مقارنة
مقدمة :
لقد ساد الاعتقاد قديما أن الشعور هو أساس الحياة النفسية، وكل قول بوجود اللاشعور هو قول يجمع بين تقيضين في شيء واحد أي شعور ولا شعور في الحياة النفسية، لكن معطيات علم النفس الحديث اتجهت وجهة أخرى وراحت تقول أن الحياة النفسية قد تكون شعورية مثلما هو معروف ويمكنها أن تكون لا شعورية، ويعرف الشعور بأنه حدس الفكر التام لأحواله وأفعاله الذاتية، في حين يعرف اللاشعور على أنه مجموع الأحوال النفسية الباطنية التي تؤثر في السلوك دون الشعور بها، فإذا كان يبدو أنه من خلال التعريف أنهما مختلفان ، فما علاقة كل منهما بالآخر في شخصية الفرد ؟
التحليل :
أوجه الاتفاق (( التشابه )) :
ـ الشعور واللاشعور كلاهما حالتان يعيشهما الإنسان، فالإنسان هو الكائن الوحيد الذي يعيش حالة الشعور كما أنه يعيش حالة اللاشعور.
ـ الشعور واللاشعور كلاهما حالتان نفسيتان، فكل منهما يحتل منطقة في النفس البشرية حسب التحليل النفسي.
أوجه الاختلاف :
الشعور حالة واعية يعيشها الإنسان مصحوبة بالإتنباه والتركيز والإهتمام ، فالعقل يجد شكله الأسمى في الشعور، حيث يجري عملياته كالإستنتاج ، النقد ، المقارنة ... بينما اللاشعور هو حالة غير واعية يعيشها الإنسان وهو يشبه حالة الظلام، وهو يقال على الأحوال النفسية التي خرجت من مجال الشعور.
أوجه التداخل :
إن الحياة النفسية قبل فرويد كانت محصورة في الظواهر الشعورية فقط ، لكن فرويد كشف أن الحياة النفسية تركيبة، ويمثل اللاشعور الجانب العميق منها ، والتداخل القائم بين الجانبين أن ما هو موجود في الشعور قد ينزل إلى اللاشعور ، وأن ما هو موجود في اللاشعور متحفز للصعود إلى الشعور، وفي كل منهما تجري مجموعة من العمليات والنشاطات النفسية.
الخاتمة :
في الأخير يمكن أن نؤكد أن العلاقة بين الشعور واللاشعور هي علاقة تكامل في فهم الحياة النفسية، إذ أصبح علماء النفس يفسرون الكثير من الظواهر التي لا يجدون لها تفسيرا في الشعور باللجوء إلى اللاشعور، لكن الصراع لا يزال قائما حول أهمية كل منهما في فهم الحياة النفسية، وقد جعل فرويد من اللاشعور مركز الثقل في الحياة النفسية والمحرك الرئيسي لسلوك الإنسان.