التوازي والتَّكرارُ:
يقول محمود سامي البارودي مفتخراً بفرسِهِ:
زرْقٌ حوافرُه، سودٌ نواظرُه \\ خُضْرٌ جحافلُه، في خلقهِ ميَلُ
+ التوازي:
يُقصد بالتوازي مجيءُ وحدتين معجميتين متناظرتين متقابلتين، تقعان في نفس المكان والزمان، لا تتأخّر إحداهما عن الأخرى، وهو ما ينتج عنه أن تأتيَ الوحداتُ المتوازية مرتّبةً ترتيباً واحداً، الشيء الذي يسهم في إضفاء الحيوية الإيقاعية على البيت المتوفر على التوازي.
وإذا تأمّلنا بيتَ البارودي، وجدنا أنه يوازي بين (زرق و خضرٌ) وبين (حوفاره وجحافله)، وهو توازٍ نحويّ ( زرق وخضر: خبر مقدّم- حوافره وجحافله: مبتدأ مؤخر) ، صرفيّ ( فُعْلٌ فواعله: زرق حوافره، سودٌ نواظره)، عروضي ( مستفعلن فعلن)، أفقيّ أحادي ( داخل البيت الواحد). وقد أعطى هذا التوازي للبيت نبضاً إيقاعيا أسهم إلى حدّ بعيد في خلقِ جرْسٍ إيقاعيّ مطربٍ، ونغم موسيقي مؤثّر استطاع من خلاله الشاعر أن يعبّر عن إعجابه بفرسه الأسطوري.
+التكرار:
وفيما يخص التكرار، نلفي في البيتِ تكراراً للصوامت(أي الحروف بدون حركات) كالراء والهاء، والصوائت (الحركات) وعلى رأسها الضمة التي تكرّرت 18 مرة(احتسبنا التنوين وواو المد ضمّتين) ، ويعكس تكرار الضمة بكثرة حماسةَ الشاعر واعتزازه بفرسه وافتخاره به، هذا إضافة إلى تكرار الضيغة الصرفية (فُعْلٌ فواعله) ثلاث مرات، ناهيك عن تكرار نفس البحر والروي والقافية في القصيدة كلّها. ولعل التكرار بأنواعه المختلفة(نضيف إليه تكرار الألفاظ والجناس أيضا) أسهم في خلقِ تنوّع إيقاعي ارتقي بالبيت في سلّم الجمال الشعري.