1.
باسم الله الرحمن الرحيم.و الحمد لله بعد بذل قليل من الجهد في بحثي
في اشخاص القانون الدولي
فارتايت ان لا ابخل عن اخوتي في هذا المنتدى العزيز...
القسم الثاني : أشخاص القانون الدولي العام
باب تمهيدي : الشخصية الدولية
الفصل الأول : معيار الشخصية الدولية
الشخص القانوني هو كل فرد أو هيئة تتمتع في ظل نظام قانوني معين بمجموعة من الحقوق والالتزامات. فالفرد يعد من أشخاص القانون الداخلي ولا يعتبر من أشخاص القانون الدولي. والدولة تعد من أشخاص القانون الداخلي والدولي مع اختلاف مركزها في كل من النظاميين باختلاف الحقوق والالتزامات التي يرتبها لها كل منهما.
تعريف الشخصية القانونية:
هي العلاقة التي تقوم بين نظام قانوني معين وبين الأشخاص الذين يتمتعون بالحقوق والالتزامات التي يقررها هذا النظام، ويقوم كل نظام قانوني بتحديد الأشخاص الذين يتوجه إليهم القانون بخطابه.
* شروط الاعتراف بالشخصية القانونية الدولية:
1- يجب أن تكون الوحدة قادرة على إنشاء قواعد القانون الدولي بالتراضي مع غيرها من الوحدات المماثلة وذلك بتمسكها بحق التعبير عن إرادة ذاتية في مجال العلاقات الدولية.
2- أن تكون الوحدة من المخاطبين بأحكام القانون الدولي بما يرتبه لها هذا القانون من أهلية ممارسة بعض الحقوق والالتزام بالواجبات، كحق إبرام المعاهدات الدولية وحق الدفاع الشرعي.
* وفي إطار استعمال الدول لهذه الحقوق، تلتزم بالواجبات التي يفرضها القانون الدولي عليها، والخضوع لأحكامه المنظمة لكيفية استعمال هذه الحقوق.
الفصل الثاني :تطور القانون الدولي في مجال الشخصية الدولية
لقد كان القانون الدولي العام قانوناً للدول فحسب حيث كانت صاحبة السيادة هي أشخاصه الوحيدة. ولكن بعد ظهور المنظمات الدولية بدأت الدعوات لاعتبارها من أشخاص القانون الدولي وخاصة بعد تأكيد محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري الصادر في عام 1949 الذي أعطى المنظمة الدولية حق التعويض عن الأضرار التي تصيب موظفيها وبذلك اعتراف بالشخصية القانونية الدولية للمنظمة الدولية.
ولكن المنظمات الدولية لا ستقطب كل صور العلاقات الدولية حيث يوجد إلى جانبها وجانب الدول عناصر أخرى تلعب على صعيد المجتمع الدولي دوراً بارزاً ويهتم القانون الدولي بشأنهم أو يدخلون في دائرة سلطانه فيتمتعون تبعاً لذلك بصفة دولية، ومنهم البابا الكاثوليكي والأفراد على المستوى الدولي.
* ومن ناحية أخرى أثار وضع الفرد مشاكل عديدة في النظام القانون الدولي، حيث أنكر جانب من الفقه اعتباره من أشخاص القانون الدولي العام بينما اعترف له جانب آخر بذلك، في حين يذهب فريق ثالث إلى مركز وسط حيث قرر أن الفرد يصلح لأن يكون محلاً لخطاب القانون الدولي في حالات استثنائية يتمتع بشأنها بالشخصية القانونية الدولية ولكن ذلك لا يؤثر على الأصل العام وهو أن الفرد ليس من أشخاص القانون الدولي وإن كان محلاً لاهتمامه ولأنه الهدف البعيد للقانون الدولي، باعتبار أن رفاهيته وسعادته هي الهدف الأساسي وراء كل تنظيم قانوني.
الباب الأول : الدولــة
ظهر الخلاف بين فقهاء القانون الدولي وفقهاء القانون الدستوري وذلك لأن الدستوريين يتبنون تعريفات ذات طابع اجتماعي أو إداري أو قانوني حيث يعرفون الدولة على أنها جماع مرافق عامة.
وبالتالي تختلف دراسة الدولة من وجهة نظر القانون الدولي عن دراستها من وجهة نظر القانون الداخلي، حيث يكون المقصود بها في القانون الداخلي دراسة السلطة السياسية التي تحكم مجتمعاً معيناً والوظائف المختلفة لهذه السلطة وعلاقاتها بأفراد ذلك المجتمع، أما دراسة الدولة من وجهة نظر القانون الدولي تهتم أساساً ببيان ما يميز الدولة كشخصية قانونية عن غيرها من المنظمات والهيئات الدولية ومدى تمتع كل منها بالشخصية القانونية.
أشخاص القانون الدولي العام :
يخاطب القانون الدولي العام عدداً من أشخاصه كالدول والمنظمات الدولية وغيرهما ولبيان وصف هؤلاء الأشخاص لابد من التطرق إلى مفهوم الشخصية القانونية الدولية .
ماهية الشخصية القانونية الدولية
من المسلم به أن وظيفة القاعدة القانونية تقرير حقوق أو فرض التزامات في الحالات التي تحدث فيها وقائع معينة ، ومن تقرر له القاعدة القانونية حقاً أو تفرض عليه التزاماً فهو المخاطب بهذه القاعدة ويسمى أو يطلق عليه الشخص القانوني . ومن الطبيعي أن يكون لكل نظام قانوني أشخاص تخاطبهم قواعده فترتب لهم الحقوق وتفرض عليهم الالتزامات ، وهؤلاء الأشخاص هم أعضاء الهيئة التي ينظمها ويحكمها هذا النظام القانوني . فالشخصية القانونية ، هي التعبير عن العلاقة التي تقوم بين وحدة معينة ونظام قانوني محدد . ويترتب على ذلك أن الأشخاص القانونية لا توجد في نظام قانوني معين بطبيعتها وانما بفعل هذا النظام وفي الدائرة التي يقوم برسمها . وقد تكون الوحدة المعينة شخصاً في نظام قانوني ما ، ولكن هذا لا يستتبع بالضرورة – أن تكون شخصاً قانونياً في نظام قانوني آخر . ذلك لأن كل نظام قانوني يستقل بتعيين أشخاصه – . كما انه من الممكن أن تكون الوحدة المعينة شخصاً قانونياً في اكثر من نظام قانوني نتيجة لاكتسابها هذا الوصف في هذه النظم عن طريق الاعتراف بالأهلية القانونية لها ، وعندئذ تكون هذه الوحدة المعينة محلاً للتكليف بالقدر والأوصاف وفي الحدود التي يقوم بتعيينها كل نظام من هذه الأنظمة القانونية . بيد أن هناك فريق من الفقهاء يرى انه لا يكفي لأثبات الشخصية القانونية لوحدة معينة أن تكون لها حقوق ، أو تقع على عاتقها التزامات بمقتضى نظام معين بل يضيفون إلى ذلك شرطاً آخر هو أن يعترف القانون الوضعي مباشرة بتلك الحقوق والالتزامات للوحدة القانونية .
واسترشاداً بما تقدم يمكن القول إن الشخصية القانونية تكمُن في القدرة على اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات والقيام بالتصرفات القانونية من رفع دعاوى لها أو عليها في حالة إخلالها بحقوق الغير . وكما هو معروف فقد كان القانون الدولي العام حتى بداية القرن العشرين يعتبر أن الدول وحدها هي التي تتمتع بالشخصية القانونية الدولية ، لأن هذا القانون لم يكن لينظّم إلا علاقات الدول فيما بينها ، ولأن الدول هي التي كانت تملك سلطة التصرف على الصعيد الدولي . ومع ذلك فقد بدأ الفقه الدولي وتحت ضغط الوقائع التي ترجع إلى ظهور متزايد لوحدات في المجتمع الدولي تقوم بدور فعّال في ميدان العلاقات الدولية من ناحية ، والى تدخل القانون الدولي لحماية الفرد ضد دولته من ناحية أخرى ، الأمر الذي اضطر الفقه إلى العمل على توسيع دائرة سريان القانون الدولي من حيث الموضوع ، وبالتالي الاعتراف بالشخصية القانونية لوحدات أخرى غير الدول متمثلة في المنظمات الدولية والأفراد .
الدولة وعناصرها :
الدولة باعتبارها ظاهرة تمثل مرحلة تاريخية من مراحل حياة الإنسان ، حياة اجتماعية لا تزال تحظى باهتمام علم التاريخ والاجتماع والسياسة والقانون . والدولة بوصفها شخص القانون الدولي الرئيس في الماضي والحاضر ، انصب اهتمام القانون الدولي العام عليها ولا يزال . وعلى هذا الأساس سننطلق في دراستنا للدولة من زاوية محددة لا تتعدى نطاق أحكام القانون الدولي وقواعده ، متجنبين تناول هذا الموضوع من وجهة نظر الدراسات الدستورية المنصبّة اساساً على البحث في تكوين السلطة السياسية ووظائفها في المجتمع وتبيان العلاقة بينها وبين الأفراد . وعليه فان الذي يهمنا من دراسة الدولة في ضوء أحكام القانون الدولي وقواعده هو تحديد معناها وبيان عناصرها وأشكالها وموضوع الاعتراف بها . ويمكن تعريف الدولة بأنها ( مجموعة من الأفراد يقيمون–على سبيل الاستقرار – في إقليم محدد ، ويخضعون لسلطة حاكمة ، لها السيادة على الإقليم وعلى أفراد المجتمع ) .
يستخلص من هذا التعريف انه يشترط توافر ثلاثة عناصر أساسية للقول بوجود الدولة هي : الشعب والإقليم والسلطة أي الحكومة ، فإذا فُقد عنصر من هذه العناصر فانه لا يمكن القول بوجود الدولة من وجهة نظر القانون الدولي .
الشعب :
الشعب هو مجموع من الأفراد من الجنسين – حتى يتحقق له استمرار البقاء – الذين يعيشون في إقليم الدولة ويرتبط بها برابطة سياسية وقانونية . فوجود الشعب عنصر ملازم لقيام الدولة مع ما يستتبع ذلك من اختصاصات في إطار السيادة الإقليمية . فليس من المتصور الحديث عن دولة بدون توافر عنصر الشعب ، وليس من المنطق في شيء قيام دولة في إقليم مهجور .
الإقليم :
ينصرف اصطلاح إقليم الدولة إلى ذلك الجزء من الكرة الأرضية الذي تمارس الدولة عليه سيادتها ويقطن فيه سكانها ويسوده سلطانها . وهو يتكون من الأرض واليابسة وما يعلوها من الفضاء وما يحيطها من الماء . والعنصر الأصلي فيه هو القطاع اليابس ، إذ لا يوجد ولم يوجد من قبل إقليم بالمعنى المفهوم في القانون الدولي يتكون من عنصر الفضاء وحده أو من عنصر الماء . والإقليم أساسي في قيام الدولة ، ذلك إن مجموع الأفراد المكونين لعنصر الشعب لا يمكن أن يكون له كيان مستقل ما لم يقيموا في إقليم معين . فضلاً عن انه شرط جوهري لاكتساب الدولة الشخصية القانونية ، ذلك لان هذه الشخصية تقتضي وجود القدرة على التصرف في نطاق إقليم معين يقيم فيه الشعب بصورة دائمة ، وفي ضوء ذلك لا يتمتع بوصف الدولة القبائل الرحل التي لا تستقر في إقليم على الدوام .
اولاً – صفات الإقليم :
في مفهوم الدولة الحديث يجب توافر الصفات التالية في الإقليم :
1. رقعة من اليابسة ، ولا يشترط القانون الدولي في هذه الرقعة مساحة معينة ، فلا يوجد في القانون الدولي حد أدنى مطلوب توافره في هذا الشأن . فقد تكون هذه الرقعة كبيرة جداً كما هو الحال في إقليم الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية والصين ، وقد تكون رقعة الإقليم صغيرة جداً بحيث لا تتجاوز بضعة كيلو مترات كما هو الحال في إمارة موناكو وسان مارينو واندروه و البحرين . إلا انه من الناحية الواقعية فان اتساع رقعة اليابسة تمنح الدولة قوة وفعالية من مختلف النواحي لكن ضيق هذه الرقعة لا يؤثر في وجودها وتمتعها بالشخصية القانونية الدولية .
2. ليس شرطاً أن تكون رقعة الإقليم متصلة الأجزاء ، فقد يكون إقليم الدولة منفصلاً من بعض أجزائه عن بعض كما هو الحال في إندونيسيا والفلبين ، إذ يتكون الإقليم من مجموعة جزر متناثرة . كما انه قد يقع إقليم الدولة في قارات مختلفة كما هو الحال بالنسبة لتركيا .
3. الثبات ، بمعنى إن شعب الدولة يقيم فوق أرضها من اجل الحياة الدائمة المستقرة وينبني على ذلك أن القبائل الرحل الذين يستقرون على أراضي الدولة بصورة مؤقتة ثم ينزحون عنها ، لا يصدق عليهم وصف الدولة ، وذلك لعدم استقرارهم في إقليم معين على الدوام .
4. التحديد ، بمعنى أن يكون الإقليم محصوراً ضمن حدود واضحة المعالم ، ويتحدد ذلك بمدى سريان سيادة الدولة أو اختصاصها ، وعليه فلا عبرة للنظرية التي تبنتها روسيا السوفييتية في دستورها الأول في العام 1923م و أغفلها دستورها الصادر في العام 1936م والمعروفة بنظرية الإقليم المتموّج . ولا عبرة كذلك بالمذهب النازي الذي كان يتبنى نظرية المجال الحيوي التي كانت تنطلق من السماح للدولة بالتوسع في حدودها على حساب الدول المجاورة لإيجاد مجال حيوي يتناسب مع قوة شعب تلك الدول وحيويته ، للحصول على حاجاته الضرورية .
ثانياً- عناصر الإقليم :
يتكون الإقليم من عناصر ثلاث هي :
1. الإقليم البري ، وهو ذلك الجزء اليابس من الأرض الذي تضمه حدود الدولة وما ينطوي تحته أو يقوم عليه من معالم الطبيعة الجغرافية مثل الجبال والصحارى والبحيرات والقنوات والأنهار التي تقع بأكملها في إقليم الدولة تعد أجزاء من هذا الإقليم . والشرط اللازم لاعتبارها كذلك وقوعها بأكملها داخل حدود الدولة .
2. الإقليم البحري ، هو ذلك الجزء من إقليم الدولة الذي تغمره المياه ، وينقسم إلى قسمين ؛ مياه داخلية ، أي المساحات البحرية التي تضم الموانئ والمضايق وكل المياه الموجودة قبل الخط الأساسي للمياه الإقليمية وتباشر عليه الدولة جميع الحقوق المتفرعة عن سيادتها ، أما المياه الإقليمية فهي ؛ التي تباشر عليها الدولة سيادةً كاملة باستثناء قيد المرور البري للسفن الأجنبية .
3. الإقليم الجوي ، ويشمل طبقات الجوالتي تعلو إقليمي الدولة البري والبحري .
ثالثاً- تحديد نطاق الإقليم :
يتم تعيين إقليم الدولة عن طريق خطوط تسمى بالحدود . ويقصد بحدود الدولة الخطوط التي تحدد المدى الذي تستطيع الدولة ممارسة سيادتها فيه ، إذ تبدأ عندها سيادة الدولة صاحبة الإقليم وتنتهي سيادة غيرها ، وتنتهي وراءها سيادتها وتبدأ سيادة غيرها من الدول .
الحكومة
إن الشعب والإقليم بدون حكومة لا يشكلان وحدهما دولة ، ولا دولة بدون حكومة . والدولة مجتمع سياسي ، وأي مجتمع سياسي يحتاج إلى سلطة منظمة تمارس صلاحيات الحكم فيه . وتتجسد الحكومة بالسلطات العامة المنظمة القادرة على القيام بوظائف الدولة في الداخل والخارج . وحيث أن الدولة شخص اعتباري لابد من وجود من يمثله ويعبر عن إرادته . وهكذا تعد الأجهزة التشريعية والتنفيذية والقضائية عناصر لازمة لأمكان ممارسة الدولة لصلاحياتها . وتؤخذ الحكومة في النطاق الدولي بالمعنى الواسع فهي لا تنحصر في السلطة التنفيذية وحسب وانما في مجموع السلطات العمومية ايضاً التي تؤلف تنظيماً حكومياً يتولى الأشراف على الشعب والإقليم وادارة المرافق العامة اللازمة لحفظ كيانها وتحقيق استقرارها ونموها بما تملكه من سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية . ويجب أن تتوافر عدة شروط في الحكومة ، هي الفعلية ، السيادة والاستقلال .
1. الفعلية :
يقصد بشرط الفعلية ، وجود سلطة قادرة على إقامة نظام قانوني نافذ في نطاق إقليم الدولة بكامله ، وقادرة على الوفاء بالالتزامات التي يفرضها القانون الدولي عليها . وفي حالة حدوث تغييرات في تنظيم السلطات العامة أو في الأشخاص القائمين بها ، فالذي يهم القانون الدولي في مثل هذه الأوضاع قيام السلطات العامة الجديدة في الدولة فعلاً بالواجبات التي يفرضها القانون الدولي على الدولة . وتوضيح ذلك ، هو أن الدولة – كما هو معروف – باقية في جوهر كيانها مهما حدث في داخلها من تغييرات في تنظيم السلطة أو في أشخاص القابضين عليها. وهذا ما يلق عليه مبدأ استمرارية الدولة أو وحدة هويتها ، رغم التغيير الذي قد يطرأ على السلطة وأشخاص الحاكمين . كذلك فان الفعلية تفترض الشمولية والمانعية ، بمعنى أن يكون سلطان حكام الدولة شاملاً كامل الإقليم ومن عليه بشكل مانع ، أي لا يشاركها فيه مشارك . كما أن القانون الدولي لا يعني بالأساس الدستوري أو الشرعي للسلطة ولا بالشكل السياسي للحكم ، ولا في الفلسفة السياسية للسلطة ولا بعلاقة المواطنين بها . ذلك لان المبدأ هو حرية اختيار شكل الحكم وللدول أن تختارما تشاء من أشكال الحكم شريطة أن لا يمس حقوق الدول الأخرى أو يتعارض مع الثوابت في الحضارة الدولية . وكل ما يعني القانون الدولي– في هذا المجال – هو استمرار وجود السلطة عن طريق قيامها فعلاً باختصاصات الدولة الكفيلة ببقائها واستمرارها .
2. السيادة و الاستقلال :
السيادة والاستقلال مصطلح يستعمل للدلالة على حق الدولة بأن تتخذ أي قرار تراه دون أن تخضع لسلطة خارجية ، مع تقيّدها بالالتزامات المنبثقة عن قواعد القانون الدولي . وقد ظهرت فكرة السيادة في البداية كمبدأ أساسي يجعل من الملك صاحب كل السلطات في مملكته . وعرفها المفكّر الفرنسي ( جان بودان ) بأنها (السلطة العليا على المواطنين التي لا تخضع للقوانين ) . واعتبرت السيادة فيما مضى سلطة مطلقة لا يقيّد الدولة في ممارستها غير أرادتها . وبقيت هذه الفكرة سائدة إلى عهد قريب ، وقد ترتب على هذا المفهوم نتائج خطيرة أدت إلى اشتعال الحروب بشكل مستمر ، كما أن الدول لم تعرف فيما بينها علاقات التعاون وكانت الريادة دائماً للدولة القوية ، ومثل هذا الوضع لم يساعد على إيجاد قواعد قانونية دولية لتنظيم علاقات الدول وضبطها . ونتيجة لتطور العلاقات الدولية تطور مفهوم السيادة واصبح ذا معنى قانوني ، ووجدت قواعد قانونية تحكم هذه العلاقات بين الدول ، وفي ضوء هذه التغييرات الجديدة اصبح يُنظر للسيادة من خلال هذه القواعد ، وغدت الدول تتقيد في تصرفاتها بما للدول الأخرى من حقوق يتعين عدم الإخلال بها في ضوء قواعد القانون الدولي . ومثل هذا التقيّد في تصرفات الدولة ليس فيه انتقاص من هذه السيادة ، وذلك لأن هذا التقيد عام يشمل الدول كافة وفي صالحها جميعاً ، والسيادة لا تتنافى مع الخضوع للقانون ، إنما الذي يتنافى معها هو الخضوع لارادة دولة أخرى . ولا يزال مبدأ السيادة من المبادئ المسلم بها في القانون الدولي المعاصر ، بل ومن المبادئ الرئيسية التي يقوم عليها النظام الدولي الراهن ، وهذا ما تضمنه مضمون المادة الثانية / الفقرة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة التي جاء بها ( تقوم الهيئة على مبدأ المساواة في السيادة بين جميع أعضائها) . ويرتبط مبدأ السيادة بمبدأ الاستقلال ، وقد أكدت على ذلك القرارات الصادرة عن القضاء الدولي التي شدّدت على مبدأ السيادة وتماثله بالاستقلال ، ففي قضية جزيرة (( بالماس)) صرح المحكم (( ماكس هوبر )) ( إن السيادة في العلاقات القائمة بين الدول تفيد استقلالهم ) .
صفات السيادة : لابد من توافر صفات معينة في السيادة هي :
1. وحدة السيادة ، بمعنى أن السيادة هي بحكم الضرورة ولاية الدولة في حدود إقليمها ولاية انفرادية يتوجب على الدول الأخرى احترامها . وقد أكدت محكمة العدل الدولية على ذلك في الحكم الذي أصدرته في قضية مضيق كورفو في العام 1949م بقولها ( إن احترام السيادة الإقليمية بين الدول المستقلة يعد أساسا جوهرياً من أسس العلاقات الدولية ) .
2. السيادة لا تقبل التجزئة ، يعني أنها لا تتعدد . وحتى في الدول المركبة ( أي الاتحادية ) فان السيادة تبقى واحدة بيد السلطة المركزية وكل ما هنالك هو تعدد مراكز ممارسة السيادة بين السلطة المركزية والسلطات المحلية في هذه الحالة .
3. السيادة لا تقبل التصرف ، أي عدم جواز التنازل عنها ، لأن الدولة التي تتنازل عن سيادتها تفقد وصفاً لشخصية الدولة القانونية .
4. واخيراً ، فان التقادم المكسب والتقادم المسقط لا محل لهما في نقل السيادة من دولة إلى أخرى ، فالسيادة لا تكتسب بمجرد مرور الوقت ولا تسقط لعدم ممارستها بالمدة الطويلة .
التمييز بين السيادة ومظاهرها
يتعين عدم الخلط بين السيادة كوضع قانوني وبين ممارستها في مختلف مضاهرها من الناحية الواقعية ، ذلك أن هناك دولاً تتولى إدارة شؤونها كلها أو بعضها دول أجنبية . ومثل هذا الوضع لا يؤدي إلى تجريد هذه الدولة من سيادتها ، بل على العكس تبقى محتفظة بشخصيتها الدولية المتميزة عن شخصية الدولة التي تتولى الإدارة والإشراف نيابةً عنها وهناك أمثلة كثيرة على مثل هذه الحالة ، منها البلاد المشمولة بنظام الوصاية ، حيث إنها تظل محتفظة بسيادتها القانونية على الرغم من تولي الدول ذات الولاية عليها ممارسة كل أو بعض مظاهر هذه السيادة ومن ذلك ايضاً ، انه في حالة الاحتلال الحربي تباشر سلطات الاحتلال السلطة الفعلية على الأراضي المحتلة ، إلا أن السيادة – كوضع قانوني – تظل محفوظة للدولة صاحبة الإقليم الأصلية .
مظاهر السيادة
كنتيجة طبيعية لتوافر عنصر السيادة أو الاستقلال ، يكون للدولة الحق في مباشرة الاختصاصات المتعلقة بوجودها كافة كدولة على الصعيدين الداخلي و الخارجي .
1. المظهر الداخلي : ويتمثل في حرية الدولة في تصريف شؤونها الداخلية وتنظيم مرافقها العامة وفرض سلطاتها كافة على ما يوجد في إقليمها من أشخاص واموال وحقها في التشريع والقضاء .
2. المظهر الخارجي : ويتجلّى في أن تتولى الدولة إدارة علاقاتها الخارجية مع الدول الأخرى بإرادتها الحرة النابعة من ذاتها دون أن تخضع لسلطة أجنبية فتتبادل التمثيل الدبلوماسي مع الدول الأخرى وتشترك في المؤتمرات وتبرم المعاهدات وتنضم إلى المنضمات الدولية أو الإقليمية إلى غير ذلك من ممارسة النشاطات الدولية الخارجية
دعواتكم لي بالتوفيق...