفته ومكان عمله
القسم الثاني : جسم المحضر
ويبدأ بذكر طبيعة الخدمة التي قيم بها والتي إما أن تكون
أ- معاينات : يجب أن يتضمن المحضر جميع المعاينات المادية التي قام بها ضابط الشرطة القضائية وكذلك جميع التصريحات الهامة التي أدلى بها الأشخاص علي دفتر التصريحات كما يلزم الفصل في ذكر هذه المعاينات بين تاريخ حدوث المعاينات وتاريخ تحرير المحضر المادة125من المرسوم 70-172 والمادة23 إجراءات جنائية
ب- جمع الأدلة
ج- تسليم المجرمين للمحاكم بموجب تنفيذ بطاقات قضائية
القسم الثالث: إختتام المحضر
ويكون إختتام المحضر بذكر عدد النسخ الموجهة من المحضر ،توقيع المحررين وقد أوجبت المادة23 إجراءات جنائية أن تتضمن المحاضر توقيع محرريها ، كما أوجبت المادة22 إجراءات جنائية موافاة وكيل الجمهورية بأصل المحاضر المحررة ونسخة طبق الأصل منها .
ولكن الإخلال بالتقسيم الوارد في قانون الدرك فيما يتعلق بالمحاضر لا يرتب البطلان وإنما يهدف فقط إلى أمرين هامين، أولهما هو أن تكون المحاضر واضحة لا لبس فيها، والثاني هو وحدة الشكل فيما يتعلق بمحاضر الدرك، لذلك قررت المادة 125 من المرسوم 70-172 أنه <<تحرر المحاضر علي أوراق حرة بدون أن يفرض عليها أي شكل قانوني يؤدي عدم مراعاته إلي البطلان ...>> ومع ذلك فإن هناك ثلاث عناصر أساسية يتكون منها المحضر سواء كان معدا من طرف الدرك أو الشرطة وهي
أ-بيانات فتح المحاضر وأهم هذه البيانات
-الرقم التسلسلي للمحضر وتاريخه
-الجهة المحررة للمحضر
-تاريخ وساعة إنجاز المحضر
-نوع الجريمة أو الحادث
ب-إجراءات السير في البحث
وهذه تتعلق بسؤال المتهمين والأطراف المدنية والشهود،والقيام بالتفتيشات والمعاينات وضبط الممنوعات والوسائل التي أرتكبت بها الجريمة.
ج-بيانات قفل المحاضر
يجب علي ضابط الشرطة القضائية أن يبين تاريخ وساعة إقفال المحضر ثم يوقع علي ذلك ويعمل علي أن يوقع الأشخاص المستمع إليهم عند نهاية أقوالهم.
وبصفة عامة فإنه يجب أن يكتب المحضربخط واضح أو أن يطبع طباعة واضحة وبترتيب وتنظيم يسهل معه تتبعه وفهمه، كما يلزم إبراز كل تصريح علي حدة مع تفادي الكشط أو الشطب أو التحشير أو التخريج كما يجب ترقيم الصفحات وذكر عدد المرفقات وصفاتها،كما تلزم الإشارة الي المحجوزات وتفصيلها بذكر وصفها ونوعها وعددها وأحجامها.
2 - لغة المحاضر
الأصل أن يتم تحرير المحاضر باللغة العربية لأنها هي اللغة الرسمية للبلاد بموجب الدستور في مادته السادسة، ولأن اللغة العربية هي لغة المرافعات أمام المحاكم الموريتانية وهو ما يستنبط من مختلف مواد قانون الإجراءات الجنائية ،فالفقرة الأخيرة من المادة 255 تضمنت << يجب أن يستعان بمترجم إذاكان المتهم لا يتكلم أولا يفهم العربية >> والمادة314 تضمنت << وفي حالة ما إذا كان المتهم أو الشهود أو أحدهم لا يتكلم اللغة العربية أو إذا كان من الضروري ترجمة وثيقة مقدمة في ملف المرافعات يعين الرئيس من تلقاء نفسه مترجما...>>
وقد ذهبت المحكمة العليا في حكمها رقم34/2001 بتاريخ23/09/2001 إلى تقرير أن اللغة العربية هي لغة التقاضي أمام المحاكم الموريتانية
ومع ذلك يمكن أن تحرر المحاضر بلغة غير اللغة العربية ، إلا أنه تجب ترجمتها وإلا اعتبرت كأن لم تكن وليست لها قيمة إثباتية وفق المادة388 إجراءات جنائية
3 – البيانات الواجبة التضمين
أوجبت المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية أن تتضمن المحاضر مجموعة من البيانات منها ما يجب تضمينه في كل المحاضر ومنها ما يجب تضمينه في محاضر الإستماع ومنها يجب تضمينه في حالة الوضع تحت الحراسة النظرية
* البيانات الواجبة التضمين في المحاضر بوجه عام
وهده البيانات هي :
أ- إسم محرر المحضر ، إذ لا قيمة لمحضر محرر من مجهول ، ولا يخفى ما ينتج عن ذلك من خلل في الإدارة والإشراف والمراقبة علي عمل ضباط الشرطة القضائية المقرر بالمادتين:13و14 إجراءات جنائية
ب- صفة محرر المحضر، فالصفة هي التي تمكن من التأكد من أن لمحرر المحضر صفة ضابط شرطة قضائية .
ج- مكان عمل محرر المحضر:أي تحديد الفرقة أو المفوضية ودائرتها الإدارية، فبها يتحدد الاختصاص المكاني.
د- توقيع محرر المحضر ، وتتمثل أهمية التوقيع في تسهيل تحديد المسؤوليات فيما يتعلق بإختصاص محرر المحضر.
هـ- الإشارة إلى تاريخ وساعة انجاز الإجراء وساعة تحرير المحضر إذا كانت تخالف ساعة إنجاز، وتكمن أهمية تحديد ساعة إنجاز الإجراء إلى أن معظم إجراءات البحث الابتدائي مرتبطة بالوقت كالحراسة النظرية و التفتيشات ، كما أن لتحديد ساعة وتاريخ إنجاز المحضر أهمية أساسية عند حساب التقادم.
بالإضافة إلى ذلك علي محرر المحضر أن يحدد طبيعة المحضر من طرفه فيذكر ما إذا كان محضر استجواب أو معاينة أو تفتيش أو إنابة قضائية ... إلى آخره .
* البيانات الواجبة التضمين في محاضر الاستماع
سواء تعلق الأمر بالاستماع إلى المشتبه فيه أو الشاهد أو الضحية ، فيجب أن يتضمن محضر الاستماع- بحسب الفترة الثالثة من المادة23إجراءات جنائية-إلي:
أ- هوية الشخص الذي تم الاستماع إليه،ولأجل تأكيد الهوية يسجل رقم بطاقة التعريف إن وجدت
ب- التصريحات التي يدلي بها.
ج- الأجوبة التي يرد بها علي الأسئلة دون تدوين الأسئلة إلا عند الاقتضاء لكونها تفهم من خلال الأجوبة غالبا
د- إشعار المشتبه فيه بالأفعال المنسوبة إليه
هـ- الإشارة علي أن المصرح قرأ تصريحاته بنفسه أو قرأت عليه ثم تدون الإضافات والتغيرات وكذلك الملاحظات التي يبديها المصرح ، فإن لم يبد أية ملاحظة أو إضافات أو تغيرات وجب الإشارة إلى عدم وجودها.
و- توقيع المصرح إلى جانب توقيع ضابط الشرطة القضائية علي المحضر مع تدوينه لاسمه بخط يده ، فإن كان لا يحسن الكتابة أو التوقيع يضع بصمته ثم يشار في المحضر إلى أنه لا يحسن الكتابة أو التوقيع ، أما إذا رفض التوقيع أو الابصام أو كان لا يستطيع القيام بأي منها وجبت الإشارة إلى ذلك مع بيان أسباب رفض التوقيع أو الابصام أو عدم إستطاعة المصرح القيام بذلك .
إن عدم احترام هذه الشروط من شأنه أن يفقد المحضر قوته الإثباتية فيصبح مجرد معلومات لا ترقى إلى درجة الدليل طبقا للمادة388 إجراءات جنائية التي تقرر أن << كل محضر أو تقرير ليست له قيمة إثباتية إلا إذا كان صحيحا شكلا وكان محرره قد تصرف أثناء ممارسته لوظائفه ونقل في مجال إختصاصه ما رآه أو سمعه أو عاينه شخصيا >>.
المبحث الثاني
القيمة القانونية للمحاضر وجزاء خرق شروطها
لما كانت محاضر الشرطة القضائية تعتبر وسائل إثبات أساسية يعتمد القضاء الجزائي عليها في تكييف الجريمة وإصدار العقوبة ، فقد أحاط المشرع هذه المحاضر بمجموعة من الشروط والشكليات يتعين إحترامها نظرا لما تشكله من ضمانات لحقوق وحريات المشتبه بهم .
لكن المحاضر لا تحظى كلها بنفس القيمة القانونية وإنما تتفاوت في ذلك ، كما أن المشرع رتب جزاءات قانونية علي خرق الشروط والشكليات الواجبة بحكم القانون وسنتناول ذلك من خلال المطالب التالية
المطلب الأول
القيمة القانونية للمحاضر
تعتبر محاضر البحث الابتدائي من الأدلة الكتابية التي تملك المحكمة كل السلطة في أن تبني قناعتها بثبوت الجريمة أو نفيها عليها لكونها محررا رسميا يتضمن وقائع وتصريحات شهد علي صحتها ضابط الشرطة القضائية محرر المحضر، لكن حجية المحاضر بما تمثله من قوة إثباتية تنقسم إلى عدة أقسام هي:
أولا: المحاضر التي تعتبر دليلا قاطعا
يقصد بالدليل القاطع الدليل الذي لا يقبل إثبات العكس ، وقد أورد المشرع الموريتاني هذا النوع من المحاضر ضمن المادة 392 إجراءات جنائية والتي تضمنت << تنظم بقوانين خاصة المواد التي تكون موضوع محاضر مثبتة ولا يمكن الطعن فيها إلا بالتزوير >>.
من خلال هذه المادة يتضح أن هذا النوع من المحاضر يعتبر حجية قانونية ، فهو قرينة قانونية قاطعة لا يمكن إثبات عكس ما تضمنته بالوسائل العادية ولا يمكن الطعن فيها إلا بالتزوير وفقا لإجراءات الطعن بالتزوير الواردة في المواد من 578 إلى 583 من الإجراءات الجنائية ومن أمثلة هذه المحاضر:
- المحاضر المنجزة من طرف الجمارك في حدود اختصاصهم وفقا للمادة 218 من قانون الجمارك الموريتاني ذي الرقم74-026 بتاريخ 26 يناير1974 وقد تضمنت المادة المذكورة ما يلي :<< للمحاضر المحررة من طرف عونين محلفين من الجمارك أو من طرف كل إدارة أخرى قوة الثبوت حتى الطعن بالتزوير في المعاينات المادية التي تروي الحادثة ...>>.
- محاضر مخالفات الصيد البري المادة6 من مدونة الصيد البحري
ولعل السبب في إعطاء هذا النوع من المحاضر الحجية القاطعة هي:
1- صعوبة الإثبات في مثل هذه الجرائم موضوع المحاضر فمن شبه المستحيل إثبات هذه الجرائم بالشهادة أو الاعتراف
2- كون هذه المحاضر تثبت المخالفات وهذه لا تشكل الخطورة التي يمثلها إثبات الجنح والجنايات وغالبا ما تقتصر عقوباتها علي الغرامات.
ثانيا: المحاضر التي تعتبر دليلا بسيطا
يقصد بالدليل البسيط الدليل الذي يقبل إثبات العكس والمحاضر المعتبرة دليلا بسيطا يوثق بمضمونها إلى أن بثبت ما يخالفه وفقا للمادة390 إجراءات جنائية والتي جاء فيها << في الحالات التي يخول القانون فيها بنص خاص سلطة معاينة الجرائم بواسطة محاضر أو تقارير لضباط أو وكلاء الشرطة القضائية والموظفين والأعوان المكلفين ببعض مهام الشرطة القضائية فإن الدليل العكس لا يمكن أن يقع إلا بواسطة الكتابة أو الشهود >>والمادة389 إجراءات جنائية تقرر أنه << باستثناء الحالات التي ينص فيها القانون علي خلاف ذلك فإن المحاضر والتقارير التي تعاين الجنح لا يمكن أن تؤخذ إلا على سبيل استئناس بسيط >>.
ولعد المقصود بالاستئناس البسيط هو الاستدلال البسيط ، بمعني آخر هو اعتبار هذه المحاضر دليلا بسيطا يوثق بمضمونه إلى أن يثبت ما يخالفه ، وهذا المعنى يؤيده نص المادة باللغة الفرنسية .
فالمحاضر التي تعاين الجنح تعتبر دليلا علي الوقائع والتصريحات التي تضمنها،لكنها ليست دليلا قاطعا وإنما هي دليل بسيط أي قابل لإثبات عكس ما تضمنه ويكون إثباته بإحدى طريقتين هما الكتابة أو الشهادة. وسنعرض ذلك في حينه.
ثالثا:المحاضر التي تعتبر مجرد معلومات
الأصل أن المحاضر التي تعاين الجنايات هي مجرد بيان أو معلومات فقيمتها إعلامية لا إثباتية وإذا كان قانون الإجراءات الجنائية لم ينص علي ذلك صراحة ، إلا أنه بإستقراء المواد المتعلقة بإقامة الأدلة أمام محكمة الجنح نجد أن المحاضر التي تعاين الجنح لا يؤخذ بها إلا علي سبيل استئناس بسيط أي استدلال بسيط أو استرشاد فيكون الأولى أن لا تأخذ المحاضر التي تعاين الجنايات إلا علي سبيل الافادة للعدالة تماما كالمحاضر المحررة من طرف عسكري الدرك والتي تعاين الجنايات ، طبقا للمادة132 من المرسوم 70-172 والتي نصت علي أنه << للمحاضر المحررة من طرف عسكري الدرك قيمة إعلامية أو إفادة للعدالة إلى أن تثبت أدلة معاكسة أثناء المعاينات ولا تصلح دليلا حتى الطعن بالتزوير إلا في الحالة الصريحة التي يخول لها القانون هذه القوة المقنعة >>
ومن جهة ثانية عندما نتتبع القسم المتعلق بتقديم الأدلة وبحثها أمام المحكمة الجنائية والمنظمة بالمواد من 293 إلى 317 إجراءات جنائية، نجد أنها لا تتحدث عن محاضر البحث الابتدائي ولا تذكر سوى إستنطاق المتهم والاستماع إلي الشهود وأداء اليمين ،وهو ما يعزز القول بان المحاضر التي تعاين الجنايات هي لمجرد الإفادة ، ومع ذلك يمكن للمحكمة أن تحكم بناء عليها متى اقتنعت بمضمونها المعزز بالقرائن والأدلة الأخرى.
المطلب الثاني
جزاء خرق شروط وشكليات المحاضر
رتب القانون علي خرق شروط وشكليات انجاز المحاضر جزاءات قانونية تختلف باختلاف الشروط أو الشكليات التي لم يتقيد بها محرر المحضر، فخرق الشروط الواجبة بقوة القانون يترتب عنها بطلان المحضر الذي يمكن لقاضي الموضوع أثارته من تلقاء نفسه لكونه من النظام العام، كما يمكن الدفع ببطلان المحضر أمام محكمة الموضوع من طرف المتهم أو محاميه والذي يملك كذلك الحق في الطعن في قوة المحاضر وذلك من خلال الدفع بعدم صحة ما ورد فيها واثبات ما يخالف مضمونها ويكون ذلك بإحدى طريقتين هما:
أولا: الدفع ببطلان المحضر
تعد المحاضر أدلة كتابية ناتجة عن مجموعة من الإجراءات التي يقوم بها ضابط الشرطة القضائية منها على وجه الخصوص ، الضبط في حالة التلبس والوضع تحت الحراسة النظرية والتفتيش المنزلي ، وكل هذه الإجراءات منظمة بقواعد جوهرية منصوصة في قانون الإجراءات الجنائية فمتى وقع الإخلال بإحدى هذه القواد أمكن الدفع ببطلان المحضر المتضمن للإجراء الباطل وقدم الدفع أمام محكمة الموضوع ،و.يقصد بالدفع الجنائي أوجه الدفاع الموضوعية أو القانونية المختلفة والتي يثيرها الخصم لأجل تحقيق غايته في الدعوى الجنائية ، وتنقسم الدفوع من حيث طبيعتها إلي دفوع شكلية و دفوع موضوعية ، فأما الدفوع الشكلية فلا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض خلافا للدفوع الموضوعية التي يمكن التمسك بها في أية مرحة من مراحل الدعوى، ويجب علي القاضي الجنائي أن يناقشها ويمحصها ويرد عليها في حكمه ، ومن أمثلة الدفوع الجوهرية فيما يتعلق بمحاضر الشرطة القضائية والتي قد ترتب البطلان :
*الدفع بانعدام حالة تلبس
تمكن إثارة الدفع بانعدام حالة التلبس المنصوص عليها في المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية من عدة أوجه منها على سبيل المثال
أ – أن المشتبه فيه لم يضبط في أي حالة من حالات التلبس الواردة في المادة 46 التي تضمنت (( تكوين الجناية أو الجنحة متلبسا بها .
1- إذا ضبط الفاعل أثناء ارتكاب الجريمة أو على أثر ارتكابها
2- إذا كان الفاعل مازال مطاردا بصياح الجمهور
3- إذا وجد الفاعل بعد مرور وقت قريب من ارتكاب الفعل حاملا سلاحا أو أمتعة أو ظهرت عليه آثار أو أدلة تحمل على الاعتقاد بأنه شارك في الجناية أو الجنحة.
يعتبر بمثابة الجناية أو الجنحة المتلبس بها ولو لم ترتكب طبقا للظرف المقررة في البنود السابقة قيام رب المحل باستدعاء وكيل الجمهورية أو أحد ضباط الشرطة القضائية لمعاينة الجريمة)) .
ب- أن من قام بضبط المتهم ليست له صفة ضابط الشرطة القضائية
ج – إنجاز محضر تلبس دون الإشارة فيه إلي صفة محرر المحضر أو توقيعه وهو ما يترتب عنه انعدام حالة التلبس القانوني .
* الدفع بعدم إجراءات صحة التفتيش
عند ما يقع التفتيش مخالفا لأحكامه الواردة في قانون الإجراءات الجنائية فإن ذلك يؤدي إلي بطلانه ومن ثم بطلان الدليل المتحصل عليه عن طريقه ، ويجب إثارة الدفع ببطلان التفتيش قبل إثارة أي دفع أو دفاع لكونه من الدفوع الشكلية المادة 345 من قانون الإجراءات الجنائية
ويمكن الدفع بكون التفتيشات المنزلية وقعت مخالفة لأحكام المادة 69 من قانون الإجراءات الجنائية ،أو لكونها وقعت خارج الأوقات القانونية المحددة بالمادة 52 من قانون الإجراءات الجنائية، وذلك لكون هذه التفتيشات وقعت قبل الخامسة صباحا أو بعد العاشرة مساء في غير الاستثناءات، أو لأنه لم تتخذ التدابير للازمة لاحترام السير المهني والشعائر الدينية أو حقوق الدفاع الواردة في المواد 49-50 من قانون الإجراءات الجنائية ،أو إذا لم تقع الاستعانة بالأشخاص المبين في المادة 53 من قانون الإجراءات الجنائية ، عندما تقتضي المعاينات ذلك ، كما يجب استبعاد المحجوزات المتحصل عليها نتيجة تفتيشات باطلة وبقاء محضر البحث صحيحا إذا كانت بقية إجراءاته صحيحة ، خاصة فيما يتعلق باستجواب المشتبه فيه والذي لا تشترط في صحته صحة إجراءات التلبس ، والأمر ذاته ينطبق على إجراءات الحراسة النظرية مادامت صحيحة ، وفي هذا الإطار قضت محكمة النقض المصرية بتاريخ 31/12/1984 في قرارها رقم 613 بالآتي ( بطلان التفتيش لا يحول دون أخذ القاضي بجميع عناصر الإثبات الآخر المستقلة عنه والمؤدية إلي النتيجة التي أسفر عنها التفتيش))
* الدفع بعدم صحة إجراءات الحراسة النظرية
لم يرتب قانون الإجراءات الجنائية البطلان على الإخلال بإجراءات الوضع تحت الحراسة النظرية ، فتبقي المحاضر المحررة خلال فترة حراسة نظرية تجاوزت الحدود القانونية أولم تراعي فيها الإجراءات الجنائية الواجبة ، تبقي تطرح إشكالا قانونيا فمن جهة تعتبر إجراءات الحراسة النظرية جوهرية ، ومن جهة أخرى فإن المشرع لم يرتب البطلان على مخالفتها .
ونحن نعتقد أنه لما كانت أحكام الوضع تحت الحراسة النظرية من النظام العام وقد نص عليه في قواعد جوهرية وضمن إجراءات جوهرية تجد سندها من الدستور الذي يحمي الحريات العامة ، وكانت الحراسة النظرية تتعلق بحرية الأفراد التي أحاطها المشرع بعدة ضمانات قانونية ، فمن غير المعقول عدم ترتيب جزاء البطلان على مخالفة قواعد الوضع تحت الحراسة النظرية ، وعليه متى نتجت عن عدم مراعاة الإجراءات القانونية للحراسة النظرية أشابة البحث الابتدائي بعيون جوهرية ترتب على ذلك بطلان هذه المحاضر ، كما لو أطيلت فترة الحراسة النظرية فتجاوزت حدودها القانونية ، وكان الغرض من ذلك إكراه المشتبه فيه على الاعتراف بنسبة الأفعال المجرمة إليه ، ففي هذه الحالة يكون محضر البحث مشوبا بعيب جوهري يؤدي إلي بطلانه.
*- الدفع بعدم صحة الاعتراف المنتزع بالإكراه أو التعذيب
جاء في الفقرة الأخيرة من المادة التمهيدية من قانون الإجراءات الجنائية ما يلي
( لا يعتد بالاعتراف المنتزع تحت التعذيب أو العنف أو الإكراه ) وبناء على هذا النص فإن كل اعتراف وقع بسبب التعذيب أو العنف أو الإكراه يعتبر باطلا ولا يمكن الاحتجاج به،وعليه فإن المحاضر المتضمنة لاعتراف باطل لا يصح اعتبارها دليل إثبات
وقد أعطي المشرع لكل شخص مشتبه فيه وضع تحت الحراسة النظرية الحق في أن يجرى عليه فحص طبي ، فيطلب بنفسه إجراء فحص طبي أو يقدم طلبه بواسطة أحد أفراد أسرته.
و متى دفع المتهم أمام المحكمة ببطلان الاعتراف المنسوب إليه والوارد في محضر البحث الابتدائي لكونه انتزع بالتعذيب أو العنف أو الإكراه وثبت ذلك للمحكمة أو حصل عندها الشك به، ويجب عليها طرحه جانبا وعدم الإقتداء به واستبعاد المحضر باعتباره باطلا
ثانيا : الدفع بعدم توقيع المحضر
تمكن إثارة عدم توقيع المحضر من طرف محرره أو من طرف المشتبه بهم،وذلك على الرغم من أن قانون الإجراءات الجنائية لم يرتب الجزاء على مخالفة قاعدة إلزامية توقيع المحضر من محرره ومن المشتبه فيه ، فما هي الإثارة المترتبة إذن عن الدفع بعدم توقيع المحضر؟
الدفع بعدم توقيع المحضر من محرره
إن واجب توقيع المحضر من محرره نصت عليه الفقرة السادسة من المادة 23من قانون الإجراءات الجنائية << ... يوقع المصرح إلي جانب ضابط الشرطة القضائية على المحضر عقب التصريحات وبعد الإضافات ويدون اسمه بخط يده.
وإذا كان لا يحسن الكتابة أو التوقيع يضع بصمته ويشار إلا ذلك في المحضر........>>.
لكن قانون الإجراءات الجنائية الجديد لم يرتب الجزاء على عدم توقيع المحضر من طرف محرره على الرغم من أن الغرض من تقرير هذه القاعدة هو حماية المحضر ذاته من أن تقحم فيه بيانات أو تصريحات لم تصل إلى علم ضابط الشرطة القضائية المعد للمحضر،فالمفروض أن لا يوقع ضابط الشرطة القضائية على محضر تضمن تصريحات لم يستمع إليها أو تضمن معلومات لم تصل إلى علمه، وبالإضافة إلى ذلك فإن توقيع المحضر من محرره يعتبر ضروريا من أجل تحديد المسؤوليات، وفي اعتقادنا أنه متى كان المحضر غير موقع من طرف ضابط الشرطة القضائية الذي حرره ، فإنه يكون فاقدا لقيمته القانونية كمحضر بحث ابتدائي، لأنه من واجب ضابط الشرطة القضائية فور إنجازه لمحضر البحث أن يوافي وكيل الجمهورية بأصل المحضر ونسخة طبق الأصل منه طبقا للمادة 22 من الإجراءات الجنائية، ومعلوم أنه لا يمكن التميز بين أصل المحضر ونسخة منه ما لم يمكن المحضر موقعا من طرف محرره، فإن لم يكن المحضر موقعا من محرره، فقد صفة الرسمية فلا يمكن أن يعتد به إلا باعتباره وثيقة عرفية لا رسمية، وهي لمجرد الاسترشاد أو الاستعلام لا غير.
*الدفع بعدم توقيع المحضر من المشتبه فيه
جاء في المادة 23 من الإجراءات الجنائية وجوب توقيع المصرح إلى جانب ضابط الشرطة القضائية فإن كان لا يحسن الكتابة أو توقيع يضع بصمته ويشار إلى ذلك في المحضر،ولما كان المصرح يحق له التوقيع على أقواله والإبصام عليها كما يحق له أن يرفض التوقيع أو والإبصام طبقا للفقرة الأخيرة من المادة 23 فإنه يكون من الواضح في اعتقادنا أن المشرع تعمد عدم ترتيب الجزاء على غياب توقيع المشتبه فيه على أقواله المتضمنة في محضر البحث ، وهذا يعني أن غياب توقيع المشتبه فيه لا يمكن اعتباره من الشروط الشكلية المؤثرة على المحضر من حيث صحته وقوته الاثباتية وإلا لما جعل التوقيع مساويا للإبصام الذي قد يقع بالإكراه البدني ثم لما جعل التوقيع أو والإبصام مساويان للإشارة إلى رفضهما أو العجز عنهما
المطلب الثالث
الدفع بعدم صحة ما ورد بالمحضر وا