المــــــــقــــدمــــــــــــــة
نستهل دراستنا في الإثراء بلا سبب والاهتمام بالنظم الداخلية في التطبيق المتعدد في إطار القانون الدولي والقانون المدني وسيكون هذا البحث عن الإثراء بلا سبب كمصدر من مصادر الالتزام وانه من مقتضيات المصلحة العامة أن كل من أثري علي حساب غيره بدون سبب أن يلتزم برده للغير لما ألحقه من خسارة ودفع غير المستحق أو المصروفات الضرورية والنافعة والبناء والغراس في أرض الغير حيث كانت في الماضي مواد مبعثرة ومختلطة بغيرها من المواد دون أن تستقل بذاتها عن باقي المصادر وفي القوانين الحديثة التي جعلتها تكسب الصفة الذاتية وجعلتها نظرية عامة ومستقلة بذاتها عن باقي المصادر .
هو حصول أي شخص ولو كان غير مميّز على كسب بلا سبب مشروع على حساب شخص آخر. لذا يلتزم، في حدود ما كسبه تعويض ملحقه ضرر بسبب هذا الكسب، ويبقى هذا الالتزام قائماً ولو زال كسبه فيما بعد.
وعلى هذا، فالإثراء بلا سبب يعدُّ واقعة قانونية تشكل مصدراً من مصادر الالتزام، وهو من مصادره الأولى التي ظهرت في فجر التاريخ.
في الشريعة الإسلامية، يقول بعض الفقهاء إن الشريعة لم تعتد بهذه القاعدة إلا في حدود ضيقة، ويرى آخرون بأن الكسب بدون سبب تعرفه الشريعة الإسلامية مبدأ عاماً وقاعدة كلية، فهي تقضي بأنه «لا ضرر ولا ضرار» و«الغنم بالغرم»
وسنتناول في هذا البحث عدة مواضيع من هذا المصدر:-
المبحث الأول :- التعريف بالإثراء بلا سبب وما المقصود والأحكام المبحث الثاني :- أركان الإثراء بلا سبب وطرق الدعوى وتقادم الدعوي المبحث الثالث :- الحكم والجزاء والتعويض والالتزام بالتعويض المبحث الرابع :- كيف يقدر الإثراء وموقف القضاء الدولي من الإثراء .
المبحث الأول
تعريف الإثراء بلا سبب :-وهو الالتزام الذي ينشأ علي عاتق من يتلقى وفاء لا يستحقه وفقا لأحكام القانون بأن يرد ما يتلقاه إلي من وفى به .
المقصود بالإثراء بلا سبب :-وهو مصدر من مصادر الالتزام قوامه وجوب قيام من أثرى إيجابا أو سلبا بفعل أبغير فعل علي حساب شخص أخر ودون ما سبب يقره القانون لهذا الإثراء بتعويض هذا الشخص الأخر عما لحقه من خسارة وفي حدود ما تحقق للمثري من إثراء وهو أول مصدر ظهر للالتزام في فجر التاريخ انطلاقا من مقتضيات البداهة القانونية وهي جوهرة مبنية علي العدالة والعقل والمنطق ولا توجد حاجة علمية وعملية لتبريره.
أحكام الإثراء بلا سبب :- إذا تحقق الإثراء بلا سبب علي وجود التزام في ذمة من جني كسب بتعويض من لحقت به الخسارة ، ووسيلة من لحقت به الخسارة في الحصول علي تعويض دعوى الإثراء بلا سبب
1-دعوي الإثراء بلا سبب :-
أ:- المدعي في دعوى الإثراء بلا سبب هو من لحقت به الخسارة ومن يكون نائبا أو خلفا له ونائب من لحقت به الخسارة قد يكون وليه أو وصية إذا كان قاصرا أو القيم إذا كان محجورا عليه وإذا كان مفلسا ويكون وكيل التفليسة وإذا كان وقفا متولي الوقف وإذا كان من لحقت به الخسارة بالغا رشيدا فيمكن لوكيله رفع دعوى الإثراء بلا سبب ويستطيع الوارث بوصفه خلفا عاما أن يرفع دعوى الإثراء بلا سبب ويستطيع الخلف الخاص أن يرفع هذه الدعوى بالإثراء بلا سبب فالمحال لا يستطيع أن يرفعها ويمكن لدائن من لحقت به الخسارة أن يرفعها إذ يمكن له أن يطالب من جني الكسب بالتعويض وذلك برفع الدعوى غير المباشرة إذ يستعمل حق من لحقت به الخسارة
ب:- عدم سماع دعوى الإثراء بلا سبب وضع المشرع حكما مشتركا بخصوص حالات الإثراء بلا سبب
1-ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه الدائن في حقه في الرجوع أي من اليوم الذي يعلم فيه بخسارته وبمن اثري نتيجة لهذه الخسارة .
2-خمسة عشر سنة من اليوم الذي نشفيه حق الرجوع أي من اليوم الذي نشأ في الالتزام
2-المطلب الثاني :- التعويض
يلتزم في حدود ما أثري به بتعويض هذا الشخص عما لحقه من خسارة ويبقي هذا الالتزام قائما ولو زال الإثراء فيما بعد يظهر من النص أن المشتري يلتزم برد أفل القيمتين قيمة ما أثري به وقيمة ما افتقر به الدائن ويرد كون التعويض في حدود الإثراء إلا أنه لم يصدر من المثري خطأ يحاسب عليه بحيث يلتزم نتيجة لذلك بتعويض كل الخسارة وإنما يحاسب علي ما ناله من الإثراء فعلا .
المبحث الثاني
أركان الإثراء بلا سبب :-
1-إثراء المدين :- وهو أول ركن يترتب في ذمته إنما هو هذا الإثراء وإذا لم يتحقق الإثراء فلا التزام كما لو لشخص دينا علي شخص أخر وتبن أن هذا الدين سبق الوفاء به أو أنه لا وجود له فهنا لم يتحقق الإثراء في جانب الشخص الأخر ولا رجوع للشخص الأول عليه وإنما يرجع هذا بما دفع له ادى توافرت شروط دفع غير المستحق
أ-الإثراء الايجابي ويتحقق الإثراء الايجابي عادة بأن تضاف قيمة مالية إلي ذمة المدين ويتم هذا بأن يكسب المدين حقا عينيا كان أو شخصيا أو أن يزيد فيما يملك من ذلك مثل استهلك شخص قدرا من المياه أو النور عن طريق مواسير أو أسلاك خفيفة كان ما يستهلكه قيمة مالية أثرى بها وقد يتحقق الإثراء لا عن طريق إضافة قيمة مالية إلي ذمة المدين بل عن طريق منفعة يجنيها أو عمل يستثمره مثل المنفعة منزل انتفع به شخص دون عقد إيجار
ب- الإثراء السلبي : وهو أن يوفي شخص بدين علي أخر فيثري هذا إثراء سلبيا عن طريق النقض فيما عليه من ديون مثل المستأجر الذي يقوم بالترميمات الجسمية وهي واجبة علي المؤجر والتاجر يحضر لزوجته ما تحتاجه من مؤن ونفقتها واجبة علي الزوج والمشتري للعقار مرهون يدفع دين الراهن وكذلك تجنب خسارة كانت متوقعة فيثري إثراء سلبي .
ت-الإثراء المباشر :- يكون الإثراء مباشرا إذا انتقل في أي صورة من صوره مباشرة من مال المفتقر وإما بفعل المفتقر أو المثري نفسه ومن يدفع دين غيره والمستأجر الذي يقوم بالترميمات في العين المؤجرة
ث-الإثراء غير المباشر : ويكون الإثراء غير المباشر اذا تدخل أجنبي في نقله من مال المفتقر إلي مال المثري وقد يقع تدخل الأجنبي عن طريق عمل مادي كربان السفينة يلقي ببعض ما تحمل إلي البحر لأنقاد الباقي من الغرق وفرقة إطفاء الحريق تتلف متاعا للغير حتي تتمكن من إطفاء الحريق والمغتصب الذي يبني بمواد غيره في الأرض المغتصبة
ج-الإثراء المادي : الأصل في الإثراء أن يكون ماديا وفيما قدمناه من الأمثلة في الإثراء الايجابي والسلبي والمباشر وغير المباشر وما يتبين منه الإثراء هو قيمة مالية أو منفعة مادية انتقلت إلي ذمة المثري
ح-الإثراء المعنوي : ولكن الإثراء قد يكون معنويا ويكون إثراء عقليا أو أدبيا أو صحيا مثل المدرس وهو يعلم التلاميذ يجعله يثري إثراء عقليا والمحامي وهو يحصل علي حكم ببراءة المتهم يثري إثراء أدبيا والطبيب وهو يشفى المريض يثري إثراء صحيا فهل صلح الإثراء المعنوي كالإثراء المادي ركنا لقاعدة الإثراء بلا سبب
2-انعدام الإثراء :- وهو السبب المعنوي وأطلقوه عليه الكسب غير العادل ويكون اذا خالف الأخلاق وشراء شيء يقل كثيرا عن سعره وهو الإثراء غير العادل ويكون كذلك إذا خالف الأخلاق وإذا انعدم السبب بهدا المعنى جاز لمن لحقه خسارة أن يعود بدعوى الإثراء بلا سبب علي من جني الإثراء والسبب لايتعدى أن يكون تصرفا قانونيا أو حكما من أحكام القانون أ:- واسبب الإثراء تصرف قانوني : اذا كان سبب الإثراء تصرفا قانونيا فلا محال لتطبيق القاعدة والتصرف القانوني قد يكون عقد البيع والهبة أو تصرف انفرادي ومث اتفاق صاحب الشيء والمستأجر علي اعادة ماتم استئجاره في حالة جيدة وسلمها للمالك ولم يدفع ثمنها إلي البائع ولاعود البائع للدائن بدعوي الإثراء بلا سبب لان إثراء البائع له سبب في العقد المبرم بينه وبين المستأجر وهدا الحكم مطبق في عقود التبرع كالهبة ب:- سبب الإثراء حكم من أحكام القانون :- لا يستطيع الشخص الذي لحقت به الخسارة أن يعود علي من جني إثراء بدعوى الإثراء بلا سبب إدا استند في إثرائه إلي حكم من أحكام القانون وإذا اكتسب الشخص شيئا بمرور الزمن فلا يستطيع المالك الأصلي أن يعود عليه بدعوى الإثراء بلا سبب لان مرور الزمن يعتبر سبب قانوني لكسب الحق العيني ولا يلتزم أحد من أخد تعويضا عن ضرر أصابه نتيجة عمل مشروع
3:- دعوى أصلية : حيث لايجوز اللجوء إلا اذا لم يجد من لحقت به خسارة دعوى أخرى يلجأ إليها لمطالبة من جني كسبا وشرطها أن يبقى الإثراء قائم إلي وقت رفع الدعوى أ :- انتقاء الصفة الاحتياطية عن دعوى الإثراء بلا سبب ويقصد بالصفة الاحتياطية لدعوى الإثراء بلا سبب أنه لاتستخدم هذه الدعوى إلا في حالة عدم وجود دعوى أخرى يلجأ إليها المدعى ويؤذي ضبطها حتي لا تطغي علي الدعاوي الأخرى وأن كل الدعاوى تهدف من قريب ومن بعيد إلي منع الإثراء علي حساب آخرين ب:- عدم اشتراط بقاء الإثراء إلي وقت رفع الدعوى حيث أخد القانون الفرنسي لقبول دعوى الإثراء بلا سبب بقاء الإثراء إلي وقت رفع الدعوى فادا لم يبقي لا تقبل الدعوى
طرفا الدعوى :-
1-المدعي :-من يكون المدعى وهو المفتقر فهو وحده الذي يحق له أن يطالب بالتعويض ويقوم مقامه النائب والخلف ونائب المفتقر اذا كان قاصرا وهو وليه أو وصيه وإذا كان محجورا هو القيم وإذا كان مفلسا هو ألسنديك وإذا كان وقفا هو ناظر الوقف وإذا كان المفتقر راشدا بالغا فنائبه هو الوكيل والخلف هو الدائن أو الوارث وأهليته وفلا يشترط للمتفق أهليته فناقص الأهلية هو الصبي المميز والسفيه وذو الغفلة
2-المدعى عليه :- من يكون المدعى عليه هو المثري فهو وحده المسئول عن تعويض المفتقر ويقوم مقامه في المسئولية النائب أو الخلف فإذا كان قاصرا كان نائبه وهو وليه أو وصيه وأدا كان محجورا كان النائب هو القيم وإذا كان مفلسا فالسنديك وادا كان وقفا فالناظر وإذا كان راشدا بالغا فالوكيل و أهلية المدعى عليه حيث لا يشترط في المئري تواف أهلية م فيجوز أن يلتزم غير المميز بمقتضى الإثراء وإذا لم يكن كامل الأهلية لا يحاسب إلا علي ما انتفع به فعلا وتعدد المدعى عليه وقد يتعدد المثري كما لو أثرى شركاء علي حساب الغير فيصبح هؤلاء مدينين للمفتقر بالتعويض ولا يكونون مسئولين بالتضامن بل يكون كل واحد مسئولا بقدر نصيبه أي بأقل القيمتين
تقادم الدعوي :- يطلب المدعي تعويضاعما لحق به من افتقار في حدود ما نال المدعى عليه من إثراء هذا هو ما يطلب المدعى وهدا هو ما يميز دعوى الإثراء عن دعوى استرداد غير المستحق ودعوي الفضالة وإذا كانت الدعويان الأخيرتان ليستا إلا صورتين من الدعوى الأولي
المبحث الثالث
الحكم :-
1-الطعن في الحكم بطريق النقض ا:- طرق الطعن في الحكم :- لا يختلف الحكم الصادر في دعوى الإثراء عن سائر الأحكام من حيث طرق الطعن الطرق العادية المعارضة والاستئناف والطرق غير العادية هي معارضة شخص الذي يعتدي إليه الحكم والنقض
2-الإثراء :- لايخضع لرقابة محكمة النقض ما تسجله محكمة الموضوع من الوقائع المادية التي يقدمها المدعى لإثبات ركن الإثراء
3-الافتقار ولا رقابة لمحكمة النقض فيما تقره محكمة الموضوع من وقائع مادية في شأن الافتقار
4-انعدام السبب ويعتبر من مسائل القانون ومن مسائله الدقيقة تحديد معنى السبب ومتى يكون القانون أو العقد سببا قانونيا للإثراء ودعوى الإثراء دعوى أصلية لا دعوى احتياطية هو من مسائل القانون
5-الأثار التي ترتبت علي الحكم :- الحكم ليس مصدر الحق في التعويض والحكم في دعوى الإثراء كالحكم في دعوى المسئولية التقصيرية ليس مصدر حق المفتقر في التعويض فالحكم ليس إلا مقررا هذا الحق لا منشئا له
6-الحكم يقوم في التعويض ويقويه وإذا كان الحكم ليس هو مصدر الحق التعويض إلا أنه هو الذي يقوم هذا الحق ويغلب أن يقومه بمبلغ معين من النقود .
الجزاء أو التعويض :-
التعويض هو من أفل قيمتي الافتقار والإثراء وان المثري دون سبب قانوني علي حساب شخص أخر يلتزم في حدود ما أثرى به بتعويض هدا الشخص عما لحقه من خسارة ويبقى هذا الالتزام قائما ولو زال الإثراء فيما بعد وجاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هدا الصدد ويلتزم المثري بتعويض الدائن عما افتقر به ولكن بقدر ما أثرى فهو يلتزم أقل قيمتين قيمة ما أثري وما افتقر به الدائن والتعويض أق قيمتي الافتقار والإثراء ولا يحاسب المثري علي خطأ ارتكبه فنلزمه وإنما يحاسب علي ما وقع في يده من كسب فلا يجوز أن يرد أكثر مما كسبه
الالتزام بالتعويض:-يبقي هدا الالتزام قائما ولو زال الإثراء فيما بع فيلتزم المثري بتعويض الدائن عما افتقر به ولكن بقدر ما أثرى فهو يلتزم برد أقل القيمتين قيمة ما أثرى به وقيمة ما افتقر به الدائن ويلتزم المثري ولو كان غير مميز بتعويض المفتقر فلا يشترط في المثري توافر أهلية ما فيلتزم بمقتضى الإثراء شأنه في ذلك شأن المميز والأهلية لا تلزم إلا في التصرفات القانونية ولا يوجد سبب يستلزم اشتراط أهلية المثري لأن الإثراء يعتبر واقعة مادية بمجرد تحقيق الفعل النافع
1-أن المثري يلتزم بتعويض المفتقر ولكن بآفل القيمتين
2-أنه يكفي لقيام الحق في التعويض والإثراء واقعة يلحقها التبذل والتغير والإثراء يمكن أن يزول بعد وجوده أو يتضاءل
3-وقت تقدير قيمة مكل الإثراء والافتقار التي يتحدد علي أساسها قيمة التعويض ويثور التساؤل عن وقت تقدير الافتقار
لمبحث الرابع
كيف يقدر الإثراء :-
1-اذا كان الإثراء عبارة عن ملكية انتقلت إلي ذمة المثري فقد يكون نقدا كما استولى علي مبلغ من النقود مملوك للمفتقر وقد يكون الإثراء عبارة عن تحسينات استحدثها المفتقر في مال المثري كت ميمات أو بناء طبقات جديدة في العقار فان هده التحسينات تقدر بما زاد من مال المثري بسببها ولا تقدر بما أنفقه المفتقر في استحداثها
2-وإن كان الإثراء منفعة حصل عليها المثري كسكن منزلا دون عقد وجب تقدير هذه المنفعة بأجرة المثل
3-وادا كان خدمة أو عملا قدمه المفتقر إلي المثري مثل السمسار في تقريب وجهات النظر بين البائع والمشترى مثلا غير أن الصفقة لم تتم علي يديه أو قيام مهندس بوضع تصميم انتفع به رب العمل
4-وادا كان الإثراء سلبيا ومثاله أن يدفع شخصا دينا علي غيره أو قيامه بإتلاف متاعه لكي يطفئ حريقا في منزل جاره فإنه يجب تقدير قيمة ما نقص من ديون المشتري أو ما تجنبه من خسارة
موقف القضاء الدولي من الإثراء:-
إدا كان من المبالغة أن ندعي أننا قد أطلعنا علي كافة ما أصدرته مختلف 5المحاكم ولجان التحكيم الدولية من أحكام وقرارات تحكيم فيمكننا مع داك القول إننا قد توصلنا علي ضوء ما اطلعنا عليه من أحكام وقرارات عديدة إلي العثور علي خمسة عشر حكما وقرارا تتصل بفكرة الإثراء بلا سبب.
الخاتمة
فهذا البحث محاولة نحو لفت الأنظار إلى تلك المعاملات غير الشرعية الصغيرة نوعاً والكثيرة كمَّاً لتفادي أضرارها التي تؤثر في الحياة الاجتماعية والمدنية التي ينبغي أن تكون عليها معاملات المجتمع في شئونهم الخاصة والعامة، فهذه هي المشكلة التي جاء بها البحث ليُسهم في معالجتها وتوضيحها من وجهة نظر فقهاء القانون، وتلك هي الأسباب التي دعتنا إلى حمل اليراع للإسهام في هذا البحث الذي تكمن فيه أهمية البحث.
و نجد أيضا أن الإثراء بلا سبب هو حصول أي شخص ولو كان غير مميّز على كسب بلا سبب مشروع على حساب شخص آخر. لذا يلتزم، في حدود ما كسبه تعويض من لحقه ضرر بسبب هذا الكسب، ويبقى هذا الالتزام قائماً ولو زال كسبه فيما بعد.
وعلى هذا، فالإثراء بلا سبب يعدُّ واقعة قانونية تشكل مصدراً من مصادر الالتزام، وهو من مصادره الأولى التي ظهرت في فجر التاريخ.
في الشريعة الإسلامية، يقول بعض الفقهاء إن الشريعة لم تعتد بهذه القاعدة إلا في حدود ضيقة، ويرى آخرون بأن الكسب بدون سبب تعرفه الشريعة الإسلامية مبدأ عاماً وقاعدة كلية، فهي تقضي بأنه «لا ضرر ولا ضرار» و«الغنم بالغرم».
ويذكر الإمام الغزالي في كتابه «إحياء علوم الدين» الآية ]ولا تأكلوا أموالَكُم بَيْنَكُم بالباطِلِ[. وجاء في خطبة الرسول (ص) يوم النحر قوله «على اليد ما أخذت حتى ترده».