المبحث الثاني : تحديد البحر الإقليمي
أولاً- اتساع البحر الإقليمي:
كان موضوع امتداد البحر الإقليمي للدولة الشاطئية من أكثر المسائل الخلافية بين الدول فلقد كانت بعض الدول ترى أن هذا الحق ثابت للدولة تفريعاً على اختصاصاتها الداخلي، بينما يرى البعض الأخر أن تحديد مدى البحر الإقليمي من مسائل القانون الدولي التي يجب على الدول الالتزام فيها بالقواعد العرفية أو الاتفاقية.
وبعد خلافات طويلة حسمت اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1982 الموضوع عندما قررت أن لكل دولة الحق في أن تحدد عرض بحرها الإقليمي بمسافة لا تتجاوز 12 ميلاً بحرياً مقاسة من خطوط الأساس المقررة وفقاً لهذه الاتفاقية.
ثانياً- قياس البحر الإقليمي:
1- خطوط الأساس المستقيمة:
أقرت اتفاقية جنيف عام 1958 نظام الخطوط المستقيمة وجاءت عام 1982 لتأخذ بنفس النظام مع وضع قواعد تفصيلية لتطبيقه، تتلخص فيما يلي:
أ- حيث يوجد في الساحل انبعاج عميق وانقطاع، أو حيث توجد سلسلة من الجزر على امتداد الساحل وعلى مسافة قريبة منه مباشرة، يجوز أن تستخدم في رسم خط الأساس الذي يقاس منه عرض البحر الإقليمي طريقة خطوط الأساس المستقيمة التي تصل بين نقاط مناسبة.
ب- حيث يكون الساحل شديد التقلب بسبب وجند دلتا وظروف طبيعية أخرى يجوز اختيار النقاط المناسبة على أبعد مدى باتجاه البحر من حد أدنى الجزر، وبغض النظر عما يحدث بعد ذلك من انحسار في حد أدنى الجزر، تظل خطوط الأساس المستقيمة سارية المفعول إلى أن تغيرها الدولة الساحلية وفقاً لهذه الاتفاقية.
ج- يجب ألا ينحرف رسم خطوط الأساس المستقيمة أي انحراف ذي شأن عن الاتجاه العام للساحل.
د- لا ترسم خطوط الأساس المستقيمة من المرتفعات التي تنحسر عنها المياه عند الجزر وإليها، ما لم تكن قد بنيت عليها حفائر أو منشآت مماثلة تعلو دائماً سطح البحر، أو في الحالات التي يكون فيها مد خطوط الأساس من هذه المرتفعات وإليها قد حظي باعتراف دولي عام.
هـ- لا يجوز لدولة أن تطبق نظام خطوط الأساس المستقيمة على نحو يفصل البحر الإقليمي لدولة أخرى عن أعالي البحار أو من المنطقة الاقتصادية الخالصة.
2- بعض الحالات الخاصة:
أ- الأنهار: إذا كان هناك نهر يصب مباشرة في البحر فإن خط الأساس الذي منه قياس البحر الإقليمي يكون خطاً مستقيماً عبر مصب النهر بين نقطتين على حد أدنى الجزر.
ب- الموانئ: عند تعيين حدود البحر الإقليمي، فإن المنشآت المرفئية الدائمة التي تشكل جزءاً أصيلاً من النظام المرفئي تعتبر مهما بعدت جزءاً من الساحل إلا أن المنشآت المقامة في عرض البحر والجزر الصناعية لا تعتبر من المنشآت المرفئية الدائمة.
وتطبيقاً لذلك فلا يبدأ قياس البحر الإقليمي إلا من المنطقة التي تعد أبعد أجزاء المنشآت الدائمة في الميناء، ذلك لأن العرف الدولي يعتبر هذه المنشآت الدائمة وما يحيط بها من مياه جزءاً من إقليم الدولة البري.
* أما المراسي التي تستخدم عادة لتحميل السفن وتفريغها ورسوها، والتي تكون لولا ذلك واقعة جزئياً أو كلياً خارج الحد الخارجي للبحر الإقليمي، تدخل في حدود الإقليمي.
ثالثاً- تعيين حدود البحر الإقليمي في حالة الدول المتقابلة والمتلاصقة:
عندما تكون سواحل دولتين متقابلة أو متلاصقة، لا يحق لأي من دولتين، في حال عدم وجود اتفاق بينهما على خلاف ذلك، أن تمد بحرها الإقليمي إلى أبعد من الخط الوسط الذي تكون كل نقطة عليه متساوية في بعدها عن أقرب النقاط على خط الأساس الذي يقاس منه عرض البحر الإقليمي لكل من الدولتين، غير أن هذا الحكم لا ينطبق حيث يكون من الضروري بسبب سند تاريخي أو ظروف خاصة تعيين حدود البحر الإقليمي لكل من الدولتين بطريقة تخالف هذا الحكم.
الفصل الثاني : المضايق المستخدمة للملاحة الدولية
أولاً- تعريف المضيق:
هو عبارة عن مياه تفصل بين جزئيين من اليابسة وتصل بين بحرين، ويشترط فيه:
1- أن يكون جزءاً من البحر.
2- أن يكون قد تكون بطريقة طبيعية وليس صناعية.
3- أن يكون محدود الاتساع.
4- أن يكون المضيق صالحاً للملاحة الدولية المتجهة إلى غير موانئ سواحل ذلك المضيق.
* وقد اختلف الفقه في تحديد اتساع المضيق، وإن كان الرأي الغالب يعتبر وصف المضيق متحققاً إذا كان الاتساع لا يتجاوز عرض البحر الإقليمي عندما يكون واقعاً بين إقليمي الدولتين، أما إذا زاد المضيق عن هذا الاتساع اعتبر جزءاً من أعالي البحار.
ثانياً- النظام القانوني للمضايق:
تعتبر حرية الملاحة في المضايق المستخدمة للملاحة الدولية من المبادئ المستقرة في العلاقات الدولية والقضاء الدولي حيث أقرته محكمة العدل الدولية في قضية مضيق كورفو فاعتبرت حرية الملاحة فيه هي المبدأ في وقت السلم لكل السفن بما فيها السفن الحربية دون حاجة إلى أن مسبق بالمرور من الدولة الساحلية وأن هذه السفن تلتزم بأحكام نظام المرور البريء عند عبورها المضيق.
* ولقد سعت اتفاقية جنيف 1958 مفهوم المضيق الذي يخضع فيه مرور السفن لنظام المرور البريء حيث قررت أنه لا يجوز تعطيل استخدام السفن الأجنبية لحق المرور البريء في المضايق التي تصل بين أجزاء من أعالي البحار أو تصل جزءاً من أعالي البحار بالبحر الإقليمي لدولة أجنبية.
وهناك عدد كبير من المضايق قد تم تنظيم أمور الملاحة فيها بمقتضى اتفاقيات دولية خاصة نظراً لأهميتها للملاحة الدولية أو مواقعها الإستراتيجية مثل مضيق ماجلان.
وقد تقدمت الدولة الملاحية الكبرى بمشاريع الهدف منها تقرير المرور الحربية لكافة السفن تجارية كانت أم حربية، في الوقت الذي جاهدت فيه الدول المطلقة على المضايق للإبقاء على نظام المرور البريء، ولقد تبنت وجهة نظر الدول الملاحية عندما استحدثت نظام المرور العابر الذي يرى فيه البعض حلاً وسطاً توفيقياً بين نظام المرور الحر ونظام المرور البريء.
ثالثاً- حق المرور العابر:
إن المضايق التي تخضع لنظام المرور العابر هي المستخدمة للملاحة الدولية وتصل بين جزء من أعالي البحار أو منطقة اقتصادية خالصة، وجزء آخر من أعلا أو منطقة اقتصادية خالصة، وبناء على ذلك فإذا كان المضيق يربط بين جزء من أعالي البحار أو منطقة اقتصادية خالصة وبحر إقليمي لدولة أجنبية فلا يخضع لهذا النظام وإنما يخضع لنظام المرور البريء.
والمرور العابر هو ممارسة حرية الملاحة والتحليق لغرض وحيد هو العبور المتواصل السريع في المضيق، ولكن إذا دعت الضرورة يجوز الدخول عبر المضيق إلى دولة مطلة على المضيق أو مغادرتها أو العودة منها، مع مراعاة شروط الدخول إلى تلك الدولة، كما لا ينطبق نظام المرور العابر إذا وجد خلال المضيق طريق في أعالي البحار أو طريق يمر بمنطقة اقتصادية خالصة في أعالي البحار أو طريق في منطقة اقتصادية خالصة يكون ملائماً بقدر مماثل من حيث الخصائص الملاحية، كما لا ينطبق على المضيق المشكل بجزيرة الدولة في أعالي البحار أو طريق في منطقة اقتصادية خالصة يكون ملائماً بقدر مماثل من حيث الخصائص الملاحية.
1- واجبات السفن والطائرات أثناء المرور العابر:
على السفن والطائرات أثناء ممارستها حق المرور العابر:
أ- أن تمضي دون إبطاء خلال المضيق أو فوقه.
ب- أن تمتنع عن أي تهديد بالقوة أو أي استعمال لها ضد سيادة الدولة المشاطئة للمضيق.
ج- أن تمتنع عن أي نشاط لها يتصل بالعبور المتواصل السريع.
2- حقوق الدولة المشاطئة للمضيق:
أ- الحق في تعيين ممرات بحرية للملاحة في المضيق وأن تقرر نظماً لتقسيم حركة المرور حتى يكون ذلك لازماً لتعزيز سلامة مرور السفن.
ب- أن تستبدل عند الحاجة ممرات بحرية كانت قد عينتها في السابق، بشرط أن تقوم بالإعلان عن ذلك.
ج- الحق في وضع القوانين التي تكفل حماية المصالح الجمركية أو المتعلقة بشئون الهجرة أو الصحة.
وبالمقابل أن هناك التزاماً على هذه الدول بألا تعيق المرور العابر وبأن تقوم بالإعلان المناسب عن أي خطر يكون لها علم به يهدد الملاحة أو التحليق داخل المضيق أو فوقه، ولا يوقف المرور العابر.
رابعاً- المضايق التي ينطبق عليها نظام المرور البريء:
هناك بعض المضايق المستثناة من تطبيق نظام المرور العابر وهي التي تصل بين أجزاء من أعالي البحار أو منطقة اقتصادية خالصة وبين البحر الإقليمي لدولة أجنبية والمضايق التي تكون مشكلة بجزيرة للدولة المشاطئة للمضيق ويبرر هذه الدولة، ووجد في اتجاه البحر في الجزيرة طريق في أعالي البحار أو طريق في منطقة اقتصادية خالصة، يكون ملائماً بقدر مماثل من حيث الخصائص الملاحية، ولكن هذا النوع من المرور البريء لا يجوز إيقافه وبذلك يختلف عن نظام المرور البريء الذي تمارسه الدولة في بحرها الإقليمي الذي لا يشكل مضيقاً حيث يمكنها إيقاف هذا المرور في أحوال وبشروط معينة، أما بالنسبة للغواصات فلا بد وهي تمارس المرور البريء في تلك المضايق أن تعبر وهي طافية ورافعة أعلامها، كذلك فإن الطائرات لا يمكنها أن تمارس التحليق، وفقاً للرأي الغالب في الفقه والعمل الدوليين، إلا بإذن من الدولة المشاطئة للمضيق.
الفصل الثالث : المنطقة المتاخمة
المنطقة المتاخمة هي منطقة من أعالي البحار تجاور مباشرة البحر الإقليمي للدولة الشاطئية وتباشر عليها بعض الاختصاصات في الشئون الاقتصادية والمالية والجمركية والصحية، كما يكون للدولة ممارسة بعض السلطات عليها من أجل المحافظة على أمنها على حيادها في حالة الحرب.
أولاً- المنطقة المتاخمة في إلغائه والعمل الدوليين:
لقد سلم الفقه الدولي بصفة عامة بمبدأ المنطقة المتاخمة كنتيجة حتمية للحاجة إلى حماية المصالح المادية والجمركية للدول البحرية، ومن ثم فإن المنطقة المتاخمة أصبحت نظاماً من أنظمة القانون الدولي العرفي قبل أن تدخل دائرة القانون الوضعي بتوقيع اتفاقية البحر الإقليمي والمنطقة المتاخمة.
ولقد أقرت المادة 1/24 من اتفاقية جنيف سنة 1958 فكرة المنطقة المتاخمة وأوردت مسألة مراقبة الهجرة من ضمن المسائل التي يمكن للدولة الساحلية حمايتها في هذه المنطقة، وأضافت الاتفاقية أنه لا يجوز أن تمتد هذه المنطقة إلى أثر من 12 ميلاً بحرياً وراء البحر الإقليمي.
ثانياً- المنطقة المتاخمة في اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1982:
ترى بعض الدول أن وجود المنطقة الاقتصادية الخالص يعني عن وجود المنطقة المتاخمة ولكن في الحقيقة لا يمكن أن تكون المنطقة الاقتصادية بديلاً كاملاً لفكرة المنطقة المتاخمة من حيث النطاق الكافي إلا أنه تبقى هناك دائماً وظائف تؤديها المنطقة المتاخمة وتقصر المنطقة الاقتصادية على مجرد حقوق رقابة على بعض المسائل التي تتعلق بأمن وسلامة الدولة الساحلية.
وتجدر الإشارة إلى أنه حين كانت اتفاقية 1958 تقرر تطبيق قاعدة خط الوسط في حالة التقابل أو التجاور بين سواحل دولتين عند عدم وجود مساحات مائية تكفي لحصول دولة على منطقة ملاصقة كاملة، فإن الاتفاقية الجديدة لم تشر إلى ذلك إطلاقاً، وعل ذلك يرجع إلى أن المنطقة الملاصقة هي من حيث نطاقها المكاني جزء من المنطقة الاقتصادية ومن ثم يسري عليها ما يسري على المنطقة الاقتصادية بشأن التحديد في حالة التقابل أو التجاور بين دولتين ساحليتين.
ولقد تضمنت اتفاقية 1982 حكماً جديداً يخول الدولة الساحلية في المنطقة الملاصقة بغية السيطرة على الاتجار بالأشياء ذات الطابع الأثري والتاريخي حق اقتراض أن من شأن انتشال هذه الأشياء من قاع البحر في هذه المنطقة، دون مرافقتها، خرق القوانين والأنظمة الجمركية أو الضريبية أو المتعلقة بالهجرة أو الصحة داخل إقليمها.
الفصل الرابع : المنطقة الاقتصادية الخالصة
المنطقة الاقتصادية الخالصة التي تمتد إلى مسافة 200 ميل بحري مقيسة من خطوط الأساس الذي يبدأ منها قياس البحر الإقليمي من إحدى أوجه التطور الهامة التي استحدثتها اتفاقية البحار الجديدة من أجل تحقيق التوازن بين مختلف المصالح، وكما وأنها تعد أحد الخطوط الهامة على سبيل إعادة تنظيم القسم الوطني من البحر في مقابل البحر العام الذي تتعاون مجموعة من الدول إلى التوصل إلى أفضل وسيلة لاستغلاله في صالح شعوب العالم بصفة عامة.
المبحث الأول : حقوق وواجبات الدول في المنطقة الاقتصادية الخالصة
أولاً- حقوق الدولة الساحلية:
1- حقوق الدولة الساحلية على الموارد الطبيعية الحية وغير الحية:
فالدولة الساحلية لها حقوق سيادية بفرض استكشاف الموارد الطبيعية الحية وغير الحية المتجددة فيها وغير المتجددة لقاع البحر وباطن أرض ومياهه العارية واستغلال هذه الموارد وإدارتها.
والمحافظة على الموارد الحية في المتعلقة الاقتصادية واجب يتعين على الدولة الساحلية العمل على تحقيقه، مع السماح لرعايا الدول الأخرى بالصيد في المنطقة الاقتصادية في حالة عدم امتلاك الدولة الساحلية للقدرة على جني كمية الصيد المسموح لها.
2- ولاية الدولة الساحلية في قامة الجزر الصناعية والمنشآت:
للدولة الساحلية حق إقامة الجزر الصناعية والمنشآت والأبنية واستخدامها وهو حق تنفرد به وتكون لها الولاية الكاملة على ما تقوم بإنشائه منها، وتقوم الدولة الساحلية بتقرير عرض مناطق السلامة على أن تأخذ في اعتبارها المعايير الدولية المنطقية ولا يجوز أن تتجاوز مسافة 500 متر حولها، كما لا يجوز إقامة الجزر والمنشآت ومناطق السلامة إذا ترتب على ذلك تدخل في استخدام الممرات البحرية المعترف بها والضرورية للملاحة الدولية، ولا يكون للجزر والمنشآت بحر إقليمي خاص بها ولا يؤثر وجودها على تعيين حدود البحر الإقليمي.
3- البحث العلمي وصيانة البيئة البحرية:
للدولة الساحلية ولاية خالصة في القيام بالبحث العلمي وصيانة البيئة البحرية في نطاق المنطقة الاقتصادية، وكذا الحقوق والواجبات الأخرى المنصوص عليها في الاتفاقية ويتعين الحصول على موافقة الدول الساحلية بشأن أي بحث يتعلق بالمنطقة تقوم به دولة أخرى.
4- حق المطاردة الحثيثة:
تمتلك الدولة الساحلية حقاً في ممارسة المطاردة الحثيثة للسفن التي تنتهك القوانين التي وضعتها لتطبق في نطاق منطقتها الاقتصادية أو امتدادها القاري.
وعلى الدولة الساحلية عند ممارستها لحقوقها في المنطقة الاقتصادية الخالصة، أن تراعي شرطين أساسيين هما:
أ- المراعاة الواجبة لحقوق الدول الأخرى وواجباتها، والتصرف على نحو يتفق وأحكام هذه الاتفاقية.
ب- ممارسة الحقوق الخاصة بقاع البحر وباطن أرضه وفقاً للأحكام الخاصة بالامتداد القاري.
ثانياً- التزامات الدول الساحلية:
1- أن تحظر عما تقوم بإنشائه من جزر صناعية أو منشآت ومبان.
2- أن تكفل عدم تعريض الموارد الحية لخطر الاستغلال المفرط.
3- أن تقوم بتحديد حدود المنطقة الاقتصادية بينها وبين الدول المجاورة.
4- ألا تمتنع عن الموافقة في الأحوال العادية في التصريح للمؤسسات المؤهلة بإجراء الأبحاث العلمية في المنطقة.
الاقتصادية.
ثالثاً- حقوق الدول الغير:
لكافة الدول أن تمارس حرية الملاحة في المنطقة الاقتصادية بالإضافة إلى حق التحليق في الفضاء الذي يعلوها، وكذا إرساء الأسلاك ومد الخطوط الأنابيب وغير ذلك، وللدول غير الساحلية وكذلك الدول الساحلية التي تقع في منطقة إقليمية جزئية أو في منطقة إقليمية خصائصها الجغرافية تجعل هذه الدولة معتمدة على استغلال الموارد الحية حق المشاركة في استغلال الموارد الحية للمناطق الاقتصادية الخاصة بالدول الساحلية الملاصقة، وتحدد هذه المشاركة اتفاقيات ثنائية بين الدول.
رابعاً- التزامات الدول الغير:
1- يلتزم رعايا الدول الغير الذين يقومون بالصيد في المنطقة الاقتصادية بتدابير الحفظ.
2- على الدول الغير السعي نحو الاتفاق على ما يلتزم به تدابير لتنسيق وضمان وإنماء الأرصدة الملزمة.
3- أن تحترم سفنها مناطق السلامة التي تقيمها الدولة الساحلية حول منشآتها.
4- لا يجوز للدول غير الساحلية ولا للدول الساحلية المحصورة أو التي في وضع جغرافي غير ملائم أن تنقل الحقوق الممنوحة لها في استغلال الموارد الحية دون موافقة صريحة من الدول الساحلية.
خامساً- نطاق المنطقة الاقتصادية الخالصة:
تحكم المنطقة الاقتصادية الخالصة قاعدة المائتي ميل بحر كامتداد لنطاقها، وتقاس المائتا ميل من خطوط قياس البحر الإقليمي، وبالنسبة للدول المتقابلة أو المتجاورة يتم تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة عن طريق الاتفاق استناداً إلى القانون الدولي، وإذا تعذر الوصول إلى اتفاق خلال فترة معقولة، تلجأ الدول إلى أساليب تسوية المنازعات التي نصت عليها الاتفاقية.
المبحث الثاني : الطبيعة القانونية للمنطقة الاقتصادية الخالصة
يحكم المنطقة الاقتصادية مبدأ انتفاء السيادة الإقليمية عليها فالمنطقة الاقتصادية تعد جزءاً من أعالي البحار، وبالتالي كل دولة حرية الملاحة البحرية والجوية في المنطقة الاقتصادية وكذا حرية وضع الكابلات والأنابيب.
وينطبق قانون علم السفينة في المنطقة الاقتصادية، وغير أنه للدول الساحلية الحق في اتخاذ التدابير اللازمة ومن بينها الصعود على ظهر السفن وتفتيشها، واحتجازها وإقامة الدعاوى القضائية ضدها حسبما يقتضي الحال لضمان تنفيذ قوانينها وأنظمتها الموضوعية لممارسة حقوقها السيادية في استكشاف واستغلال وحفظ إدارة الموارد الحية في منطقتها الاقتصادية.
ومما تقدم يتضح أن المنطقة الاقتصادية ليست بحراً إقليمياً للدولة كما أنها ليست جزءاً من البحر العالي فهي تجمع بين خصائص البحر الإقليمي حيث السيادة الكاملة وأعالي البحار حيث الحريات المطلقة للكل الدول، لذا فإن المنطقة الاقتصادية الخالصة هي منطقة ذات طابع قانوني خاص.
الفصل الخامس : الامتداد القاري
يرى غالبية الفقهاء أن قاع أعالي البحار وطبقات الأرض الواقعة تحته مالاً مباحاً يحق لأية دولة أن تستولي على جزء منه لتشغيله تحت مسئوليتها لخاصة وتستأثر به دون غيرها، على ألا يترتب على ذلك تعطيل الملاحة الدولية
ولما كان الامتداد القاري يعتبر دخلاً في أعالي البحار فقد حدا ذلك بفريق الفقهاء إلى القول بضرورة التمييز بين الرضع القانوني المياه أعالي البحار والوضع القانوني لقاع أعالي البحار وباطن ترتبه، على أساس أن فكرة المال المشترك لا يؤخذ بها إلا بالنسبة لنظام المياه في أعالي البحار، بينما قاع البحر وباطن ترتبه شيئاً مباحاً يقبل الاستيلاء بوضع اليد بقصد استغلال ثرواته، ونظراً لما ينطوي عليه هذا المفهوم من مخاط فقد نادى البعض بتغيير هذا المبدأ بحيث لا يجوز وضع اليد على قاع الامتداد القاري واستغلاله هو والثروات الكامنة فيه إلا بمعرفة الدول الساحلية.
أولاً- النظام القانون للامتداد القاري في ظل اتفاقية جنيف لعام 1958:
1- تعريف الامتداد القاري:
هو:
أ- قاع البحر وما تحته من المساحة الممتدة تحت الماء المجاورة للشاطئ خارج نطاق البحر الإقليمي حتى عمق مائتي متر أو إلى أبعد من ذلك متى كان عمق المياه يسمح باستغلال الموارد الطبيعية للمساحة المذكورة.
ب- قاع البحر وما تحته من المساحات المماثلة المجاورة للجزر.
2- حقوق الدولة السياحية على الامتداد القاري:
أ- تباشر الدولة الساحلية حقوق السيادة على الامتداد القاري بقصد اكتشافه واستغلال موارده الطبيعية.
ب- الحقوق التي تكتسبها الدولة الساحلية حقوق خاصة لا يجوز للغير المطالبة بها من غير موافقة صريحة من دولة الساحل.
ج- لا تستند الحقوق على الامتداد القاري إلى وضع اليد على إعلان صريح بذلك.
د- تشمل الموارد الطبيعية المعادن وغيرها من الموارد الحية الكائنة في قاع البحر أو تحته.
ويتمدد نطاق هذه الحقوق باكتشاف واستغلال موارده الطبيعية مع ما يتبع ذلك من إقامة المنشآت وتشغيل الأجهزة الضرورية لمباشرة هذه العمليات، ولكل دولة ساحلية الحق في أن تقيم مناطق أمن وسلامة حول ما تبنيه من منشآت أو تضعه من أجهزة، وتمتد هذه المناطق إلى مسافة 500 متر حول المنشآت والأجهزة وعلى سفن الدول احترام هذه المناطق أثناء عبورها في أعالي البحار.
والمقصود باستغلال الموارد الطبيعية في منطقة الامتداد القاري هو مصادر الثروة المعدنية في قاع البحر وتحت القاع، والمصادر غير الحية الأخرى الكائنة في قاع البحر وباطن الأرض والأحياء المائية من الفصائل الثابتة المستديمة وغير المتحركة، أما الأسماك والموارد الحية المتحركة فلا تدخل في نطاق الموارد الطبيعية التي يكون للدولة السياحية حق الإنفراد باستغلالها في منطقة الامتداد القاري.
3- احترام الحريات التقليدية لأعالي البحار في المياه التي تعلو الامتداد القاري:
إن القيام بعمليات الاكتشاف والاستغلال لموارد الامتداد القاري الطبيعية يجب ألا يؤدي إلى عرقلة غير مشروعة للملاحة أو الصيد أو المحافظة على الموارد الحية للبحر، ولا إلى التدخل في الأبحاث العلمية التي تجري بقصد تعميم نشرها، ولا إلى عرقلة وضع أو صيانة الأسلاف والأنابيب الموضوعة على الامتداد القاري.
4- الأحكام الخاصة بتحديد الامتداد القاري في حالة الدول المتقابلة:
في حالة وجود الامتداد القاري بين دولتين ساحليتين، فإن ما يختص به كل دولة منهما يتحدد عن طريق الاتفاق بينهما، فإن لم يكن هناك اتفاق خاص ولم تقتض ظروف خاصة التحديد على وجه آخر، يكون الحد بينهما هو الخط الأوسط بين أقرب النقط التي يبدأ منها قياس البحر الإقليمي لكل منهما، وفي حالة الدول الساحلية المتجاورة يكون حد العتبة القارية التي تختص بها كل منها امتداد حدود مياهها الإقليمية.
ثانياً- النظام القانوني للامتداد القاري في ظل اتفاقية الأمم المتحدة للبحار عام 1982:
رأت بعض الدول أن تبني فكرة المنطقة الاقتصادية الخالصة يعني عملاً إلغاء فكرة الامتداد القاري على أساس أن هذا الامتداد سيعتبر جزءاً من المنطقة الاقتصادية إذا واقع داخله، وعلى العكس من ذلك ذهب البعض الآخر إلى ضرورة الإبقاء على فكرة الامتداد القاري مع إعادة النظر في معيار تحديده نظراً لعدم الدقة والتناقض في المعيارين اللذين أخذت بهما اتفاقية عام 1958، ومع ذلك فقد كان هناك شبه إجماع في الآراء بين أعضاء المؤتمر على ضرورة استمرار اعتبار المياه التي تعلو الامتداد القاري فيما يجاوز البحر الإقليمي أو مياه المنطقة الاقتصادية الخالصة جزءاً من أعالي البحار.
1- تعريف الامتداد القاري:يشمل الامتداد القاري قاع وباطن أرض المساحات المغمورة التي تمتد إلى ما وراء البحر الإقليمي للدولة الساحلية في جميع أنحار الامتداد الطبيعي لإقليم الدولة البري حتى الطرف الخارجي للحافة القارية، أو إلى مسافة 200 ميل بحري من خطوط الأساس للبحر الإقليمي إذا لم يكن الطرف الخارجي للحافة القارية يمتد إلى تلك المسافة.
وهذا يعني أن الامتداد القاري بحسب هذه الاتفاقية يتجاوز اتساع المنطقة الاقتصادية الخالصة، ويعني من جهة أخرى العدول عن المعيار المزدوج الذي تبنته اتفاقية 1958 والذي كان يقوم على العمق أو القدرة على الاستغلال إلى معيار مزدوج آخر يستند إلى نهاية الحافة القارية أو مسافة 200 ميل بحري، ولكي لا يؤدي ذلك إلى التعدي على المنطقة الدولية قررت الاتفاقية حداً أقصى يقدر بمسافة 350 ميلاً مقيسة من خطوط الأساس التي يقاس بها البحر الإقليمي.
2- حقوق الدولة الساحلية:هي حقوق سيادية خالصة وانفرادية، وللدولة الساحلية نفس الحقوق التي نصت عليها اتفاقية جنيف لعام 1958، على أن اتفاقية عام 1982 قد استحدثت نظاماً جديداً بشأن المدفوعات والمساحات المتعلقة باستغلال الامتداد القاري فيما وراء مسافة المائتي ميل بحري وذلك على الشكل التالي:
أ- تقدم الدولة الساحلية مدفوعات مالية أو مساهمات عينية لقاء استغلال الموارد غير الحية للامتداد القاري وراء مسافة المائتي ميل بحري.
ب- تعد الدول النامية التي هي مستوردة صافية لمورد معدني ينتج من امتدادها القاري من تقديم هذه المدفوعات لقاء ذلك المورد المعدني.
ج- تقدم المدفوعات أو المساهمات عن طريق السلطة التي تتولى توزيعها على الدول الأطراف في الاتفاقية على أساس معايير التقاسم المنصف آخذ في الاعتبار مصالح الدول النامية واحتياجاتها.
ومما تقدم يتضح أن هناك مناطق في الامتداد القاري لا تتمتع فيها الدول بحقوق سيادية خالصة أو انفرادية على امتدادها القاري وإنما حقوق استغلال أو ارتفاق وهي تلك المساحات التي تزيد على 200 ميل بحري على 350 ميلاً بحرياً.
3- حريات أعالي البحار في المياه التي تعلو الامتداد القاري:
حددت اتفاقية 1982 الطبيعة القانونية للمياه التي تعلو الامتداد القاري على الشكل التالي:
أ- لا تمس حقوق الدولة الساحلية على الامتداد القاري النظام القانوني للمياه العلوية أو للحيز الجوي فوت تلك المياه.
ب- لا يجب أن تتعدى ممارسة الدولة الساحلية لحقوقها على الامتداد القاري على الملاحقة وغيرها من حقوق وحريات الدول الأخرى المنصوص عليها في الاتفاقية، أو تسفر عن أي تدخل لا مبرر له في تلك الملاحة والحقوق والحريات.
ج- حق جميع الدول في مد الكابلات والأنابيب المغمورة على الامتداد القاري.
4- تعيين حدود الامتداد القاري بين الدول المتلاصقة أو المتقابلة يتم تعيينها على الشكل التالي:
أ- الاتفاق على أساس القانون الدولي من أجل التوصل إلى حل منصف.
ب- إذا تعذر التوصل إلى حل في غضون فترة معقولة من الزمن لجأت الدول المعنية إلى الإجراءات المنصوص عليها في الاتفاقية.
ج- على الدول المعنية إلى حين التوصل إلى اتفاق بينها أو تتعاون من أجل التوصل لترتيبات مؤقتة ذات طابع عملي مع عدم إعاقة أمام التوصل إلى اتفاق نهائي، ومثل ذلك لا ينال من أمر التعيين النهائي للحدود.
د- إذا كان هناك اتفاق نافذ بين الدول المعنية، تعين الفصل في مسألة حدود الامتداد القاري وفقاً لأحكام هذا الاتفاق.
الفصل السادس : أعالي البحار
يقصد بأعالي البحار كل أجزاء البحار والمحيطات التي لا تدخل في البحر الإقليمي أو المياه الداخلية لدولة من الدول، والتي يكون لكل الدول الحق في استعمالها على قدم المساواة.
المبحث الأول : الوضع القوانين لأعالي البحار
يقصد بأعالي البحار كل أجزاء البحار والمحيطات التي لا تدخ في البحر الإقليمي أو المياه الداخلية لدولة من الدول، والتي يكون لكل الدول الحق في استعمالها على قدم المساواة.
-لقد كان الوضع القانوني للبحار العالية يتراوح بين مبدأ تبعيتها لبعض الدول ومبدأ حريتها الكاملة، وكان أنصار كل مبدأ يسوغون مذهبهم بحجج وأسانيد مختلفة لكل منها فيما يلي:
أولاً- أنصار مبدأ تبعية البحار:
1- طبيعة الأوضاع الجغرافية لبعض الدول تؤدي إخضاع البخار المحيطة بها لسيادتها وملكيتها.
2- للدول أن تكتسب ملكية البحار إذا ما صدرت لصالحها بذلك منحة من الباب بوضعه ممثل الرب الذي يملك الكون بأسره.
3- اكتشاف البحار يخول الدول لمكتشفة حق ملكية البحر الذي تم اكتشافه.
4- أن وضع اليد على الإقليم الذي يجاوز بحراً من البحار ترتب عليه إخضاع البحر المجاور لسيادة الدولة.
ثانياً- أنصار مبدأ حرية البحار:
ويسوغون مذهبهم بالحجج الآتية:
1- البحار بطبيعته الجغرافية لا تقبل وضع اليد ولا تقبل الحيازة.
2- الاستعمال الدائم والمستمر للبحار لا يترتب عليه النقص فيها أو زوالها.
ولقد انتهي النزاع بانتصار مبدأ حرية الملاحة في البحار العالية ولكن الخلاف انحصر فيما يتعلق بالطبيعة القانوني للبحار العالية فكان هناك رأيين:
الأول: يرى أن البحار العالية هي مال مباح أو لا ملك له.
نقد: هذا الرأي يؤدي إلى إمكانية أن تكون البحار محلاً للتملك عن طريق الاستيلاء أو وضع اليد.
الثاني: يرى أن البحار العالية هي ملكية مشتركة لجميع الأسرة الدولية.
نقد: يترتب على هذا الرأي أن البحار يمكن أن تدخل في نطاق الملكية ويجوز بالتالي أن تخضع لحقوق السيادة.
ولقد تفادت اتفاقية جنيف للبحار العالية سنة 1958 أن تطلق أي من الأوصاف القانونية السابقة ولكنها أكدت مبدأ حرية الملاحة فيها لجميع الدول في حدود حقين ثابتين هما: حق الاتجار وحق الاتصال عبر البحر.
وهناك مبادئ أقرها مؤتمر الأمم المتحدة الثالث لقانون البحار تحكم منطقة قاع البحار والمحيطات فيما يجاوز حدود الولاية الإقليمية للدول فيما يلي:
1- ليس لأي دولة أن تدعي أو تمارس السيادة أو الحقوق السيادية على جزء من المنطقة أو مواردها.
2- أن جميع الحقوق في موارد المنطقة ثابتة للبشرية جمعاء..
3- تجري الأنشطة في المنطقة لصالح الإنسانية جمعاء بصرف النظر عن الموقع الجغرافي للدولة، مع مراعاة خاصة للدول النامية والشعوب التي لم تنل استقلالها بعد.
3- تهيئ السلطة لتقاسم الفوائد المالية وغيرها من الفوائد الاقتصادية المستمدة من المنطقة تقاسماً منصفاً.
المبحث الثاني : النتائج المترتبة على حرية أعالي البحار
أولاً- حرية الملاحة في أعالي البحار:
إن الدول فيما يتعلق بحرية الملاحة في أعالي البحار متساوية بغض النظر عن مواقعها الجغرافية واتصالها المباشر أو غير المباشر بالبحار، ويجب أن يكون لكل سفينة علم يدل على جنسيتها لمعرفة الدولة التي تتبعها والرجوع إليها عند الاقتضاء.
وينبني على حق الجميع الدول بلا استثناء في حرية الملاحة في أعالي البحار أن الدول التي ليس شواطئ تطل على البحار التي تمنحها على أساس التبادل، حرية المرور في إقليمها.
ثانياً- حرية التحليق:
للطائرات التابعة لأية دولة سواء كانت عامة أو تجارية أو خاصة أن تطير عبر أعالي البحار وعلى أي ارتفاع كان ولكن عليها التقيد بالقانون والتعليمات التي تصدرها كل دولة تنظيماً لطائراتها وخطوطها الجوية وما تفرضه الاتفاقات الدولية التي أبرمت بغرض تأمين سلامة الطيران.
ثالثاً- حرية وضع الكابلات وخطوط الأنابيب:
إن ممارسة هذه الحرية أمر نظري بحت، وذلك أنه لا يمكن ممارستها في الغالبية العظمى من الحالات إلا عن طريق الاتفاقيات الدولية، ولقد قررت اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1982 عدة ضوابط على الدول إزاء بعضها في هذا الشأن تتلخص فيما يلي:
1- يجب ألا يكون حق الدولة الشاطئية في استثمار امتدادها القاري عائقاً لحق الدول الأخرى في وضع الكابلات وخطوط الأنابيب.
2- التزام الدول التي ترسي الكابلات والأنابيب بمراعاة ما يكون على القاع من كابلات أو أنابيب أخرى.
3- تلتزم كل دولة بإصدار التشريعات اللازمة بمعاقبة رعاياها أو سفنها التي تتسبب في هذا التلف أو الضرر.
4- تلتزم كل دولة بإصدار التشريعات اللازمة بإلزام كل دولة بإصدار التشريعات اللازمة بإلزام رعاياها ممن يملكون كابلات أو أنابيب بدفع التعويضات لمالكي السفن التي تصيبها أضرار مادية من جراء التضحيات التي ضمت بها هذه السفن في أثناء الملاحة للمحافظة على سلامة هذه الكابلات أو الأنابيب الراسية على قاع البحر.
رابعاً- حرية إقامة الجزر الصناعية وغيرها من المنشآت:
ويشترط لممارسة هذا الحق أن تكون هذه الإنشاءات غير متعارضة مع أحكام القانون الدولي.
خامساً- حرية صيد الأسماك:
الصيد في أعالي البحار مباح لجميع الدول كنتيجة لحرية هذه البحار ولكن يجب على سفن كل دولة عند ممارستها لهذا الحق ألا تسبب لغيرها أية مضايقات أو عراقيل أمام سفن الدول الأخرى التي تقوم بالصيد في نفس المنطقة وألا تستخدم وسائل من شأنها أن تؤدي إلى انقراض الأسماك في هذه المنطقة.
ولقد أبرمت عدة اتفاقيات دولية من أجل تنظيم الأسماك في مناطق معينة من البحار منها اتفاقية جنيف 1958 واتفاقية 1982.
أما فيما يتعلق بتدابير حفظ الموارد الحية لأعالي البحار عند قيام الدول بتحديد كمية الصيد المسموح بها فقد التزمت اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1982 الدول بما يلي:
1- أن تتخذ تدابير تهدف إلى صون الأرواح التي يتم صيدها أو تحديدها بمستويات يمكن أن تدر أقصى غلة، مع مراعاة أنماط الصيد والترابط بين السلالات السمكية.
2- أن تضع في اعتبارها ما يترتب على ذلك من آثار على الأنواع التي يتم صيدها أو المعتمدة عليها.
سادساً- حرية البحث العلمي:
وتعني حق كل دولة في أن تجري في أعالي البحار من الأبحاث والتجارب العلمية ما تشاء بشرط التقيد بأحكام اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1982.
المبحث الثالث : القيود التي ترد على مبدأ حرية أعالي البحار
إن قاعدة حرية أعالي البحار ليس مطلقة بل ترد عليها بعض القيود، وبالتالي يجوز أن تخضع السفينة لاختصاص دولة أخرى غير دولة العلم في الحالات التالية:
أولاً- حظر نقل الرقيق:
ظهرت فكرة مكافحة الرقيق في القرن التاسع عشر وبذلت جهود كبيرة من جانب الدول للقضاء على هذه الظاهرة، وأبرمت عدة اتفاقيات لحظر نقل الرقيق منها اتفاقية جنيف لعام 1958 واتفاقية الأمم المتحدة لعام 1982.
ثانياً- مكافحة القرصنة:
لم تتضمن الاتفاقيتين السابقتين تعريفاً للقرصنة، واكتفت بتعداد التي تعد من قبيل القرصنة، وتعتبر القرصنة جريمة بحرية موجهة ضد الجماعة الدولية بأسرها ولذلك اعتبر القرصان مجرداً من الجنسية وليست له حقوق تحميه.
ومن حق أي دولة في أعالي البحار أو في أي مكان آخر خارج ولاية أية دولة أن تضبط أن سفينة أو طائرة قرصنة ما، أو أية سفينة أو طائرة أخذت بطريق القرصنة، وكانت واقعة تحت سيطرة القرصنة وأن تقبض على من فيها من أشخاص وتضبط ما فيها من ممتلكات، ولمحاكم الدولة التي قامت بعملية الضبط أن تقرر ما يفرض من العقوبات وتقرر الإجراء الذي يتخذ بشأن الطائرات أو السفن أو الممتلكات مع مراعاة حقوق الغير حسن النية ولا تقوم بهذه المهام إلا سفن أو طائرات عسكرية أو حربية أو غيرها ممن تحمل علامة واضحة تدل على أنها في خدمة حكومية ومأذون لها بذلك والدولة التي تمارس عملية الضبط ويثبت أنها كانت دون مبررات كافية تتحمل تبعة المسئولية الدولية في مواجهة الدولة التي تحمل السفينة المضبوطة عملها.
ثالثاً- مكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات أو المواد التي تؤثر على العقل:
تناولت اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1982 على عكس اتفاقية جنيف 1958 مكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات وغيرها من الموارد الذي يؤثر على العقل حيث طالبت الدول بالتعاون لمكافحة ذلك، ولكن بالمقابل هناك حالات تمثل اتجاراً مشروعاً للمخدرات عندما يتم بين حكومات الدول لأغراض تهم الصحة العامة وسلامة المجتمع كصناعة الأدوية وغيرها.
رابعاً- قمع البث غير المشروع:
هو البث الذي تقوم به محطات مملوكة خاصة بواسطة سفن راسية أو مجرات في أعالي البحار، وإذا كانت هذه المحطات ممنوعة طبقاً لقواعد اتحاد المواصلات السلكية واللاسلكية فإن المسئولية تقع على الدولة التي سجلت بها السفينة.
خامساً- حق الزيارة والتفتيش:
يخول العرف الدولي للسفن الحربية في أعالي البحار في أحوال استثنائية محددة حق الاقتراب من السفن الخاصة أو أن تطلب منها رفع عمليها للتحقق من جنسيتها وعلة ذلك ما تمليه دواعي الأمن والنظام في أعالي البحار في الحالات التي تقوم فيها سفن خاصة بأعمال محرمة قانوناً.
وأقرت اتفاقية جنيف لعام 1958 ذلك كما نصت اتفاقية 1982 على الحالات التي يجوز فيها حق الاقتراب والزيارة وهي:
1- أن تعلم السفينة في القرضة أو في تجارة الرقيق أو في البث الإذاعي غير المسموح به.
2- أن السفينة من دون جنسية.
وفي جميع الأحوال يجب أن تكون السفينة أو الطائرة التي تقوم بعملية التفتيش تحمل علامات واضحة تدل على أنها قائمة بخدمة حكومية.
سادساً- حق المطاردة الحثيثة:
تقوم المطاردة الحثيثة لسفينة أجنبية في الحالة التي تتوافر فيها لدى السلطات المختصة للدولة الشاطئية أسباب تدعوها للاعتقاد بأن سفينة أجنبية قد خرقت قوانين أو أنظمة تلك الدولة، ويجب أن تبدأ المطاردة الحثيثة عندما تكون السفينة الأجنبية موجودة في المياه الداخلية أو في المنطقة المجاورة للدولة الساحلية التي تقوم بالمطاردة وذلك وفقاً لاتفاقية جنيف عام 1958.
أما اتفاقية البحار لعام 1982 فقد وضعت الضوابط التالية:
1- وجود أسباب وجيهة تبرر المطاردة الحثيثة.
2- يجب أن تبدأ المطاردة الحثيثة عندما تكون السفينة الأجنبية أو أحد زوارقها داخل المياه الداخلية أو المياه الأرخبيلية أو البحر الإقليمي أو المنطقة المتاخمة للدولة القائمة بالمطاردة.
3- لا يجوز مواصلة المطاردة خارج البحر الإقليمي أو المنطقة المتاخمة إلا إذا كانت المطاردة لم تنقطع.
4- إذا كانت السفينة الأجنبية موجودة داخل منطقة متاخمة لا يجوز القيام بالمطاردة إلا إذا كانت هناك انتهاك للحقوق التي أنشئت المنطقة من أجل حمايتها.
5- لا تجوز المطاردة في المنطقة الاقتصادية الخالصة إلا إذا كانت هناك انتهاك للحقوق التي أنشئت المنطقة من أجل حمايتها أو أن هناك انتهاكاًَ للحقوق المقررة على الجرف القاري.
6- ينتهي حق المطاردة الحثيثة بمجرد دخول السفينة التي تجري مطاردتها البحر الإقليمي للدولة التي تنتمي إليها أو البحر الإقليمي لدولة أخرى.
7- لا يجوز بدء المطاردة قبل إعطاء إشارة ضوئية أو صوتية بالتوقف من مسافة تستطيع معها السفينة الأجنبية أن ترى الإشارة وتسمعها.
8- لا يجوز أن تمارس حق المطاردة الحثيثة إلا سفن حربية أو طائرات عسكرية أو غيرها من السفن أو الطائرات التي تحمل علامات واضحة تدل على أنها في خدمة حكومية أو مأذون لها بذلك.
9- لا يكفي مجرد الشبهة لاحتجاز السفينة خارج البحر الإقليمي أو مجرد مشاهدة السفينة وهي ترتكب الانتهاك إلا إذا كانت السفينة قد أمرت بالوقوف وطوردت من قبل سفينة أو طائرة تابعة للدولة.
10- في حالة إيقاف أو احتجاز سفينة خارج البحر الإقليمي في ظروف لا تبرر ممارسة حق المطاردة الحثيثة تعوض عون أي خسارة أو ضرر يكون قد لحق بها نتيجة لذلك.®
القسم الرابع : العلاقات الدولية
تأخذ العلاقات الدولية عدة صور حيث يمكن أن تكون ذات طابع اتفاقي ومن ذلك التمثيل الخارجي والمعاهدات، غير أن هناك صوراً أخرى من العلاقات الدولية تتم على غير الشكل الاتفاقي ألا وهي علاقات المسئولية الدولية التي تترتب على الإخلال بأحد الواجبات التي يقررها القانون الدولي، وقد يكون هذا الإخلال بواجب أدبي فلا يتبعه سوى مسئولية أدبية، وقد يكون الإخلال بواجب قانوني وهو ما يرتب مسئولية الدولة القانونية وهذه الأخيرة هي موضوع دراستنا الحالية.
الباب الأول : ممثلو الدول في العلاقات الخارجية
إن تمتع الدول بالشخصية القانونية يستلزم وجود إرادة قانونية لها وينقسم الجهاز الذي يتولى التعبير عن إرادة الدولة إلى قسمين: فرع يتولى التعبير عن إرادة الدولة في الداخل ويطلق عليه اسم الحكومة المركزية، وفرع يتولى التعبير عن إرادة الدولة في الخارج وهو عبارة عن البعثات الدبلوماسية التي ترسلها الدولة إلى الدول الأخرى والمنظمات الدولية لتمثيلها والتعبير عن رأيها في مختلف المسائل المشتركة بالإضافة إلى بعثات أخرى قنصلية بعهد إليها باختصاصات يغلب عليها الطابع الإداري والتجاري.
ومما تجدر الإشارة إليه أن التصرفات التي تصدر عن هؤلاء الأفراد في مباشرتهم لوظائفهم، سواء أكانوا من أجهزة التعبير عن إرادة الدولة من الداخل أو من أجهزة عن إرادة الدولة في الخارج، إنما هي تصرفات صادرة من الدول ذاتها، فتنسب لها وتنصرف كافة آثارها القانونية عليها، فهم جميعاً في مباشرتهم لأعمالهم إنما يؤدونها بصفتهم ممثلين لدولتهم.
الفصل الأول : الجهاز الداخلي المختص بإرادة العلاقات الدولية
المبحث الأول : رئيس الدولة
لكل دولة رئيس أعلى يحددها دستورها ويمثلها في علاقاتها مع الدول الأخرى، ورئيس الدولة إما أن يكون عاهلاً أو رئيساً للجمهورية أو مباحاً وأياً كان شكل الرئاسة أو تكوينها فإن لرئيس الدولة دوراً أساسياً في التمييز الشئون الخارجية بل هو الممثل الأول لدولته فهو يرسل ويستقبل البعثات الدبلوماسية والقنصلية ويبرم المعاهدات والاتفاقيات الدولية.
ولقد جرى العرف على التزام الدولة بأن تخطر الدول الأخرى بشخص رئيسها وألقابه وعلى هذه الدول الاعتراف به كممثل أعلى للدولة والاعتراف برئيس الدولة هو اعتراف بالحكومة التي يمثلها، ويعد الامتناع عن الاعتراف برئيس استقرت له مقاليد الأمر في دولته تدخلاً في الشئون الداخلية لدولته وهو ما لا يجيزه القانون الدولي، أما فيما يتعلق بالألقاب فقد جرت العادة بين الدول على أن لا ترفض الاعتراف بلقب رئيس الدولة إلا في الحالات التي يتعارض فيها منح هذا اللقب مع قواعد القانون الدولي أو مصالح الدول الأخرى.
أولاً- دور رئيس الدولة في العلاقات الخارجية:
رئيس الدولة له سلطات واسعة في ميدان العلاقات الدولية، فله سلطة التفاوض بشأن المعاهدات الدولية وإبرامها والتصديق عليها، وسلطة إعلان الحرب كونه القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولا ينفي هذه السلطة ضرورة موافقة البرلمان بالإجماع، في بعض الأحوال كما في معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة وجميع المعاهدات التي يترتب عليها تعديل في أراضي الدولة، أو التي تتعلق بحقوق السيادة كما يتعمد رئيس الجمهورية ممثلي الدول الأجنبية السياسيين.
ويكون لرئيس الدولة في بعض الأنظمة الدستورية دور رئيسي في مباشرة هذه السلطات ويعاونه في أدائه لهذه المهام وزير الخارجية والمبعوثين الدبلوماسيين في حين يكون وزير الخارجية في ظل أنظمة أخرى هو المسئول الأول في هذه المجالات.
ويتقيد اختصاص رئيس الدولة في ميدان العلاقات الدولية بالحدود الواردة في دستور أحوال لا بد من اشتراك رئيس الجمهورية مع السلطة التشريعية في اتخاذ التصرفات الهامة في ميدان العلاقات الدولية كالموافقة على المعاهدات، ولكن ثار التساؤل حول مدى صحة هذه التصرفات ومدى إلزامها إذا اتخذها رئيس الدولة مخالفاً لدستور دولته.
- يذهب قلة من الشراح أن هذه التصرفات لا تكون ملزمة للدولة لمخالفة رئيس الدولة للدستور الداخلي.
- يذهب غالبية الفقه الدولي إلى أنها ملزمة للدولة وذلك لأن تصرفات رئيس الدولة في هذه الحالات تكون صادرة من شخص مختص بإعلان إرادة الدولة وإن القول يغير صحة تصرفاته في هذا الشأن يمكن أن يؤدي إلى عدم استقرار العلاقات الدولية فضلاً عن أنه من العسير على الدول الأخرى التحقق من هذه النصوص وحتى لو أمكن لها هذا فإن محاولة البحث في مدى سلطات رئيس الدولة للتثبت من مدى اتفاق تصرفاته مع أحكام الدستور بعد تدخلاً في شئون الدولة الداخلية وعلى هذا فقد جرى العمل الدولي على اعتبار أن القيود الدستورية لا تحدث آثارها إلا في الدائرة الداخلية ويقتصر أثر مخالفتها على مساءلة رئيس الدول في ظل هذا النظام.
ثانياً– امتيازات وحصانات رئيس الدولة:
يتمتع رئيس الدولة بمركز خاص باعتباره الممثل الأعلى للدولة في علاقاتها الخارجية ويكون شخصه محل رعاية خاصة من سائر الدول الأخرى، ويتمتع بمجموعة من الامتيازات والحصانات التي تكفل له الرعاية والاحترام وعدم المساس بسيادة الدولة التي يرأسها ويحظى رئيس الدولة بهذا الاحترام والرعاية سواء أكان على إقليم دولته أو على إقليم دولة أخرى، فيجب توفير الحماية له وفرض أشد العقوبات على من يحاول المساس بسلامته أو الاعتداء عليه كما يتمتع بحصانة قضائية ويعفى من الضرائب والرسوم الجمركية، ويمتد التمتع بهذه الامتيازات والحصانات إلى أفراد الأسرة رئيس الدولة ومرافقته.
ولكن ينتهي تمتع رئيس الدولة بالامتيازات والحصانات بزوال صفته كرئيس للدولة سواء كان ذلك بسبب انتهاء مده رئاسته أو تنازل عنها أو بسبب العزل السياسي، على أن العمل الدولي جرى على أن تحتفظ الدول ببعض هذه الامتيازات والحصانات لرؤساء الدول السابقين على سبيل المجاملة.
المبحث الثاني : وزير الخارجية
أولاً- اختصاصات وزير الخارجية:
وزير الخارجية هو الشخص الذي يعاون رئيس الدولة في مباشرة اختصاصاته والإشراف على العلاقات الخارجية وسبب وجوده عدم قدرة رئيس الجمهورية بمفرده على ممارسة هذه الاختصاصات.
ويعد وزير الخارجية حلقة الاتصال الفعلي بين دولته والدول الأخرى مما يخول له سلطة التفاوض وتوقيع المعاهدات باسم رئيس الدولة ورعاية مصالح دولته قبل الدول الأخرى، وقد جرى العرف نظراً لأهمية دور وزير الخارجية على أن تقوم الدول بإبلاغ الدول الأخرى بشخص وزير الخارجية وأي تغيرات تطرأ على هذا المنصب.
وتختلف اختصاصات وزير الخارجية من نظام دستوري إلى آخر ولكن يمكن حصر أهمها فيما يلي:
1- رئاسة البعثات الدبلوماسية والقنصلية التي توفدها الدولة إلى الدول الأجنبية.
2- الاتصال بوزارات الخارجية بالدول الأخرى وبرؤساء بعثاتهم الدبلوماسية في دولته.
3- التوقيع على المعاهدات والاتفاقيات باسم رئيس الدولة.
4- يكون مسئول عن تنفيذ سياسة الدولة الخارجية أمام الملك أو أمام البرلمان في ظل الأنظمة البرلمانية.
5- يحدد مواقف دولته السياسية ووجهة نظرها فيما يتعلق ببعض المشاكل الدولية عن طريق مؤتمرات صحفية تعقد بهدف إطلاع الرأي العام العالمي على سياسة دول في مواجهة المتغيرات السياسية والأزمات الدولية.
ويعد كل ما يصدر عن وزير الخارجية بوصفه ممثلاً لدولته ف