تطور الفن القصصي واهم خصائصه
مقال حول القصة
(الفن القصصي باب لم يفتح على مصراعيه في الأدب العربي إلا في العصر الحديث ’ وذلك بعد إطلاع الأدباء العرب على الآداب الغربية)
المطلوب:
حلل هذا القول وناقشه ’ مبينا الأطوار التي مرت بها القصة العربية واهم خصائصها مع ذكر أهم أعلامها في أدبنا العربي.
التـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ حرير
في ليلة صيف حار
رحت أصغي لزخات المطر وهي تبدد سكون الليل وكنت أقرا مقالا عن القصة
العربية وعوامل ظهورها. فعادت بي الذاكرة إلى قصص جدتي حين كنا نجتمع
حولها نصغي بلهفة لما ترويه عن الأشباح وابن السلطان وعن السحرة
والمردة... وحينئذ قلت في نفسي:
القصة بمفهومها البسيط سرد حكاية في أسلوب مشوق
عرفها العرب منذ القديم إذ كان يرويها الآباء للأبناء في الحل والترحال
وتحت قباب الخيام كسيرة عنترة وألف ليلة وليلة. كما عرف العصر العباسي بعض
الفنون الأدبية القريبة من القصة كمقامات بديع الزمان وبخلاء الجاحظ
وكليلة ودمنة لابن المقفع وحي بن يقظان لابن
طفــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــيل.
لكن النقاد في العصر الحديث يعتقدون أن القصص الفني بشروطه الحديثة لم يعرفه العرب إلا في مطلع العصر الحديث.
بعد احتكاكهم
بالغرب.فهم يعتبرون القصص العربية القديمة لا تصور الواقع ولا تعالج مشاكل
الإنسان في واقعه اليومي. بالإضافة إلى اهتمامها المبالغ فيه بالخيال
والتنميق اللفظي. فهي ناقصة من حيث الشروط الفنية التي تميز القصة عن باقي
الفنون الأدبية الأخرى.
لذا تأخر ظهور القصة الفنية في أدبنا العربي إلى مطلع العصر الحديث.
وقد لقي هذا الفن إقبالا كبيرا من القراء والأدباء على السواء لعدة أســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــباب:
1-- تأثر الأدباء بهذا الفن بعد إطلاعهم على القصص الغربي بمواضيعه المتنوعة. 2- اهتمام الصحافة بالقصة خاصة في طور الترجمة.
3- مجال القصة
أوسع وأرحب للتعبير عن حياة الشعب وتطلعاته.4- القصة اقدر على معالجة
المظاهر التاريخية والسياسية والاجتماعية التي تعج بها الحياة العربية في
مطلع العصر الحديث. 5- كذلك الدور التثقيفي الهام الذي لعبته القصة في
توعية الشعوب وتوجيهها.
ولم تصل القصة العربية إلى مرحلة النضج والكمال وتتوج بجائزة نوبل للآداب إلا بعد أن مرت بالأطوار التالية:
1- مرحلة الترجمة:
حيث استطاع بعض الأدباء العرب ممن تثقفوا باللغة الأجنبية ترجمة بعض القصص
الغربية ونشرها في المجلات والصحف اليومية. والرائد في هذا المجال هو رفاعة رافع الطهطاوي الذي ترجم مغامرات تلماك للكاتب الفرنسي فنلون. وكان هدفه من ذلك الإصلاح التربوي والسياسي من خلال القصة.
2- مرحلة الاقتباس والمحاكاة: أو مرحلة التهيؤ والاستعداد. وذلك في المحاولات التي قام بها الأدباء في مصر والشام وسائر البلاد العربية منها حديث عيسى بن هشام( للمويلحي ).وليالي سطيح. والبؤساء
( لحافظ إبراهيم )في هذه المرحلة أباح الأدباء لأنفسهم التغيير في القصص
الغربي مما شوه النصوص الأصلية. كما انصب اهتمامهم على جودة التعبير
والصياغة اللغوية الذي لا يصور الفكرة بدقة ويظهر هذا في ترجمة حافظ
إبراهيم للبؤساء والمنفلوطي في العبرات. ومجدولين.
3- مرحلة الإبداع والتأليف: تبدأ بقصة زينب لمحمد حسين هيكل التي نشرت في 1914م ثم تلتها محاولات جادة مثل دعاء الكروان لطه حسين. بداية ونهاية لنجيب محفوظ. وسارة للعقاد. الأرض الشرقاوي غادة أم القرى لرضا حوحو وبحيرة الزيتون لأبي العيد دودو. والأجنحة المتكسرة لجبران خليل جبران والمصير لزهور ونيسي ويوميات نائب في الأرياف
لتوفيق الحكيم... وقد تعددت اتجاهات القصة العربية الحديثة فمنها ما يعالج
القضايا الاجتماعية ومنها ما يتناول القضايا النفسية ومنها ما يعالج
المشاكل الوطنية والقومية وقد تجمع القصة الواحدة بين لونين أو أكثر من
هذه الاتجاهات.كقصص نجيب محفوظ* اللص والكلاب * السكرية* قصر الشوق* وبين القصرين*.
وقد توفر لها البناء الفني الذي يميز القصة كجنس أدبي متميز.أهم هذه الخصائص ما يلي:
1- الحادثة هي مجموعة من الوقائع الجزئية تأتي مرتبطة على نحو معين يشترط فيها لن تكون منطقية ومرتبطة بالشخصيات.
2- السرد
الأحداث التي تقوم بها شخصيات القصة أو تخضع لها يعرضها الكاتب بلغته
وأسلوبه ورغم انه لكل أديب زاده اللغوي وأسلوبه الخاص. فهناك مميزات عامة
للغة السرد تتمثل في السهولة والوضوح والخفة وملاءمة المعاني.
3- الحبكة:
يقوم الأديب باختيار الأحداث وتنسيقها حيث يهيئ مقدمة تبتدىء منها القصة
ثم يحرك الأحداث ويطورها ليجعلها تشتبك وتتأزم ثم يتدرج بها نحو الحل وهذا
ما يسمى الحبكة أو التصميم العام لأحداث القصة ويستخدم الكاتب أربع طرق
لعرض القصة.
1- طريقة السرد
المباشر وفيها يتحدث الكاتب على لسان شخصياته فهو أشبه بالمؤرخ يظهر هذا
في قصة الأرض الشرقاوي وهي الطريقة الأكثر شيوعا.
2- الترجمة الذاتية وفيها يتقمص الكاتب شخصية البطل كما في رواية من اجل ولدي لعبد الحليم عبد الله
3- وهناك طريقة
حديثة تصور البطل من داخله من خلال أحلامه وذكرياته وهنا يتكسر الزمان
والمكان ويجري العمل القصصي بلا منطق عقلي حيث يسود الاشعور الذي يغرق
الأحداث في الغموض مثل رواية ثرثرة فوق النيل لنجيب محفوظ.
4- أما الطريقة الرابعة فتتعدد فيها طرائق العرض من سرد وحار مباشر وغير مباشر مثل قصة ذهاب وإياب لصبري موسى.
4- الشخصية: يتعرف القارئ على شخصيات جديدة يشترط فيها أن تكون حية وواقعية حتى تجد من القارئ التعاطف والتأثير.والشخصيات نوعان: جاهزة ونامية *الجاهزة *تتميز بتصرفات ثابتة ومواقف واضحة. أما النامية* فهي التي يتم تكوينها مع تمام القصة.
5- الزمان والمكان:كل حادثة لابد أن تقع في مكان محدد وزمان معين لذا فهي مرتبطة بعادات ومبادئ ذلك الزمان والمكان.
6- الفكرة:القصة تكتب لتقرر فكرة لتنقل خلاصة تأمل أو تجربة شعورية فيصوغ الفكرة في إطار فني جديد ويجسدها في أشخاص وأحداث.
الفن القصصي فن
لذيذ يحبه الكبار قبل الصغار فالكاتب عن طريق القصص يستطيع نشر الأفكار
والمبادئ والاتجاهات وفي غمرة اللذة الفنية يتقبل هذه التوجيهات ومن هذا
المنطلق ساهمت القصص في نشر الوعي بين الجماهير وتوسيع مدارك القراء.
فبواسطة القصص نعيش حياة لم نعهدها من قبل قد لا تتوفر لنا في الحياة
العادية أبدا. وهدا ما يفسر جلوسنا لساعات طويلة أمام الشاشة لمشاهدة
مسلسلات وأفلام تروي قصصا مختلفة.أما بعض القصص فلها تأثير سلبي هدام على
القراء لأنها تعالج مواضيع لا أخلاقية تفسد الشباب بدلا من توجيهه نحو
الخير والبناء فعلينا اختيار ما نقرا.