احتمال وجود رأيين متناقضين:-
يمكنتصنيف أفعال الإنسان إلى سلوكات أخلاقية وسلوكات لا أخلاقية وفق قيمومبادئ ثابتة رغم تغير الزمان والمكان والأحوال والظروف،فالصدق والأمانةوالوفاء والإخلاص قيم عرفت في جميع المجتمعات ،بغض النظر عن طبيعتهاالاجتماعية والدينية والثقافية والحضارية،وكانت هده القيم بمثابة معاييروغايات يسعى الإنسان دوماً إلى تجسيدها في سلوكه وهدا ما يتمثل الطابعالشمولي للقيم الأخلاقية كقيم إنساني يجب أن يكون السلوك الإنساني موافقالها لان الفعل الأخلاقي حسب هدا التصور هو الفعل الموافق لهده المبادئ غيرأن هده الأطروحة لا تتحققفي مجال ما يعرف بالأخلاق العملية الذي يتميز بالتغير وفق تغير الظروفوالمصالح والمنافع أي أن الفعل الأخلاقي يقاس حسب هدا التصور بما يترتبعنه من نتائج فهل يمكن التوفيق بين هدين الموقفين المتناقضين فيظاهرهما؟أو بعبارة أخرى هل يكون أخلاقيا بما يحققه من نتائج أم بمبادئه؟الأطروحة :
يقاسالفعل الأخلاقي بنتائجه ويمثل هدا الاتجاه النفعي أنصار اللذة والمنفعةالدين يعتبرون أن الخير كل الخير في تحقيق السعادة والشر فيما ينتج عنه منضرر وألم ومن أنصار هدا الاتجاه "أرستيب القورينائي"الذييرى أن اللذة صوت الطبيعة بما أنها فطرية فإنها تفرض نفسها على كل الأفرادوما عليهم سوى الخضوع لها فهي مقياس كل فعل أخلاقي ،ويقول :"اللذة هي الخير الأعظم ومقياس القيم جميعا...هدا هو صوت الطبيعة ...وما القيود إلا من وضع العرف "،ونجد كذلك من أنصار هدا المذهب "أبيقور"يرى أنه لا تؤخذ جميع اللذات بل اللذة الأنفع التي تدوم طويلا وهي اللذة العقلية وهي أفضل من اللذة الجسمية ،ويقول:"خد اللذة التي لا يعقبها الألم واجتنب الألم الذي لا يتبعه شيء من اللذات،وتجنب اللذة التي تحرمك من لذة أعظم أو يترتب عنها ألم وتقبل الألم الذي يخلصك من ألم أعظم منه".ونجد كذلك الفيلسوف"توماس هوبز"الذييرى أن المنفعة الشخصية هي أساس كل القيم لأن الإنسان خلق أنانيا وهدامعناه أن التضحية والرحمة والإحسان كفضائل هي سحقات،وقتل الوالدين أوالسعادة من إطار فردي إلى إطار جماعي،كما يرى كذلك"ج.س.مل"أنغاية الأخلاق هي تقديم أكبر وأعظم قدر من السعادة لأكبر عدد ممكن من الناسفي أقصر وقت ممكن، والأفعال تكون أخلاقية بقدر ما تحققه من سعادة.
لكن التسليم يهدا التيار سوف يفقد القيم الأخلاقية لشرعيتها ويحدث تناقضكبير بين مختلف القيم،فقد تتعارض بعض القيم الأخلاقية مع المنفعة الفرديةكالتبرع بالمال فهو مرغوب فيه لكنه يتعارض مع منفعة الفرد ،كما أنه ليس كلما تحققه منفعة فهو خير وكذلك اعتمد هدا الأساس على مبدأ قبلي فطري وهواللذة والألم وكذلك أهملت الجوهر الحقيقي الذي يتمتع به الإنسان ألا وهوالعقل،كما أن جعل اللذة غاية الحياة ومعياراً للأخلاق يتناقض مع الواقع.
نقيض الأطروحة:-
الفعل الأخلاقي يقاس بمبادئه ويمثل هدا الموقف أنصار المذهب العقلي،أد يعتبر"أفلاطون"أن القيم الأخلاقية يهتدي بها الإنسان في سلوكه ،فالحق والعدلوالحريةقيم مطلقة يجسدها الخير المطلق الموجود في عالم المثل،ولدا فالفعلالأخلاقي يقاس بمدى موافقته لهده المبادئ،باعتبار النتائج النفعية تنتميإلى عالم الحس،يقول" أفلاطون ":"الخير فوق الوجود قوة وشرف".كما يعتبر" كانط"أنالفعل الأخلاقي هو القيام بالواجب من أجل الواجب،فالصدقة والتعاون بهدفالمساعدة أو تحقيق المنفعة فعل لا أخلاقي لكونه مشروط وغير منزه ويتنافى معما تقره الإرادة الخيرة،كما يتنافى مع شروط وقواعد الواجب الأخلاقيالمتمثلة في خاصية الشمولية والكلية والغائية،وما يؤكد هده الأطروحةالطابع القبلي الصوري لهده القيم،وما تتميز به من اطلاقية وثبات أي النظرإلى نتائج الفعل في جانبها المتغير والنسبي يتنافى وجوهر القيم الأخلاقية .
للأسف مادعى إليه"كانط"رائع ولكنه مثالي ولا يمكن تكريسه على أرض الواقع .يقول"ج.بيارجي":"يدا كانطنقيتان ولكنه لا يملك يدين"،ثم من الذي يلزمني أصلا بفعل هدا الواجب .
-التجاوز:
إن المعيار الأسمى الذي تقوم عليه الأخلاق هو المعيار الديني،أي ما شرعهالله سبحانه وتعالى عن طريق رسله وكتبه التي أخرج بها ضمائر الأمم منالظلمات إلى النور،ومن جور الأحكام إلى القيم الأخلاقية السامية،والتيتمتاز بالكمال والمطلقية.
-حل المشكلة:
رغم هدا الجدل الكبير الذي يدور حول المعيار الذي تقوم عليه الأخلاق، إلا أنه يمكن القول بأن الدين هو المعيار الأسمىالذي يمكن الوثوق به لأن مصدره رباني .