الشروط الخاصة بالنساء
هناك جملة من الشروط الخاصة بالنساء يمكن سردها فيما يلي :
1- ألاّ تكون متزوجة بأجنبي عن الصغير أو بقريب غير محرم منه:
اختلف الفقهاء في حكم تزوج الحاضنة بالأجنبي عن المحضون على آراء منها:
أ - قولهم أن الحضانة تسقط بالتزوج مطلقا، سواء كان المحضون ذكرا أو أنثى ، و هو ما ذهب إليه كل
من الأئمة الأربعة : مالك و الشافعي ، و أبو حنيفة و أحمد في المشهور عنه، و حجتهم في ذلك ما رواه
عبد الله بن عمرو : ( أ ن امرأة قالت : يا رسول الله إنّ ابني هذا كان بطني له وعاء و حجري له حواء و ثديي
له سقاء و زعم أبوه أنّه ينزعه منّي فقال صلى الله عليه
و سلم : " أنت أحق به ما لم تنكحي " فهذا الحديث جعل لها حق الحضانة حتى تتزوج ، و عندها لا يكون لها
هذا الحق و كذلك إجماع الصحابة على أن الحضانة للأم حتى تتزوج، فتسقط عنها و يدل على ذلك خبر
عمر بن الخطاب في النزاع حول ابنه عاصم فقد قال له الصديق أبو بكر : إنّها أحق به ما لم تتزوج ، و قد
وافقه عمر رضي الله عنه على هذا الحكم و كان بحضور الصحابة و لم ينكر عليه أحد ذلك ، و على حكم أبي بكر
سار القضاة ابتداء من شُريح لا يختلفون فيه زمانا و مكانا .
ب- و قيل إن الحضانة لا تسقط بالتزوج مطلقا سواء كان المحضون ذكرا أو أنثى ، وهذا الرأي أكّد عليه
الحسن البصري وهو قول ابن حزم الظاهري وحججهم في ذلك الحديث الذي رواه أنس رضي الله عنه قال:
قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وليس له خادم، فأخذ أبو طلحة بيدي ، وانطلق بي إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، فقال يا رسول الله إنّ أنس غلام كَيِّسٌ فليخدمك ، قال : فخدمته في السفر والحضر ...
وإنّ أنسًا كان في حضانة أمّه ، ولها زوج وهو أبو طلحة، بعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لم ينكر ذلك
وحجتهم كذلك أن أم سلمة لما تزوجت
برسول الله صلى الله لم تُسْقِطْ بزواجها كفالتها لبنيها . ( 1) فإن تزوجت الحاضنة بقريب محرم من الصغير مثل
عمه فإن حضانتها لا تسقط لأن العم صاحب حق في الحضانة و له من صلته بالطفل و قرابته منه ما تحمله على
الشفقة و رعاية حقه ، فيتمّ بينهما التعاون على كفالته ، و هذا على عكس الأجنبي فإنها إذا تزوجته لا يعطف عليه
و لا يمكنها من العناية به ، و عليه فالصغير لا يجد الجو الرحيم و لا الظروف المساعدة التي تنمي ملكاته
و مواهبه ، لأن الحاضنة قد أمسكته عند الأجنبي قد يبغضه و يقسو عليه و لا يؤدبه .
أما عن موقف المشرع الجزائري في هذه المسألة ،تنص المادة 66 من قانون الأسرة الجزائري على أنه :
" يسقط حق الحاضنة بالتزوج بغير قريب محرم و بالتنازل ما لم يضر بمصلحة المحضون " .
وعليه يستشف من هذه المادة أن حق الحاضنة يسقط بزواجها بالأجنبي
و بقريب غير محرم ، و لقد كرست المحكمة العليا هذا المبدأ في العديد من قراراتها منها ما جاء في أحدها: " من
المقرر في أحكام الشريعة الإسلامية أنه يشترط في المرأة الحاضنة و لو كانت أما أن تكون خالية من الزواج أما إذا
كانت متزوجة فلا حضانة لها لانشغالها عن المحضون ، مما يستوجب معه نقض القرار . "
و الملاحظ أن موقف المشرع الجزائري أخذ بموقف الجمهور حيث أسقط الحضانة عن الحاضنة لزواجها
بغير ذي رحم للمحضون ، و للقاضي السلطة التقديرية الواسعة في مراعاة مصلحة المحضون
و عليه و خدمة لمصلحة المحضون دائما فإن سقوط الحضانة بزواج الحاضنة بغير قريب محرم تقع عليه عدة استثناءات منها :
* عدم وجود من يحضن الطفل غير الأم : فبدل من وضع المحضون في دار من ديار الحضانة فإن حاضنته تكون
أولى به رغم زواجها ، و كذلك الأمر إذا كان من يليها في الحضانة غير مأمون على الطفل أو عاجزا على حضانته .
* ألاّ ينازع الأم في المحضون بعد زواجها أحد ممن لهم الحق في الحضانة : و يبدأ حساب المدة من يوم الزواج
إلى انقضاء السنة كاملة و ذلك وفقا للمادة 68 من قانون الأسرة الجزائري .
* أن يترك الأب أو من يقوم مقامه المحضون لأمه عن تراض .
و تجدر الإشارة هنا إلى أن أغلبية الفقهاء يرون أن العقد وحده ليس سببا في إسقاط الحضانة ، إذ
لابد من الدخول بها حتى يتحقق الشرط .
و نشير أيضا أن الحاضنة إذا تزوجت و دخل بها زوجها ثم طُلقت أو مات عنها قبل أن يعلم من تنتقل إليه الحضانة
فإنه في هذه الحالة تستمر في حضانة المحضون .
2- أن تكون ذات رحم محرم من الصغير : أي تكون الحاضنة رحما محرما على المحضون كأم المحضون و أخته
و جدته ، فلا حق لبنات العم و العمة و بنات الخال و الخالة بحضانة الذكور لعدم المحرمية ،و لهن الحق في حضانة
الإناث و لا حق لبني الخال و الخالة و العم و العمة في حضانة الإناث و لكن لهم الحق في حضانة الذكور
3- عدم إقامة الحاضنة بالصغير في بيت يبغضه : يرى أغلب الفقهاء أن سكن الحاضنة مع من يبغضه الصغير
يعرضه للأذى و الضياع ، فلا حضانة للجدة إذا سكنت مع بنتها إذا تزوجت ، إلاّ إذا انفردت بسكن آخر عنها
و هذا ما أورده المشرع الجزائري في المادة 70 من قانون الأسرة الجزائري :
" تسقط حضانة الجدة أو الخالة إذا سكنت بمحضونها مع أم المحضون المتزوجة بغير قريب محرم " .
و جاءت هذه المادة تكريسا لمصلحة المحضون ليتربى تربية سوية بعيدة عن كل المشاكل التي تحيط بالطفل
و تؤثر عليه سلبا في المستقبل .
4- ألاّ تكون قد امتنعت عن حضانته مجانا و الأب معسرا : إن امتناع الأم عن تربية الولد مجانا عند اعسار الأب
مسقط لحقها في الحضانة ، فعدم الإمتناع يعتبر شرطا من شروط الحضانة .
فإذا كان الأب معسرا لا يستطيع دفع أجرة الحضانة و قبلت قريبة أخرى تربيته مجانا سقط حق الأولى في الحضانة .