مصادر القانون الدولي الخاص :
تناول الفقه مند القدم وقام بعدّة جهود من أجل توحيد قواعد القانون الدولي الخاص في جميع الدول وذلك للتوصل والقضاء على مشكلة تنازع القوانين في العلاقات ذات العنصر الأجنبي ، لكنها باءت بالفشل لعدّة أسباب أهمّها :
1 - السبب الأول والرسمي هو أنّ هذه الجهود اصطدمت بمبدأ قومية الدول إذا تعلّق الأمر بتقاليد دينية وتاريخية Ex : مسألة الأحوال الشخصية ، اختلاف الديانات واختلاف التقاليد.
2 - وجد الفقه أنّ القانون الدولي الخاص في تطوّر مستمر وليست جامدة ، بالتالي لو حاولنا أن نقتن قواعده بصورة موحّدة في جميع الدول ، فإنّ ذلك يكون من شأنه تجميد الحلول الّتي يمكن أن تتجاوزها الأحداث. ولهذا انتهى جانب كبير من الفقه إلى التأكيد على الطابع الداخلي لحل التنازع بين القوانين.
مصادر القانون الدولي الخاص هي مصادر داخلية وطالما هي تختلف من دولة إلى أخرى ، وبذلك لا يمكن أن توحّد مصادر القانون الدولي الخاص ، إذن مصادر القانون الدولي الخاص هي المصادر الداخلية لكلّ دولة بالإضافة إلى المصادر الدولية (المعاهدات الدولية والاتفاقيات) الّتي يحكن أن تكون حتّى هي مصادر للقانون الدولي الخاص.
1 - المصادر الرسمية الداخلية :
انطلاقا من فكرة أنّ القانون الدولي الخاص داخلي في مصادره يحكن القول أنّ مصادر القانون الدولي الخاص هي نفسها مصادر القانون الداخلي بصفة عامّة (ترجع على نصّ المادة الأولى من القانون المدني). وهي التشريع ، الشريعة الإسلامية ، العرف وأخيرا مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة.
* التشريع : المشرّع الجزائري جعل المسائل الّتي تنظم القانون الدولي الخاص المتعلقة بتنازع القوانين جعلها جزء لا يتجزأ من القانون المدني من المواد ( 24-09 ) تحت عنوان تنازع القوانين من حيث المكان ، كما أنّه فيما يتعلّق بتنازع الاختصاص القضائي فيتمثّل التشريع في المادتين ( 11-10 ) من قانون الإجراءات المدنية.
أمّا فيما يتعلّق بتنفيذ الأحكام الأجنبية فموجودة في المادة 325 من قانون الإجراءات المدنية.
كما أنّ هناك أحكام خاصّة بتشريعات خاصّة نظمت بعض المسائل الّتي تدخل في القانون الدولي الخاص منها قانون الجنسية (الأمر 1970 والأمر المعدل مؤخرا)، وكذا مركز الأجانب الذي تضمه الأمر المؤرّخ في 21 جويلية 1966 .
2 - المصادر الدولية :
تقصد بها الاتفاقيات الثنائية والمعاهدات المتعدّدة الأطراف ، والهدف من هذه المعاهدات هو تنظيم بعض مسائل القانون الدولي الخاص ، ومن أمثلة الاتفاقيات الثنائية ما عقدته الجزائر مع بعض الدول في المسائل التجارية والمدنية مثل :
الاتفاقية الجزائرية المغربية وهي اتفاقية تعاون قانوني المبرمة في 1963-03-13 ، الاتفاقية الجزائرية التونسية المبرمة في 1967-07-28 . وكذلك اتفاقية الجزائر وسوريا فيما يحصّ التعاون القضائي والقانوني (مسألة تنازع القوانين).
والهدف من كلّ هذه الاتفاقيات هو تطبيق القانون الداخلي للبلد طالب التنفيذ أو قانون الاختصاص القضائي للمحكمة الّتي أصدرت الحكم طبقا لقواعد الاختصاص في القانون الداخلي ( Ex : اتفاقية سوريا والجزائر ، الحكم يصدر في الجزائر وينفّد في سوريا) ، أمّا في حالة عدم وجود اتفاقية فيعود للمادة 325 قا.إ.م.
كذلك هناك معاهدات : وهي الاتفاقيات المتعدّدة الأطراف وهي كذلك تهدف إلى توحيد قواعد موضوعية أو خاصّة بقواعد الإسناد (القواعد الموضوعية تقصدها القانون الداخلي أمّا قواعد الإسناد فهي من المواد 24-09 قا.م).
تعتبر هذه المعاهدات مصدرا هاما في القانون الدولي الخاص ومن أمثلة ذلك تنظيم مسألة الملكية الصناعية والأدبية والفنية ، اتفاقية جنيف الخاصّة يحث المؤلّف وأصدرت في سنة 1952 ، اتفاقية جنيف الموحدة لسنة 1930 ، الخاصّة بالأوراق التجارية و 1931 المتعلّقة بالشيك.
وقد يتخذ هذا التوحيد أحد الصورتين :
الصورة 01 : الاتفاق على تشريع واحد في موضوع معيّن يحل محل التشريع الداخلي ويطبق هذا التشريع على العلاقات الوطنية وعلى العلاقات ذات العنصر الأجنبي وكذا تطبق هذه الاتفاقيات حتّى على الدول الغير متعاقدة.
لا يعتبر هذا التوحيد بإجماع الفقه مصدرا من مصادر القانون الدولي الخاص باعتبارها صورة تمثّل جزءا من التشريع الداخلي للدول المتعاقدة ، أمّا بالنسبة للدول الغير متعاقدة ، فإنّ مسألة تنازع القوانين دائما تبقى مطروحة.
الصورة 02 : لجوء الدول لإبرام معاهدة يصدد موضوع معيّن ونقول تسري أحكام هذه المعاهدة على الدول المتعاقدة فقط وهي خاصّة أيضا بالمعاملات ذات العنصر الأجنبي.
وتعتبر هذه المعاهدات مصدرا من مصادر القانون الدولي الخاص ( Ex : اتفاقية الجزائر سوريا).
1 / مكانة المعاهدات ضمن التشريع الداخلي :
يصدر قانون ويكون هناك تعارض ما بين أحكام هذا القانون مع اتفاقية أو معاهدة.
- بماذا يأخذ القاضي ؟
نص المادة 21 قا.م. (قواعد الإسناد) : "لا تسري أحكام المواد السابقة إلاّ حيث لا يوجد نص على خلاف ذلك في قانون خاص أو معاهدة دولية نافذة في الجزائر".
إسنادا لهذه المادة في حالة وجود التعارض يرجع إلى المعاهدات.
ففي حالة وجود تعارض بين معاهدة دولية ونص في القانون الداخلي ، فإنّ السمو يكون للمعاهدة لوجود مبدأ دستور يقرّ سمو المعاهدة على القانون المادة 123 في دستور 1989 والمادة 132 في دستور 1996 .
بعدما كانت في دستور 1976 الذي كان يساوي بين المعاهدة والقانون الداخلي كذلك نصّ المادة 21 من قواعد الإسناد تقرّ بعدم سريان مواده إذا وجد تعارض مع قاعدة في معاهدة دولية سابقة لأنّ المعاهدات اللاحقة تلقائيا تلغي أحكام القانون الداخلي.
2
العرف الدولي :
هناك خلاف بين الفقهاء فمنهم من أنكر وجود عرف دولي لمصدر للقانون الدولي الخاص ، أمّا فريق آخر فاعتبره مصدر للقانون الدولي الخاص ، وهذا الرأي يستند إلى أنّ الكثير من قواعد القانون الدولي الخاص مستمدّة من العرف الدولي.
Ex : قاعدة خضوع العقار لقانون موقعه ، قاعدة شكل التصرف كبير في توحيد قواعد القانون الدولي الخاص.
• المصادر التفسيرية : تتمثّل في القضاء والفقه الدوليين.
1 / القضاء : وهو بالدرجة الأولى يتمثّل في محكمة العدل الدولية ، فهل يعتبر مصدرا ؟
هذه المحكمة لا تنظر في منازعات القاضي الدولي الخاص الّتي تثور بين الأفراد.
المادة 38 من النظام الأساسي للمحكمة ولّتي نفهم منها أنّها (المحكمة) تنظر في المنازعات الّتي تثور بين الأفراد على أساس أنّ حق التقاضي يكون من حقّ الدول فقط ، فالأحكام الصادرة من هذه المحكمة نادرة جدّا.
يخصّ القانون الدولي الخاص Ex : المسائل المتعلقة بالجنسية والمسائل المتعلقة بمعاملة الأجانب.
إذا تبنت دولة شخصا عن طريق الحماية الدبلوماسية الشيء المهم في القضاء ، أنّ النظام الأساسي كمحكمة العدل الدولية جعل المبادئ القانونية العمة معترف بها من طرف الأمم المتحدة كذلك آراء تضمه ضمن قواعد القانون الدولي الخاص الذي نصّت عليه صراحة في قانونها ، مثل المشرع الجزائري في جويلية 2005 الذي بناه في المادة 23 ، 02 من قواعد الإسناد : "تطبق المبادئ العامة للقانون الدولي الخاص فيما لم يرد شأنه نص في المواد الخاصّة بتنازع القوانين". القانون 10-05 الصادر في 20 جويلية 2005 .
2 / الفقه : كان له دور كبير في تكوين قواعد القانون الدولي الخاص ، وهذا ما سنراه في دراسة التطور القانوني في نطاق تنازع القوانين.