الوحدة رقم 11:من مصادر الشريعة الإسلامية
1- الاجماع
أولا– تعريفه :
أ – لغة: للإجماع في اللغة معنيان:
1- العزم على الشيء والتصميم عليه.
2- الاتفاق على أي شيء.
ب- اصطلاحا: هو اتفاق جميع المجتهدين من المسلمين في عصر من العصور بعد وفاة الرسول – صلى الله عليه وسلم – على حكم من الأحكام الشرعية العملية.
ثانيا – أنواع الإجماع:
1- إجماع صريح: وهو أن يتفق المجتهدون على قول أو فعل بشكل صريح بأن يروى عن كل منهم هذا القول أو الفعل دون أن يخالف في ذلك واحد منهم.
2 – إجماع سكوتي: وهو أن يقول أو يعمل أحد المجتهدين بقول أو بعمل فيعلم الباقون بذلك فلا يظهرون معارضة ما.
ثالثا- أدلة حجية الإجماع الصريح:
* من القرآن الكريم: قوله تعالى : (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا )) النساء 115
* من السنة المطهرة: قال – صلى الله عليه وسلم -: (لا تجتمع أمتي على ضلالة ) وقال: ( ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن )
رابعا- حكم الإجماع: الإجماع على أنواع فمن العلماء من ذهب إلى أنه قطعي في كل أقسامه ومنهم من ذهب إلى أنه ظني في بعضها قطعي في بعضها الآخر.
خامسا– أمثلة من الإجماع :
1/ الإجماع على تحريم الزواج بالجدة.
2/ إجماع الصحابة على توريث الجدة السدس.
3/ إجماع الصحابة على جمع القرآن في مصحف واحد .
2- القياس
أولا – تعريف القياس:
لغة : التقدير .
اصطلاحا : هو مساواة أمر لأمر آخر في الحكم الثابت له لاشتراكهما في علة الحكم.
ثانيا – حجية القياس: القياس دليل من أدلة الأحكام وهو يفيد غلبة الظن فيكون حجة يجب العمل به إذ هو يستند إلى علة حقيقية ظاهرة ويتفق العمل به مع مقاصد الشريعة، وأدلة حجيته هي:
- من القرآن: قوله تعالى : (( فاعتبروا يا أولي الأبصار ))
- من السنة: روى أن امرأة خثعمية جاءت إلى الرسول – صلى الله عليه وسلم – وقالت له : ( إن أبي أدركته فريضة الحج أفأحج عنه ؟ فقال لها : أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته أكان ينفعه ذلك ؟ قالت: نعم قال: فدين الله أحق بالقضاء )
فكان هذا قياسا لدين الله على دين العباد
- أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يقيس بنفسه كثيرا من الأحكام ويذكر عللها والرسول – صلى الله عليه وسلم – أسوة حسنة لنا وقدوة في كل أعماله وأقواله، فكان ذلك منه دليلا على صحة القياس هنا من ذلك حديث الخثعمية السابق.
- عمل الصحابة رضي الله عنهم: ذلك أنه ثبت عن جمع كثير من الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يعملون بالقياس عند عدم النص حتى بلغ ذلك مرتبة التواتر عنهم، ومن أمثلة ذلك:
*- رأيه في الكلالة أنها ما عدا الوالد والولد وعلق قائلا:أقول فيها برأي
*- كتاب عمر بن الخطاب لأبي موسى الأشعري:اعرف الأشباه والأمثال وقس الأمور برأيك.
*- ابن عباس أنزل الجد منزلة الأب في حجب الإخوة من الميراث قياسا على ابن الابن.
ثالثا – أركان القياس وشروطه:
1- المقيس عليه : ويسمى الأصل وهو الأمر الذي ورد النص بحكمه.
2- المقيس : ويسمى الفرع وهو الأمر الذي لم يرد النص في حكمه ويطلب معرفة حكم الله فيه.
3 – الحكم : وهو المراد تعديته من الأصل إلى الفرع، وهو الحكم الشرعي الثابت للأصل بنص أو إجماع.
4 – العلة : وهي الوصف المشترك بين الأصل والفرع، والذي من أجله شرع الحكم في الأصل.
* شروط حكم الأصل :
1- أن يكون حكم الأصل ثابتا بالكتاب أو السنة والإجماع.
2- أن يكون الحكم معقول المعنى .
3 – أن لا يكون حكم الأصل مختصا به.
* شروط الفرع :
1 – قيام علة حكم الأصل في الفرع .
2 – أن يساوي الفرع الأصل في علة حكمه.
3 – أن لا يكون في الفرع نص خاص يدل على مخالفته القياس.
* شروط العلة :
1 – أن يدور الحكم معها في كل الأحوال ولا يتخلى عنها في بعض الأحوال.
2 – أن تكون العلة مطردة منعكسة مع حكمها بحيث يلزم من وجودها وجوده ومن عدمها عدمه في كل الحالات.
3 – أن تكون ظاهرة منضبطة .
رابعا- أمثلة عن القياس
*- قياس المخدرات على الخمر.
*- قياس تحريم ضرب الوالدين أو سبهما على تحريم قول أف لهما.
*- قياس الأوراق النقدية على العملة النقدية (الدرهم والفضة)
3 - المصالح المرسلة
أولا– تعريف المصالح المرسلة :
هي استنباط الحكم في واقعة لا نص فيها ولا إجماع بناء على مصلحة لا دليل من الشارع على اعتبارها ولا على إلغائها
ثانيا- حجية المصالح المرسلة وأدلة اعتبارها :
*- اتفق العلماء على عدم إمكان العمل بالمصالح في أمر من أمور العبادات لأن سبيلها التوقيف.
*- وكذلك الأمر في كل ما فيه نص أو إجماع من الأحكام الشرعية كالحدود و الكفارات.
أما في غير هذه الأمور مما يتعلق بالمعاملات والقضايا المتعلقة بالأمور العامة للبلاد والعباد فيرى المالكية أنها حجة شرعية يعتد بها في بناء الأحكام عليها واستدلوا بأدلة منها :
أ- شرع الله الأحكام لتحقيق مصالح العباد ودفع الضرر عنهم، يشهد لهذا القول أدلة من الكتاب والسنة، والرسول – صلى الله عليه وسلم – أرسل رحمة للعالمين وإنه لم يختر بين أمرين إلا اختار أيسرهما.
ب- إن الحوادث تتجدد والمصالح تتغير بتجدد الزمان والظروف وتطرأ على المجتمعات ضرورات وحاجات عديدة تستدعي أحكاما معينة، لذلك من الضروري أخذ هذه الأمور بعين الاعتبار وفسح المجال أمام المجتهدين لاستنباط الأحكام وفق المصالح وإلا ضاقت الشريعة بمصالح العباد وقصرت.
ج- روعيت المصلحة بنحو أوسع من القياس في اجتهادات الصحابة والتابعين وأئمة الإجتهاد حتى كان ذلك بمنزلة الإجماع على رعايتها.
ثالثا- شروط العمل بالمصالح المرسلة :
*- أن تكون ملائمة لمقاصد الشرع الضرورية لقيام مصالح العباد.
* – أن تكون مصلحة لعامة الناس وليست مصلحة شخصية.
* – أن تكون معقولة في ذاتها حقيقة لا وهمية بأن يتحقق من تشريع الحكم بها جلب نفع أو دفع ضرر.
أمثلة:
توثيق عقد الزواج وتسجيله في البلدية
لا يوجد نص صريح يعتبره واجبا كما لا يوجد نص صريح يعتبره حراما إذن فهو مصلحة مرسلة........لكن بالنظر إليه وجدنا في عدم توثيق عقد الزواج مضارا خطيرة كضياع حقوق الزوجة ونسب الأولاد كما أن فيه مساسا بالأعراض وذلك في حالة إنكار الزوج وخاصة أن المحاكم والقضاء لا يعترف إلا بالعقود الموثقة.
إذن في توثيق عقد الزوج تحقيق للمصلحة التي جاء الإسلام من أجلها.
أمثلة أخرى:
*اتفاق الصحابة في عهد سيدنا أبي بكر رضي الله عنه على كتابة المصحف على الترتيب التوقيفي.
*اتفاقهم على استنساخ عدة نسخ منه في عهد سيدنا عثمان رضي الله عنه.
إبقاء الأراضي الزراعية في عهد عمر رضي الله عنه التي فتحوها بأيدي أهلها ووضع الخراج عليها.
*وضع قواعد خاصة للمرور في الطرقات العامة وكان ذلك في الأندلس.