الدعوى العمومية : بصفة عامة تعرف الدعوى على انها " المطالبة بالحق عن طريق القضاء " ، اما الدعوى العمومية فتعرف على انها "مطالبة النيابة العامة باسم المجتمع وامام القضاء بتوقيع العقوبة على المتهم "
وندرسها في مباحث ثلاثة :
المبحث الاول : نشوء الدعوى العمومية وتحريكها ومباشرتها
المطلب الاول : نشأة الدعوى العمومية
تنشأ الدعوى العمومية بمجرد وقوع الجريمة أي يكون من حق المجتمع ممثلا بالنيابة العامة تعقب المجرم ومحاكمته الى ان يحكم عليه نهائيا ، وقد لاتتحرك الدعوى العمومية اذا لم تقدم الضحية شكوى او لم يبلغ السلطات المعنية بالجريمة أو لأسباب كثيرة .
المطلب الثاني : تحريك الدعوى العمومية
ويقصد بها بداية سير الدعوى ، وتبدأ من وقت اتخاذ اجراء من اجراءات التحقيق وبعد طلب افتتاحي من النيابة يوجه للسيد قاضي التحقيق وبعد توجيه الاتهام مباشرة الى الفاعل او الفاعلين ، كما يمكن تحريكها من طرف المضرور وهذا ما يفهم من نص المادة الاولى 1 من قانون الاجراءات الجزائية .
واهم الحالات التي يجوز فيها للطرف المدني تحريك الدعوى العمومية منها ما نصت عليه المادة 337 ق.ا.ج مكرر بعد دفع كفالة يحددها وكيل الجمهورية تدفع بموجب وصل ، وحق النيابة في تحريك الدعوى العمومية نصت عليه المادة 29 من ق.ا.ج ، هذا من حيث الاصل ، الا انه بمجرد وقوع الجريمة وخاصة الجرائم الخطرة واخطار وكيل الجمهورية بها تبدأ الضبطية بالتحري وجمع الادلة وحتى القبض على المتهم ، وعموما فيمكن القول أن تحريك الدعوى العمومية يكون من توجيه الاتهام الى المتهم المعروف أو المجهول واحالة الملف على قاضي التحقيق أو المحكمة حتى يفصل في الاتهام ، وعموما لا يمكن تحريك الدعوى العمومية من طرف المضرور الا بعد موافقة من وكيل الجمهورية ، وهذا ما هومعمول به ميدانيا والأحكام المنصوص عليها بالمواد من 567 الى571 ق.ا.ج ليست حقا مطلقا لرؤوس المجالس والمحاكم في تحريك الدعوى العمومية ضد المتهمين الذين يخلون بنظام الجلسات او شهود الزور الا بعد تحرير محضر بالجرم المرتكب وارسالها الى وكيل الجمهورية ، وهذا هو الفهم السليم للنص حتى لا يكون القاضي يجهة حكم وجهة اتهام في نفس الوقت وذلك لتحقيق العدالة ، ويمكن تحريك الدعوى العمومية بمجرد توجيه الاتهام واحالة الملف على المحكمة المختصة في الجرائم البسيطة مثل الجنح والمخالفات .
المطلب الثالث : مباشرة الدعوى العمومية
ويقصد بذلك اتخاذ بعض الاجراءات حيالها بعد تحريكها أمام القضاء ويكون ذلك باجراء طلبات أمام قاضي التحقيق مثل طلب ايداع المتهم او تقديم طلبات أمام المحكمة سواء أكانت طلبات شفوية أو الكتابة وفي الغالب تكون شفاهة وخاصة أمام جهات الحكم وكذلك مباشرتها بالاستئناف والطعن في الأحكام والقرارات والأوامر .
المبحث الثاني : القيود الواردة على تحريك الدعوى العمومية
ان النيابة العامة من حيث الأصل والمبدأ العام هي التي تحرك الدعوى العمومية الا ان هذا المبدأ ترد عليه بعض القيود منها ضرورة القيام بشكوى من الضحية وخاصة سرقة الأصول وفي بعض الحالات لا بد من الحصول على اذن أو طلب ، والطلب يكون من الهيئات العامة المضرورة والاذن يخص أعضاء البرلمان ، وعلى ما سبق نتناول هذه القيود بشيء من الايجاز .
المطلب الأول : الشكوى
يقصد بالشكوى تبليغ السلطات العامة من المجني عليه او من يقوم مقامه عن جريمة وقعت عليه ، والمعمول به حاليا ان الشكوى تقدم للسيد وكيل الجمهورية من الشاكي شخصيا او محاميه وتسجل ثم ترسل الى الضبطية القضائية لسماع الاطراف الشاكي والمشتكى به وحتى الشهود ان امكن ، و ارجاع الملف الى السيد وكيل الجمهورية الذي يتصرف في الشكاية اما باحالة الملف على المحكمة او لقاضي التحقيق او للحفظ . أما الحالة الثانية فان الشاكي يتوجه الى الضبطية القضائية ليقدم بلاغا امامها وهي تخبر وكيل الجمهورية اذا كانت الجريمة خطرة وتحقق في القضية وتحيل الملف للنيابة للتصرف فيه الا أن هذا الاجراء مرتبط بمشيئة الضبطية القضائية .، وعموما فان الجرائم التي تقيد لدى النيابة العامة ترد على سبيل الحصر منها ما يتعلق بجرائم الزنا المنصوص عليها بالمادة 339 ق.ع ، والسرقة بين الأقارب المنصوص عليها بالمادة 368 ق.ع والمقيدة بالمادتين 369 و389 ، اذ لا تحرك الدعوى الا بناءا على شكوى المضرور والتنازل يضع حدا لمتابعة ، ونفس الشيء فيما يخص جرائم خيانة الامانة المنصوص عليها بالمادة 376 ق.ع المقيدة بنص المادة 377 ق.ع فتحريك الدعوى العمومية بشأن ما ذكر من جرائم مقيد بالشكوى ، ونفس الشيء فيما يخص جرائم هجر الأسرة والزوجة مع علمه بأنها حامل مثلا ويتخلى عن كافة التزاماته ، او أحد الوالدين الذي يعرض صحة الاطفال للخطر باساءة معاملتهم ، فتحريك الدعوى العمومية لا يكون الا بناءاعلى شكوى حسب المادة 330ق.ع ، والمشرع في هذه الحالات رأى مصلحة الاسرة وضرورة ترابطها بدل تفككها وفي رأينا مصلحة الاسرى أولى بالرعاية من مصلحة المجتمع لانها نواة المجتمع ، وفي حالة تعدد الجرائم فان القيود المذكورة لا تمنع من تحريك الدعوى العمومية حول جريمة متلازمة معها مثل " عدم تقديم شكوى ضد الزوجة وخليلها الذي اخذته الى بيت الزوجية فلا مانع من تحريك الدعوى العمومية حول انتهاك حرمة منزل الا انه في هذه الحالة لا يعاقب المجرم اذا اذنت له زوجة الضحية ".
والشكاية لم يشترط القانون شكلا معينا ،أما في الواقع فان النيابة ممثلة في وكيل الجمهورية تشترط ان تكون الشكاية مكتوبة وموقعة خوفا من تملص الشاكي من الشكاية ، اما التشكي او الشكاية عند الضبطية القضائية فتقيد امامها ويوقع الشاكي على محضر ، قلنا ان الشكاية تكون من الضحية او من وكيله الذي يجب عليه تقديم وكالة خاصة وذلك طبقا" للمادة 574 ق.ا.مدنية " الا المحامي ، الا ان الشاكي وجب ان يعلن في الشكاية انه يتأسس كطرف مدني ، واذا مات الشاكي فلذوي حقوقه الحلول محله ، ومدة الشكوى مرتبطة بمدة التقادم ، كل جريمة 3 سنوات في حالة الجنح ، و10 سنوات في الجناية من يوم ارتكاب الجريمة .
اما في حالة حصول جريمة بالتلبس ، المعمول به ان الدعوى تحرك لا تخاذ جميع الاجراءات اللازمة فاذا قدمت الشكوى استمرت المتابعة والا وضع حد لها ، والمثال على ذلك " ان امرأة توبعت بالزنا وتمت الاجراءات على أساس التلبس وقدمت للمحكمة وحكم عليها بسنتين " 2 سنة " واستأنفت فتنازل زوجها فوضع حد للمتابعة برمتها شكلا ومضمونا ، والتنازل وجب ان يكون باتا غير معلق على شرط ، والتنازل في رأينا صلح لا يمكن الرجوع فيه ، وتنازل الزوج عن متابعة زوجته يستفيد منه شريكها عملا "بوحدة الواقعة "، واثر الشكاية يخول للنيابة تحريك الدعوى العمومية والاستمرار فيها اما عدمها او" انعدامها" فتمنع النيابة من تحريك الدعوى ، واذا حركت الدعوى العمومية بدون الحصول على شكاية يكون من حق المتهم ودفاعه التمسك به امام المحكمة لانه اجراء جوهري يؤدي الى بطلان الاجراءات ، و في رأينا البطلان تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها .
المطلب الثاني : الحصول على طلب مكتوب
مثال ما هو منصوص عليه بالمادتين " 161 ،163 ق.ع والمقدتين بحكم المادة 164 ق.ع " وهي وجود شكوى مكتوبة من الجيش الشعبي الوطني بواسطة وزير الدفاع الذي هو رئيس الدولة بحكم الدستور ضد متعهدي تموين الجيش لكنهم امتنعوا ولم يفعلوا أوتأخروا ، أو غشوا المواد المذكورة ، وتجدر الملاحظة بأن الطلب ورد خطأ بلفظ شكوى .
ونفس الشيء فيما يخص طلب التخلي عن القضايا المطروحة امام المحكمة العسكرية فلا يكون الا بطلب من وزير الدفاع .
وأحكام الطلب هي :
- يجب أن يكون مكتوبا وليس له شكل معين
- يظل الحق في الطلب قائما حتى تسقط الدعوى بالتقادم
- عند عدم تقديم الطلب فلا يكون من حق النيابة تحريك الدعوى والا بطل الاجراء
- يجب أن ينص الحكم على وجود طلب
المطلب الثالث : الحصول على اذن
بعض الشخصيات واطارات الدولة منع القانون تحريك الدعوى العمومية ضدهم الا بناءا على اذن من الجهة التي يتبعونها ، وذلك من أجل حمايتهم لأداء مهامهم بكل طمأنينة وهدوء ، وتجنبا للقضايا الكيدية ، والمثال على ذلك الحصول على اذن لمتابعة عضو البرلمان بعد رفع الحصانة عليه وهذا ما نصت عليه دساتير الجزائر من 63-76-89-96 ، ارجع الى دستور 1996 .
والاذن لا يكون الا بعد توجيه طلب مكتوب يوجه الى الجهة المعنية وأي اجراء دون اذن يعتبر باطلا بطلانا مطلقا تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها ، والاذن عكس الشكوى فان مثله مثل الطلب يصدر عن جهة او هيئةعامة ولا يجوز الرجوع فيه بعد اصداره بعكس الشكوى والطلب .
كانت هذه بعض القيود الخاصة المؤقتة ، وهناك قيود عامة لا تتعلق بجريمة معينة ، واما هي قيود شخصية وهي العاهة العقلية التي تصيب الجاني بعد ارتكابه للجريمة واصبح عاجزا عن الدفاع عن نفسه فهنا توقف اجراءات الدعوى حتى يعود الى رشده ، واذا لم يعد الى رشده خلال الاجال القانونية للتقادم تسقط المتابعة .
المبحث الثالث : اسباب انقضاء الدعوى العمومية
وهي الحالات التي تقوم فيها موانع تحريك الدعوى العمومية او مباشرتها او الحكم فيها وذلك بصفة دائمة ، بحيث لا يمكن مباشرة هذه الدعوى عند توافر هذه الاسباب ويطلق عليها الموانع المؤبدة لتحريك الدعوى العمومية .
وهناك فرق بين أسباب انقضاء الدعوى العمومية من جهة وبين القيود المؤقتة لتحريك الدعوى العمومية وهي الشكوى والطلب والاذن ، واسباب انقضاء الدعوى العمومية قد حصرتها" المادة 6 من ق.ا.جزائية " كما يلي :
وفاة المتهم / التقادم / العفو الشامل / الغاء قانون العقوبات / صدور حكم نهائي / سحب الشكوى / المصالحة .
فأسباب انقضاء الدعوى العمومية يمكن تقسيمها الى اسباب عامة واخرى خاصة
المطلب الاول : الاسباب العامة لانقضاء الدعوى العمومية
ويمكن حصرها في وفاة المتهم والتقادم والعفو الشامل وصدور حكم حاز قوة الشيء المقضي فيه والغاء قانون العقوبات .
الفرع الاول : وفاة المتهم
و الوفاة معروفة فاذا وقعت الوفاة قبل تحريك الدعوى العمومية او مباشرتها وجب عدم رفعها ، واذا كانت الوفاة اثناء سير الدعوى وجب الحكم بانقضاء الدعوى العمومية دون التعرض للموضوع ، واذا كانت بعد الحكم فلا يمكن للورثة استئناف الحكم ولا من النيابة ، اما اذا حصلت الوفاة بعد صدور حكم نهائي فان الدعوى تنقضي بهذا الحكم لا بالوفاة ، ويسقط الحكم من تلقاء نفسه وتحصًل المصاريف القضائية من التركة باعتبارها دينا ، والدعوى المدنية ترفع على الورثة ، واسباب الانقضاء الشخصية يستفيد منها الشخص الموصوف بها دون غيره والمثال على ذلك " اذا تعدد المجرمون وتوفي احدهم ، فالميت هو المستفيد فقط '.
الفرع الثاني : التقادم
وهو مرور المدة او فترة من الزمن على ارتكاب الجريمة ، والفترة حددها المشرع ورتب لها حكما وهو انقضاء الدعوى العمومية وهو ما يعبر عنه " بسقوط الدعوى العمومية " بمضي المدة المقررة لها قانونا والحكمة من التقادم هو دفع السلطات الى البحث عن المجرم ومعالم الجريمة خلال الفترة المعينة ، لان مرور الزمن يعتبر قرينة على نسيان الجريمة ، ومحو اثارها ، والتقادم لا تعرفه الشريعة الاسلامية ولا القانون الانجليزي ، ففي الشريعة الاسلامية لا يسقط حق امرؤ مسلم وان قدم ، ومدة التقادم بالنسبة لكل جريمة نصت عليه المواد " 7.8.9 ق.ا. جزائية " ، ففي الجنايات وطبقا للمادة 7 تكون بعشر 10 سنوات من يوم اقتراف الجريمة اذا لم تتخذ اي اجراءات ، واذا اتخذ اجراء تكون من اخر اجراء ، أما الجنح وحسب المادة 8 تكون ثلاث 3 سنوات من يوم اقتراف الجريمة ، وما قيل اعلاه ينطبق على الجنح ، اما في المخالفات فتتقادم الدعوى بعامين "2 سنة" حسب" المادة 9 ق.ا.ج" ، اما الدعاوى المدنية فلا تتقادم الا طبقا للقانون المدني وأحكامه .
والتقادم أثره هو انقضاء الدعوى العمومية الذي تحكم فيه المحكمة من تلقاء نفسها لكونه يتعلق بالنظام العام بعكس تقادم الدعوى المدنية لا يكون الا بالدفع به طبقا للمادة 321 ق.
الفرع الثالث : العفو الشامل
ويقصد به العفو عن الجريمة تماما ونهائيا واسدال ستار النسيان عن الجريمة لكون العفو الشامل يزيل الصفة الاجرامية عن الفعل المؤثم فتنقضي في حالة العفو الشامل العقوبة الاصلية والتكميلية والتبعية ، وأنه يسري باثر رجعي بحيث يكون الفعل الاجرامي كأنه مباح وغير مؤثم نهائيا ولا يؤثر على الدعوى المدنية بالتبعية الا اذا نص العفو الشامل على غير ذلك وبالتالي تتحمل خزينة الدولة التعويضات للمضرور من الجريمة وعادة ما يكون العفو نتيجة للظروف السياسية ، او اضطرابات كبيرة ، او ثورات أوانقلابات عسكرية ، وهو يكون دائما من اختصاص رئيس الجمهورية ، وهو من النظام العام وتحكم به المحكمة من تلقاء نفسها ويكون في اي مرحلة كانت عليها الدعوى وتنقضي به الدعوى العمومية ، والعفو الشامل حسب معلوماتنا استعمل مرة واحدة بعد الاستقلال ، اما حديثا فكان جزئيا استفادت منه بعض الجماعات المسلحة .
الفرع الرابع : صدور حكم حاز قوة الشيء المقضي فيه
ومعناه ان الجاني تمت محاكمته وصار الحكم نهائيا بمعنى ان يكون قد استأنف فيه وطعن فيه ولم يقبل طعنه شكلا ولا موضوعا ، او طعن فيه ونقض ثم أحيل الملف الى الجهة التي اصدرت القرار المطعون فيه او اي جهة اخرى وأيد ولم يطعن فيها ، أوطعن فيه ورفض الطعن موضوعا ، او يكون الجاني قد ادين وحكم عليه ولم يستأنف لا هو ولا النيابة حتى فات الأجل القانوني حتى اصبح الحكم نهائيا ، والحكم النهائي في القضية يعتبر دليلا قطعيا فيما قضي به في مواجهة الكافة وبالتالي لا يمكن متابعة المتهم الجاني عن نفس الفعل .
وشروط الحكم الحائز لقوة الشيء المقضي فيه
1/ ان يكون قضائيا : ان يكون صادرا عن جهة الحكم لا غيرها
2/ ان يكون نهائيا : والمقصود بالحكم النهائي ان لا يكون قابلا للطعن فيه بالمعارضة او الاستئناف او النقض أوغير قابل للطعن فيه بطرق الطعن العادية .
3/ ان يكون قطعيا : والمقصود ان يكون فاصلا في كل موضوع الدعوى او بعضه ويستثنى من ذلك الاحكام التمهيدية او التحضيرية او الصادرة في الدفوع الفرعية او القاضية باجراء تحقيق تكميلي .
4/ ان يكون صادرا عن المحكمة المختصة : اي يكون صادرا عن محكمة لها ولاية الفصل في الموضوع ، الا انه يمكن القول بان الحكم الصادر عن المحكمة غير المختصة لا تنقضي به الدعوى العمومية بل يؤدي الى قطع التقادم حسب القواعد العامة المنصوص عليها بالمادة 317 ق. م.
5/ان يكون الحكم قد فصل في الواقعة في منطوقه وفي حيثياته الجوهرية : ان قوة الحكم في منطوقه لا في اسبابه اذ المنطوق هو الذي ينفذ ، وعموما فاذا توافرات الشروط المذكورة اعلاه يجوز الدفع بحجة الشيء المقضي فيه اذا اعيدت المحاكمة من جديد وتوفرت في الدعوى العناصر الاساسية الثلاثة وهي وحدة الخصوم ، وحدة السبب ، وحدة الموضوع .
وقاعدة انقضاء الدعوى العمومية بالحكم البات مقررة للمصلحة العامة هي تحقيق الاستقرار القانوني ، ولو كان الحكم لا يتناسب مع الجريمة كأن كانت جناية وحكمت فيها محكمة الجنح او كانت جنحة وحكمت فيها محكمة المخالفات ، والدفع بحجية الشيء المقضي فيه من النظام العام يحكم بها القاضي من تلقاء نفسه وللمتهم التمسك بها ولكل شخص له مصلحة في اي مرحلة كانت عليها الدعوى .
6/ الغاء قانون العقوبات :
بشرط عدم النص على الجرم المتابع به المتهم من جديد ، اما اذا نص على العقوبة من جديد فتطبق قاعدة " الاصلح للمتهم" ، والغاء القوانين لم ينظمه قانون الاجراءات الجزائية حسب معرفتنا وعليه فالأمر متروك للقواعد العامة المنصوص عليها بالمادة الثانية 2 من القانون المدني" ."
*** المطلب الثاني :
تكلمنا عن الأسباب العامة لانقضاء الدعوى العمومية اما الأسباب الخاصة لانقضاء الدعوى العمومية فهي سحب الشكوى والصلح
** أولا / سحب الشكوى :قدمنا أمثلة كثيرة عن الجرائم التي لا يمكن متابعتها الا بناء على شكوى وهي جرائم الزنا والسرقة بين الاقارب فاذا حركت النيابة الدعوى العمومية بناء على شكوى من الضحية فان سحبها يؤدي الى انقضاء الدعوى العمومية ، وبعض الفقهاء قالوا بأن السحب يكون صريحا ويكون ضمنيا ، الا أن المعمول به ان يكون مكتوبا ، الا أننا نفضل أن يكون مكتوبا الا اذا شهدت المحكمة على ذلك وتم تسجيل الاشهاد خوفا من الرجوع والنزاع بشأنه ، ارجع على سبيل المثال الى المواد " 339،369ق.ع " ، اذا سحب الشكوى يؤدي الى انقضاء الدعوى العمومية وتحكم به المحكمة من تلقاء نفسها .
** ثانيا / الصلح : فالصلح ينهي الدعوى العمومية وهذا ما نصت عليه المادة السادسة "6" من قانون الاجراءات الجزائية ، الا ان هذا الاخير لم يعرف الصلح ولم يبين احكامه وبالتالي وجب الرجوع الى القواعد العامة التي عرفت الصلح وبينت اثاره العامة ، فقد عرفت المادة" 459 ق.مدني " الصلح بأنه عقد ينهي به الطرفان نزاعا قائما أو يتوقيان به نزاعا محتملا وذلك بان يتنازل كل منهما على وجه التبادل عن حقه ، ونصت " المادة 461 ق.مدني" على مايلي " لا يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالمسائل الشخصية أو بالنظام العام ولكن يجوز التصالح على المسائل المالية الناجمة عن الحالة الشخصية ، ومن اثاره انه ينهي النزاعات التي تناولها " المادة 462 ق.مدني " ، والمثال على الصلح المنصوص عليه بقانون الاجراءات الجزائية ما هو منصوص عليه بالمادتين 381 ، 389 ، كما أن قانون الجمارك نص على الصلح حتى ولو حركت الدعوى العمومية فيمكن ان يتصالح مع المخالف لقانون الجمارك مع الادارة ويقدم المحضر للمحكمة فيحكم بانقضاء الدعوى العمومية والأمثلة كثيرة على مستوى المحاكم .
رد مع اقتباس رد مع اقتباس
4.
25-01-2010 09:40 مشاركة رقم : 4
الصورة الرمزية دعاء شيماء
دعاء شيماء
عضو مميز
حـالـة التـواجـد : دعاء شيماء غير متواجد حالياً
تاريخ التسجيل : Oct 2009
مكان الإقــامــة : algeria
الـجـــــنـــــس : أنثى
المشـاركــــات : 211
معدّل التقييـم :820
قــوة الترشيح : دعاء شيماء is on a distinguished road
الدعوى العمومية : بصفة عامة تعرف الدعوى على انها " المطالبة بالحق عن طريق القضاء " ، اما الدعوى العمومية فتعرف على انها "مطالبة النيابة العامة باسم المجتمع وامام القضاء بتوقيع العقوبة على المتهم "
وندرسها في مباحث ثلاثة :
المبحث الاول : نشوء الدعوى العمومية وتحريكها ومباشرتها
المطلب الاول : نشأة الدعوى العمومية
تنشأ الدعوى العمومية بمجرد وقوع الجريمة أي يكون من حق المجتمع ممثلا بالنيابة العامة تعقب المجرم ومحاكمته الى ان يحكم عليه نهائيا ، وقد لاتتحرك الدعوى العمومية اذا لم تقدم الضحية شكوى او لم يبلغ السلطات المعنية بالجريمة أو لأسباب كثيرة .
المطلب الثاني : تحريك الدعوى العمومية
ويقصد بها بداية سير الدعوى ، وتبدأ من وقت اتخاذ اجراء من اجراءات التحقيق وبعد طلب افتتاحي من النيابة يوجه للسيد قاضي التحقيق وبعد توجيه الاتهام مباشرة الى الفاعل او الفاعلين ، كما يمكن تحريكها من طرف المضرور وهذا ما يفهم من نص المادة الاولى 1 من قانون الاجراءات الجزائية .
واهم الحالات التي يجوز فيها للطرف المدني تحريك الدعوى العمومية منها ما نصت عليه المادة 337 ق.ا.ج مكرر بعد دفع كفالة يحددها وكيل الجمهورية تدفع بموجب وصل ، وحق النيابة في تحريك الدعوى العمومية نصت عليه المادة 29 من ق.ا.ج ، هذا من حيث الاصل ، الا انه بمجرد وقوع الجريمة وخاصة الجرائم الخطرة واخطار وكيل الجمهورية بها تبدأ الضبطية بالتحري وجمع الادلة وحتى القبض على المتهم ، وعموما فيمكن القول أن تحريك الدعوى العمومية يكون من توجيه الاتهام الى المتهم المعروف أو المجهول واحالة الملف على قاضي التحقيق أو المحكمة حتى يفصل في الاتهام ، وعموما لا يمكن تحريك الدعوى العمومية من طرف المضرور الا بعد موافقة من وكيل الجمهورية ، وهذا ما هومعمول به ميدانيا والأحكام المنصوص عليها بالمواد من 567 الى571 ق.ا.ج ليست حقا مطلقا لرؤوس المجالس والمحاكم في تحريك الدعوى العمومية ضد المتهمين الذين يخلون بنظام الجلسات او شهود الزور الا بعد تحرير محضر بالجرم المرتكب وارسالها الى وكيل الجمهورية ، وهذا هو الفهم السليم للنص حتى لا يكون القاضي يجهة حكم وجهة اتهام في نفس الوقت وذلك لتحقيق العدالة ، ويمكن تحريك الدعوى العمومية بمجرد توجيه الاتهام واحالة الملف على المحكمة المختصة في الجرائم البسيطة مثل الجنح والمخالفات .
المطلب الثالث : مباشرة الدعوى العمومية
ويقصد بذلك اتخاذ بعض الاجراءات حيالها بعد تحريكها أمام القضاء ويكون ذلك باجراء طلبات أمام قاضي التحقيق مثل طلب ايداع المتهم او تقديم طلبات أمام المحكمة سواء أكانت طلبات شفوية أو الكتابة وفي الغالب تكون شفاهة وخاصة أمام جهات الحكم وكذلك مباشرتها بالاستئناف والطعن في الأحكام والقرارات والأوامر .
المبحث الثاني : القيود الواردة على تحريك الدعوى العمومية
ان النيابة العامة من حيث الأصل والمبدأ العام هي التي تحرك الدعوى العمومية الا ان هذا المبدأ ترد عليه بعض القيود منها ضرورة القيام بشكوى من الضحية وخاصة سرقة الأصول وفي بعض الحالات لا بد من الحصول على اذن أو طلب ، والطلب يكون من الهيئات العامة المضرورة والاذن يخص أعضاء البرلمان ، وعلى ما سبق نتناول هذه القيود بشيء من الايجاز .
المطلب الأول : الشكوى
يقصد بالشكوى تبليغ السلطات العامة من المجني عليه او من يقوم مقامه عن جريمة وقعت عليه ، والمعمول به حاليا ان الشكوى تقدم للسيد وكيل الجمهورية من الشاكي شخصيا او محاميه وتسجل ثم ترسل الى الضبطية القضائية لسماع الاطراف الشاكي والمشتكى به وحتى الشهود ان امكن ، و ارجاع الملف الى السيد وكيل الجمهورية الذي يتصرف في الشكاية اما باحالة الملف على المحكمة او لقاضي التحقيق او للحفظ . أما الحالة الثانية فان الشاكي يتوجه الى الضبطية القضائية ليقدم بلاغا امامها وهي تخبر وكيل الجمهورية اذا كانت الجريمة خطرة وتحقق في القضية وتحيل الملف للنيابة للتصرف فيه الا أن هذا الاجراء مرتبط بمشيئة الضبطية القضائية .، وعموما فان الجرائم التي تقيد لدى النيابة العامة ترد على سبيل الحصر منها ما يتعلق بجرائم الزنا المنصوص عليها بالمادة 339 ق.ع ، والسرقة بين الأقارب المنصوص عليها بالمادة 368 ق.ع والمقيدة بالمادتين 369 و389 ، اذ لا تحرك الدعوى الا بناءا على شكوى المضرور والتنازل يضع حدا لمتابعة ، ونفس الشيء فيما يخص جرائم خيانة الامانة المنصوص عليها بالمادة 376 ق.ع المقيدة بنص المادة 377 ق.ع فتحريك الدعوى العمومية بشأن ما ذكر من جرائم مقيد بالشكوى ، ونفس الشيء فيما يخص جرائم هجر الأسرة والزوجة مع علمه بأنها حامل مثلا ويتخلى عن كافة التزاماته ، او أحد الوالدين الذي يعرض صحة الاطفال للخطر باساءة معاملتهم ، فتحريك الدعوى العمومية لا يكون الا بناءاعلى شكوى حسب المادة 330ق.ع ، والمشرع في هذه الحالات رأى مصلحة الاسرة وضرورة ترابطها بدل تفككها وفي رأينا مصلحة الاسرى أولى بالرعاية من مصلحة المجتمع لانها نواة المجتمع ، وفي حالة تعدد الجرائم فان القيود المذكورة لا تمنع من تحريك الدعوى العمومية حول جريمة متلازمة معها مثل " عدم تقديم شكوى ضد الزوجة وخليلها الذي اخذته الى بيت الزوجية فلا مانع من تحريك الدعوى العمومية حول انتهاك حرمة منزل الا انه في هذه الحالة لا يعاقب المجرم اذا اذنت له زوجة الضحية ".
والشكاية لم يشترط القانون شكلا معينا ،أما في الواقع فان النيابة ممثلة في وكيل الجمهورية تشترط ان تكون الشكاية مكتوبة وموقعة خوفا من تملص الشاكي من الشكاية ، اما التشكي او الشكاية عند الضبطية القضائية فتقيد امامها ويوقع الشاكي على محضر ، قلنا ان الشكاية تكون من الضحية او من وكيله الذي يجب عليه تقديم وكالة خاصة وذلك طبقا" للمادة 574 ق.ا.مدنية " الا المحامي ، الا ان الشاكي وجب ان يعلن في الشكاية انه يتأسس كطرف مدني ، واذا مات الشاكي فلذوي حقوقه الحلول محله ، ومدة الشكوى مرتبطة بمدة التقادم ، كل جريمة 3 سنوات في حالة الجنح ، و10 سنوات في الجناية من يوم ارتكاب الجريمة .
اما في حالة حصول جريمة بالتلبس ، المعمول به ان الدعوى تحرك لا تخاذ جميع الاجراءات اللازمة فاذا قدمت الشكوى استمرت المتابعة والا وضع حد لها ، والمثال على ذلك " ان امرأة توبعت بالزنا وتمت الاجراءات على أساس التلبس وقدمت للمحكمة وحكم عليها بسنتين " 2 سنة " واستأنفت فتنازل زوجها فوضع حد للمتابعة برمتها شكلا ومضمونا ، والتنازل وجب ان يكون باتا غير معلق على شرط ، والتنازل في رأينا صلح لا يمكن الرجوع فيه ، وتنازل الزوج عن متابعة زوجته يستفيد منه شريكها عملا "بوحدة الواقعة "، واثر الشكاية يخول للنيابة تحريك الدعوى العمومية والاستمرار فيها اما عدمها او" انعدامها" فتمنع النيابة من تحريك الدعوى ، واذا حركت الدعوى العمومية بدون الحصول على شكاية يكون من حق المتهم ودفاعه التمسك به امام المحكمة لانه اجراء جوهري يؤدي الى بطلان الاجراءات ، و في رأينا البطلان تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها .
المطلب الثاني : الحصول على طلب مكتوب
مثال ما هو منصوص عليه بالمادتين " 161 ،163 ق.ع والمقدتين بحكم المادة 164 ق.ع " وهي وجود شكوى مكتوبة من الجيش الشعبي الوطني بواسطة وزير الدفاع الذي هو رئيس الدولة بحكم الدستور ضد متعهدي تموين الجيش لكنهم امتنعوا ولم يفعلوا أوتأخروا ، أو غشوا المواد المذكورة ، وتجدر الملاحظة بأن الطلب ورد خطأ بلفظ شكوى .
ونفس الشيء فيما يخص طلب التخلي عن القضايا المطروحة امام المحكمة العسكرية فلا يكون الا بطلب من وزير الدفاع .
وأحكام الطلب هي :
- يجب أن يكون مكتوبا وليس له شكل معين
- يظل الحق في الطلب قائما حتى تسقط الدعوى بالتقادم
- عند عدم تقديم الطلب فلا يكون من حق النيابة تحريك الدعوى والا بطل الاجراء
- يجب أن ينص الحكم على وجود طلب
المطلب الثالث : الحصول على اذن
بعض الشخصيات واطارات الدولة منع القانون تحريك الدعوى العمومية ضدهم الا بناءا على اذن من الجهة التي يتبعونها ، وذلك من أجل حمايتهم لأداء مهامهم بكل طمأنينة وهدوء ، وتجنبا للقضايا الكيدية ، والمثال على ذلك الحصول على اذن لمتابعة عضو البرلمان بعد رفع الحصانة عليه وهذا ما نصت عليه دساتير الجزائر من 63-76-89-96 ، ارجع الى دستور 1996 .
والاذن لا يكون الا بعد توجيه طلب مكتوب يوجه الى الجهة المعنية وأي اجراء دون اذن يعتبر باطلا بطلانا مطلقا تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها ، والاذن عكس الشكوى فان مثله مثل الطلب يصدر عن جهة او هيئةعامة ولا يجوز الرجوع فيه بعد اصداره بعكس الشكوى والطلب .
كانت هذه بعض القيود الخاصة المؤقتة ، وهناك قيود عامة لا تتعلق بجريمة معينة ، واما هي قيود شخصية وهي العاهة العقلية التي تصيب الجاني بعد ارتكابه للجريمة واصبح عاجزا عن الدفاع عن نفسه فهنا توقف اجراءات الدعوى حتى يعود الى رشده ، واذا لم يعد الى رشده خلال الاجال القانونية للتقادم تسقط المتابعة .
المبحث الثالث : اسباب انقضاء الدعوى العمومية
وهي الحالات التي تقوم فيها موانع تحريك الدعوى العمومية او مباشرتها او الحكم فيها وذلك بصفة دائمة ، بحيث لا يمكن مباشرة هذه الدعوى عند توافر هذه الاسباب ويطلق عليها الموانع المؤبدة لتحريك الدعوى العمومية .
وهناك فرق بين أسباب انقضاء الدعوى العمومية من جهة وبين القيود المؤقتة لتحريك الدعوى العمومية وهي الشكوى والطلب والاذن ، واسباب انقضاء الدعوى العمومية قد حصرتها" المادة 6 من ق.ا.جزائية " كما يلي :
وفاة المتهم / التقادم / العفو الشامل / الغاء قانون العقوبات / صدور حكم نهائي / سحب الشكوى / المصالحة .
فأسباب انقضاء الدعوى العمومية يمكن تقسيمها الى اسباب عامة واخرى خاصة
المطلب الاول : الاسباب العامة لانقضاء الدعوى العمومية
ويمكن حصرها في وفاة المتهم والتقادم والعفو الشامل وصدور حكم حاز قوة الشيء المقضي فيه والغاء قانون العقوبات .
الفرع الاول : وفاة المتهم
و الوفاة معروفة فاذا وقعت الوفاة قبل تحريك الدعوى العمومية او مباشرتها وجب عدم رفعها ، واذا كانت الوفاة اثناء سير الدعوى وجب الحكم بانقضاء الدعوى العمومية دون التعرض للموضوع ، واذا كانت بعد الحكم فلا يمكن للورثة استئناف الحكم ولا من النيابة ، اما اذا حصلت الوفاة بعد صدور حكم نهائي فان الدعوى تنقضي بهذا الحكم لا بالوفاة ، ويسقط الحكم من تلقاء نفسه وتحصًل المصاريف القضائية من التركة باعتبارها دينا ، والدعوى المدنية ترفع على الورثة ، واسباب الانقضاء الشخصية يستفيد منها الشخص الموصوف بها دون غيره والمثال على ذلك " اذا تعدد المجرمون وتوفي احدهم ، فالميت هو المستفيد فقط '.
الفرع الثاني : التقادم
وهو مرور المدة او فترة من الزمن على ارتكاب الجريمة ، والفترة حددها المشرع ورتب لها حكما وهو انقضاء الدعوى العمومية وهو ما يعبر عنه " بسقوط الدعوى العمومية " بمضي المدة المقررة لها قانونا والحكمة من التقادم هو دفع السلطات الى البحث عن المجرم ومعالم الجريمة خلال الفترة المعينة ، لان مرور الزمن يعتبر قرينة على نسيان الجريمة ، ومحو اثارها ، والتقادم لا تعرفه الشريعة الاسلامية ولا القانون الانجليزي ، ففي الشريعة الاسلامية لا يسقط حق امرؤ مسلم وان قدم ، ومدة التقادم بالنسبة لكل جريمة نصت عليه المواد " 7.8.9 ق.ا. جزائية " ، ففي الجنايات وطبقا للمادة 7 تكون بعشر 10 سنوات من يوم اقتراف الجريمة اذا لم تتخذ اي اجراءات ، واذا اتخذ اجراء تكون من اخر اجراء ، أما الجنح وحسب المادة 8 تكون ثلاث 3 سنوات من يوم اقتراف الجريمة ، وما قيل اعلاه ينطبق على الجنح ، اما في المخالفات فتتقادم الدعوى بعامين "2 سنة" حسب" المادة 9 ق.ا.ج" ، اما الدعاوى المدنية فلا تتقادم الا طبقا للقانون المدني وأحكامه .
والتقادم أثره هو انقضاء الدعوى العمومية الذي تحكم فيه المحكمة من تلقاء نفسها لكونه يتعلق بالنظام العام بعكس تقادم الدعوى المدنية لا يكون الا بالدفع به طبقا للمادة 321 ق.
الفرع الثالث : العفو الشامل
ويقصد به العفو عن الجريمة تماما ونهائيا واسدال ستار النسيان عن الجريمة لكون العفو الشامل يزيل الصفة الاجرامية عن الفعل المؤثم فتنقضي في حالة العفو الشامل العقوبة الاصلية والتكميلية والتبعية ، وأنه يسري باثر رجعي بحيث يكون الفعل الاجرامي كأنه مباح وغير مؤثم نهائيا ولا يؤثر على الدعوى المدنية بالتبعية الا اذا نص العفو الشامل على غير ذلك وبالتالي تتحمل خزينة الدولة التعويضات للمضرور من الجريمة وعادة ما يكون العفو نتيجة للظروف السياسية ، او اضطرابات كبيرة ، او ثورات أوانقلابات عسكرية ، وهو يكون دائما من اختصاص رئيس الجمهورية ، وهو من النظام العام وتحكم به المحكمة من تلقاء نفسها ويكون في اي مرحلة كانت عليها الدعوى وتنقضي به الدعوى العمومية ، والعفو الشامل حسب معلوماتنا استعمل مرة واحدة بعد الاستقلال ، اما حديثا فكان جزئيا استفادت منه بعض الجماعات المسلحة .
الفرع الرابع : صدور حكم حاز قوة الشيء المقضي فيه
ومعناه ان الجاني تمت محاكمته وصار الحكم نهائيا بمعنى ان يكون قد استأنف فيه وطعن فيه ولم يقبل طعنه شكلا ولا موضوعا ، او طعن فيه ونقض ثم أحيل الملف الى الجهة التي اصدرت القرار المطعون فيه او اي جهة اخرى وأيد ولم يطعن فيها ، أوطعن فيه ورفض الطعن موضوعا ، او يكون الجاني قد ادين وحكم عليه ولم يستأنف لا هو ولا النيابة حتى فات الأجل القانوني حتى اصبح الحكم نهائيا ، والحكم النهائي في القضية يعتبر دليلا قطعيا فيما قضي به في مواجهة الكافة وبالتالي لا يمكن متابعة المتهم الجاني عن نفس الفعل .
وشروط الحكم الحائز لقوة الشيء المقضي فيه
1/ ان يكون قضائيا : ان يكون صادرا عن جهة الحكم لا غيرها
2/ ان يكون نهائيا : والمقصود بالحكم النهائي ان لا يكون قابلا للطعن فيه بالمعارضة او الاستئناف او النقض أوغير قابل للطعن فيه بطرق الطعن العادية .
3/ ان يكون قطعيا : والمقصود ان يكون فاصلا في كل موضوع الدعوى او بعضه ويستثنى من ذلك الاحكام التمهيدية او التحضيرية او الصادرة في الدفوع الفرعية او القاضية باجراء تحقيق تكميلي .
4/ ان يكون صادرا عن المحكمة المختصة : اي يكون صادرا عن محكمة لها ولاية الفصل في الموضوع ، الا انه يمكن القول بان الحكم الصادر عن المحكمة غير المختصة لا تنقضي به الدعوى العمومية بل يؤدي الى قطع التقادم حسب القواعد العامة المنصوص عليها بالمادة 317 ق. م.
5/ان يكون الحكم قد فصل في الواقعة في منطوقه وفي حيثياته الجوهرية : ان قوة الحكم في منطوقه لا في اسبابه اذ المنطوق هو الذي ينفذ ، وعموما فاذا توافرات الشروط المذكورة اعلاه يجوز الدفع بحجة الشيء المقضي فيه اذا اعيدت المحاكمة من جديد وتوفرت في الدعوى العناصر الاساسية الثلاثة وهي وحدة الخصوم ، وحدة السبب ، وحدة الموضوع .
وقاعدة انقضاء الدعوى العمومية بالحكم البات مقررة للمصلحة العامة هي تحقيق الاستقرار القانوني ، ولو كان الحكم لا يتناسب مع الجريمة كأن كانت جناية وحكمت فيها محكمة الجنح او كانت جنحة وحكمت فيها محكمة المخالفات ، والدفع بحجية الشيء المقضي فيه من النظام العام يحكم بها القاضي من تلقاء نفسه وللمتهم التمسك بها ولكل شخص له مصلحة في اي مرحلة كانت عليها الدعوى .
6/ الغاء قانون العقوبات :
بشرط عدم النص على الجرم المتابع به المتهم من جديد ، اما اذا نص على العقوبة من جديد فتطبق قاعدة " الاصلح للمتهم" ، والغاء القوانين لم ينظمه قانون الاجراءات الجزائية حسب معرفتنا وعليه فالأمر متروك للقواعد العامة المنصوص عليها بالمادة الثانية 2 من القانون المدني" ."
*** المطلب الثاني :
تكلمنا عن الأسباب العامة لانقضاء الدعوى العمومية اما الأسباب الخاصة لانقضاء الدعوى العمومية فهي سحب الشكوى والصلح
** أولا / سحب الشكوى :قدمنا أمثلة كثيرة عن الجرائم التي لا يمكن متابعتها الا بناء على شكوى وهي جرائم الزنا والسرقة بين الاقارب فاذا حركت النيابة الدعوى العمومية بناء على شكوى من الضحية فان سحبها يؤدي الى انقضاء الدعوى العمومية ، وبعض الفقهاء قالوا بأن السحب يكون صريحا ويكون ضمنيا ، الا أن المعمول به ان يكون مكتوبا ، الا أننا نفضل أن يكون مكتوبا الا اذا شهدت المحكمة على ذلك وتم تسجيل الاشهاد خوفا من الرجوع والنزاع بشأنه ، ارجع على سبيل المثال الى المواد " 339،369ق.ع " ، اذا سحب الشكوى يؤدي الى انقضاء الدعوى العمومية وتحكم به المحكمة من تلقاء نفسها .
** ثانيا / الصلح : فالصلح ينهي الدعوى العمومية وهذا ما نصت عليه المادة السادسة "6" من قانون الاجراءات الجزائية ، الا ان هذا الاخير لم يعرف الصلح ولم يبين احكامه وبالتالي وجب الرجوع الى القواعد العامة التي عرفت الصلح وبينت اثاره العامة ، فقد عرفت المادة" 459 ق.مدني " الصلح بأنه عقد ينهي به الطرفان نزاعا قائما أو يتوقيان به نزاعا محتملا وذلك بان يتنازل كل منهما على وجه التبادل عن حقه ، ونصت " المادة 461 ق.مدني" على مايلي " لا يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالمسائل الشخصية أو بالنظام العام ولكن يجوز التصالح على المسائل المالية الناجمة عن الحالة الشخصية ، ومن اثاره انه ينهي النزاعات التي تناولها " المادة 462 ق.مدني " ، والمثال على الصلح المنصوص عليه بقانون الاجراءات الجزائية ما هو منصوص عليه بالمادتين 381 ، 389 ، كما أن قانون الجمارك نص على الصلح حتى ولو حركت الدعوى العمومية فيمكن ان يتصالح مع المخالف لقانون الجمارك مع الادارة ويقدم المحضر للمحكمة فيحكم بانقضاء الدعوى العمومية والأمثلة كثيرة على مستوى المحاكم .
رد مع اقتباس رد مع اقتباس