تعتبر مشاكل الكتابة أمرا طبيعيا لدى الطفل في بداية ممارسته لها، لكن إن تواصلت المشاكل إلى السنة الدراسية الثالثة فيجب التوقف عند الأمر لدراسته ومعالجته، إذ إنه من المحتمل أن يكون الطفل يعاني من خلل الكتابة (الديسغرافيا) أو أي عائق آخر يسبب له تلك الظاهر .
مظاهر خلل الكتابة وسوء الخط :
تتعدد هذه المظاهر وتختلف من طفل لآخر، ولكن يمكن الإشارة إلى مجموعة منها كثيرة المشاهدة لدى الأطفال سيئي الخط، فمعظم كتاباتهم تحتوي على واحدة أو أكثر من الصفات التالية:
· اختلاف أحجام الحروف وعدم تناسبها.
· الكتابة المسننة (بسبب ارتعاش اليد).
· الكتابة المقطعة (معلم = مع لم).
· الكتابة المقلوبة أو المعكوسة.
· المتن غير المرتب (لا يكتب الكلمات متتالية ضمن سياق واحد فهو يتنقل في الورقة دون نظام).
· تغير الأحرف الناتج عن سوء التلفظ (ثواب = سواب).
· أخطاء الكتابة (نتيجة عدم القدرة على تذكر أشكال الحروف).
الأسباب المؤدية لخلل الكتابة وسوء الخط :
نستطيع أن نجمل الأسباب المؤدية لظاهرة خلل الكتابة وسوء الخط بخمس مجموعات من الأسباب؛ وهي الأسباب الجسمية، والحركية، والنفسية، والعاطفية، والثقافية. وفيما يلي تفصيل لهذه المجموعات كلا على حدة:
أولا- الأسباب الجسمية :-
; ضعف السمع: لا يحصل الطفل على كلمة واضحة، فيكتب ما سمع رغم نقصه.
; ضعف البصر: لا يستطيع الطفل أن يتابع حركة رسم الكتابة على الورق، فتخرج كتابته معوجة.● عدم قدرة اليد على الأداء: بسبب تشوه في الأصابع، أو شللها، أو رجفانها.
مشاكل دماغية
ثانيا- الأسباب الحركية:
; ضعف الأعمال والانفعالات الحركية.
; ضعف الفعاليات الحركية-النفسية.
; عدم التناسق بين اليد والعين.
صعوبة رسم الحروف.
; صعوبة تحريك القلم بسبب الانقباض المفرط لليد.
; تغطية اليد للكتابة مما يسبب عدم رؤية الحروف عند الكتابة.
ثالثا- الأسباب النفسية:
; صعوبة نقل الإدراك بين اليد والعين.
صعوبة حفظ التجارب البصرية.
; نقص في إدراك المحيط الخارجي وتشخيصه.
تعذر إخراج المعلومات وتحويلها إلى حركة (مما يؤدي إلى تعدد أشكال الحرف الواحد بتكرار كتابته).
التخلف والأمراض النفسية.
رابعا- الأسباب العاطفية:
; المحيط المضطرب الخالي من العواطف (مما يؤدي إلى حياة مرتبكة غير نظامية تلقي بظلالها على شخصية الطفل فهو مرتبك الخط لارتباك حياته، ولا نظام في خطه إذ لا نظام في طريقة عيشه، ومرتجف الخط لارتجاف نفسه وتزعزعها).
خامسا- الأسباب الثقافية:
; ضعف القدرة النحوية (عدم إدراك مغزى الكلام عند الاستماع إليه، والعجز عن التعبير عن النفس بالأسلوب المناسب).
; الفقر الأدبي واستيلاء ثقافة اللغة العامية عليه (مما يؤدي إلى تحول الحروف إلى مثيلاتها في اللغة العامية: ث=س، ض=ظ)
ضعف القدرة الفنية (فالحرف كائن فني يحتاج إلى مراعاة نسبه وانحناءاته في طرق رسمه المختلفة خاصة في الكتابة العربية).
الإجراءات اللازمة للتعامل مع خلل الكتابة وسوء الخط :-
إن الطفل المصاب بهذا النوع من المشاكل يحس مباشرة بحاجته إلى تدارك وضعه لأن المضار المترتبة على تفاقم حالته يوما بعد يوم تصيبه في الصميم بدءا من سوء وضعه الدراسي إلى فقدانه التواصل مع المعلم والتلاميذ وانتهاء بالخوف المستمر من الفشل المستقبلي في هذا العالم الذي تشكل الكتابة فيه الوسيلة الأولى لإنشاء المشاريع وتقديم الطلبات ونقل المشاعر وغير ذلك.
إن هذا الإحساس يسهل مهمة حل هذه المشكلة بشكل كبير نظرا لوعي الطفل بفداحة الخطر، فيترتب على الوالدين البدء فورا بالإجراءات المختلفة التي تؤدي إلى تحسين وضع الطفل ووضعه على المسار الصحيح الذي يكفل تصحيح كتابته وتحسين خطه، ومن هذه الإجراءات:
1. إزالة الأسباب المباشرة التي تؤدي إلى مشاكل في الكتابة:
وذلك بتقصي وجود الأسباب التي ذكرناها في ما سبق ومعالجة ما يمكن معالجته منها؛ فالسبب الجسمي أو الحركي أو النفسي يعالج باللجوء إلى الأساليب الطبية الناجعة.
والسبب العاطفي يستدرك بتوفير المحيط الإيجابي البعيد عن كل حزن أو تشويش أو اضطراب، أما السبب الثقافي فيحتاج إلى إيجاد جو من سعة الأفق والمعرفة الثقافية في الأسرة حتى لا تكون الكتابة شيئا عديم الممارسة في البيت.
2. تعليم الطفل المهارات اللازمة للكتابة الجيدة:
كمهارات مسك القلم (القوة المناسبة لذلك، الزاوية الصحيحة، استعمال الأصابع المناسبة،...)، والوضع الصحيح للورقة (تثبيتها، لونها،...)، وفنون الكتابة (أنواع الخط المختلفة، المقاييس الصحيحة للحروف، وضع الحرف نزولا وارتفاعا،...)، والتهجي الصحيح (الفروق بين الحروف متقاربة اللفظ، الحركات،...)، ووضعية الجلوس المناسبة (زاوية الرؤية، انحناء الظهر والرقبة،...)، تقوية الذاكرة.
3. استخدام الوسائل التقنية المناسبة:
مثل الكراسات التقويمية التي تحتوي على كلمات مكتوبة بأسلوب التنقيط.
4. المتابعة الدائمة للطفل أثناء التدريب:
تكليف الطفل بتدريبات يومية تعرض على المعلم الذي يقيم تطور وضع الطفل ويقرر الوسيلة المناسبة للوصول إلى الهدف المنشود.
5. الامتناع عن وصم الطفل بسوء الخط والضغط عليه من أجل التدريب، والاستعاضة عن ذلك بالتشجيع المستمر وتقديم الإطراء على كل نجاح خلال هذه العملية.
أخيرا تجب الإشارة إلى أهمية تمرين الطفل على الكتابة منذ نعومة أظفاره، لكي يكبر عليها باعتبارها واقعا حياتيا وضرورة للعيش، لا أن تكون شيئا جديدا يتعلمه في المدرسة، وهذا يضمن له التدرج الطبيعي في المدرسة وممارسة الكتابة بعفوية لا تقل عن عفوية القراءة، كما إن تنبيه الطفل إلى جماليات الخط العربي يساهم بصورة فعالة إلى تكوين علاقة فنية تسند الجانب العفوي للكتابة وتقويه.
_