الإنسان فقير بنفسه، غنيٌ بإخوانه وأقرانه، فهو لوحده لا شيء، وبتفرّده في رأيه متسلّط ومنبوذ، وبانطوائيته وانعزاله إمّا متعال أو مريض.
ومن محاسن هذا الدّين الشّريف، أن رغّب في الشّورى وأرشد إلى التّعاون فيها وإبداء الرأي، والسّماع للآخر. قال تعالى موجّهًا خطابه إلى نبيّه الكريم صلّى الله عليه وسلّم: “وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ”. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “ما رأيتُ أحدًا أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم”. ومن ذلك استشارته عليه الصّلاة والسّلام لأصحابه في الخروج أو البقاء في المدينة يوم أُحُد، وفي مصالحة بعض الأحزاب يوم الخندق على ثلث ثمار المدينة.
وفي المشورة نور بعد ظلام وهدى بعد ظلال وسلامة بعد خوف وحذر وتخبّط. وقالوا قديمًا: لا مال أوفر من العقل، ولا فقر أعظم من الجهل، ولا أظهر أقوى من المشورة. وقال الحسن رضي الله عنه: النّاس ثلاثة فرجلٌ رجل، ورجلٌ نصف رجل، ورجلٌ لا رجل، فأمّا الرّجل الرّجل فذو الرّأي والمشورة، والرّجل نصف الرّجل الذّلّ له رأي ولا يشاور، والرّجل لا رجل فالّذي ليس له رأي ولا يشاور.