المقدمة
المبحث الأول / تكييف طبيعة فكرة الشخصية المعنوية
المطلب الأول / المذاهب المنكرة لفكرة الشخصية المعنوية
المطلب الثاني / المذاهب المؤيدة لفكرة الشخصية المعنوية
المبحث الثاني / أنواع الشخصية المعنوية الإدارية
المطلب الأول / أشخاص الإدارية الإقليمية
المطلب الثاني / أشخاص الإدارية المرفقية أو مصلحيه
المبحث الثالث / أهمية فكرة الشخصية المعنوية
المطلب الأول / الأهمية الفنية
المطلب الثاني / الأهمية القانونية
المبحث الرابع / النتائج المترتبة عن فكرة الشخصية المعنوية
المطلب الأول / النتائج العامة
المطلب الثاني / النتائج الخاصة
الخاتمة
المقدمة /
يتمتع الإنسان منذ ولادته بالشخصية القانونية التي تمكنه من اكتساب الحقوق و تحمله
بالالتزامات الأداء دوره في المجتمع و أداء رسالته
واصل أن الشخصية القانونية تنسب للإنسان فقط, إلا أن عجز الإنسان عن النهوض بكافة
متطلبات المجتمع لانتهاء شخصيته بالوفاة و حاجة المجتمع إلى دوام و استمرار مرافقه
كان لابد من منح لأهلية القانونية لأشخاص أخرى
فظهرت نظرية الشخصية المعنوية, و مقتضاها منح القانون الشخصية القانونية إلى جانب
الإنسان الذي بات يطلق عليه الشخص الطبيعي, إلى نوعين من التجمعات مجموعة من
الإفراد أو مجموعة من الأموال, تهدف لتحقيق هدف معين و يكون كيان ذاتي مستقل عن
الإفراد مكونين له يسمح بتحقيق هدفه, و أطلق عليها اصطلاح الشخصية المعنوية
فالإشكال الذي يطرح في هذا الصدد ما المقصود بالشخصية المعنوية ؟
و كيف عالج المشرع الشخصية المعنوية في القانون الجزائري ؟
المبحث الأول / تكيف فكرة الشخصية المعنوية
لقد قام نقاش حاد حول تحديد و تكييف طبيعة فكرة الشخصية المعنوية من حيث هذه الفكرة
مجرد افتراض و مجاز قانوني مخالفة للحقيقة و الواقع, أم هي حقيقة واقعية مثل شخصية
الإنسان, و هل لهذه الفكرة مبرر لوجودها أم يمكن الاستغناء عنها بواسطة أفكار أخرى
و في هذا الصدد تعددت النظريات في تفسير طبيعة الشخص المعنوي, و انقسم الفقه
و القضاء إلى مذاهب مختلفة
المطلب الأول / المذاهب المنكرة لفكرة الشخصية المعنوية
إن هذه المذاهب تنكر لفكرة الشخصية المعنوية بحيث ترى انه لا أهمية لفكرة الشخصية
المعنوية و لا ضرورة لها بل ينبغي الاستغناء عنها , و يعتبر دوجي و جيز من اشد
خصوم نظرية الشخصية المعنوية , بحيث يقول دوجي بأنه لا سند من الحقيقة بان الدولة
شخص معنوي و أنها ذات إرادة عامة, إذ من الملاحظ أن الدولة تتكون من فئتين فئة
حاكمة و فئة محكومة , و ما إرادة الدولة في الواقع إلا إرادة هذه الفئة الحاكمة التي تلزم
الطبقة المحكومة بإشباع و احترام أوامرها , ومن تم تكون محاولة نسبة إرادة هذه الفئة
الحاكمة إلى شخص معنوي و هو الدولة لا يعدو أن يكون مجرد افتراض لا فائدة منه
و يضيف دوجي إن القوة التي تفرض على المحكومين احترام القانون مصدرها سلطة
الحاكمين دون الحاجة إلى افتراض مخالفة للواقع
المرجع / د/ صالح فؤاد / مبادئ القانون الإداري الجزائري / دار الكتاب اللبناني
مكتبة المدرسة (بيروت, لبنان) / الطبعة الأول / سنة 1983/ ص 48 49
المطلب الثاني / المذاهب المؤيدة لفكرة الشخصية المعنوية
تعتبر فكرة الشخصية المعنوية عند بعض أنصار هذا المذهب خلق مجازي يقوم على
الافتراض, أما البعض الأخر فاعتبرها حقيقة قانونية
نظرية الافتراض أو المجاز القانوني / 1
أهم أنصار هذه النظرية الفقيه سافيني و انطلقوا من فكرة الإنسان الشخص في القانون تقابل
فكرة الشخص الطبيعي أي الإنسان و من تم كان الإنسان الشخص الحقيقي و الشخصية
الحقيقة لا تكون إلا لهذا الإنسان لأنه وحده الذي يتمتع بالإرادة و الإدراك التي تجعله
أهلا للحقوق و الالتزامات
أما الشخص المعنوي فهو معدوم الإرادة الذاتية بحكم انعدام الملكة الذهنية عنده و من تم
فهولا يكون إلا بمحاولة محاولة اعتبارية مجازية من خلق المشرع, بمعنى إن المشرع لكي
يمكن هيئة معينة أو تجمع أشخاص أو أموال من تحقيق غرض معين يمنحه صفة الشخص
القانوني ليجعله قادرا على اكتساب الحقوق و تحمل التزامات
نظرية الحقيقة القانونية للشخصية المعنوية / 2
يقر أصحاب هذه النظرية إن فكرة الشخصية المعنوية هي حقيقة قانونية واقعية مثل
الشخصية القانونية الطبيعية المقررة للإنسان
و من أنصار هده النظرة جييرك و كارل دي مالربارج و مؤدى هذه النظرية إن الشخص
المعنوي ليس شخصا معنويا مجازيا من صنع المشرع, بل انه حقيقة قانونية واقعية تفرض
نفسها على المشرع الذي لا يملك إلا أن يعترف بها, فجماعات الأشخاص و مجموعات
الأموال التي تهدف إلى تحقيق مصالح مشتركة ليست أشخاصا افتراضية بل هي أشخاص
حقيقة ملموسة و إذا اثبت أو اعترف المشرع لها بالشخصية فهو لا يخلق شيئا من العدم
و إنما يقرر هذا الوجود و يعترف به و انقسم أنصار هذه النظرة إلى فريقين
فريق يرى أن الشخص المعنوي يملك كالإنسان الطبيعي إرادة ذاتية تتمثل في إرادة اغلية
الأعضاء المكونين له , فإرادات الأعضاء متى تجمعت و ارتبطت معا برابطة المصلحة
المشتركة فأنها تتفاعل ليخرج منها إرادة واحدة جديدة هي إرادة المجموع
و فريق أخر اتجه إلى تحديد معنى الشخص القانوني, فالشخص في القانون هو كل من
جاز أن يكون صاحب حق أو مكلف بالتزام فالشخص بهذا المعنى لا يلزم أن يكون مقابلا
للشخص الطبيعي , فمثلا هناك بعض التشريعات الحديثة التي بنوع من الشخصية القانونية
المحدودة للجنين و الصبي عديم التميز و المجنون
و نخلص من ذلك إن فكرة الإرادة الإنسانية و الشخصية الطبيعية أو ترادف الشخص في
القانون, و من تم فالشخص القانوني هو كل من كان طبقا للقانون أهلا لاكتساب الحقوق
و تحمل الالتزامات سواء كان طبيعيا أم غير طبيعي و على دلك يكون تعريف الشخص
المعنوي بأنه مجموعة من الأشخاص و الأموال اعترف لها القانون بالشخصية القانونية
تمكينا لها من مزاولة نشاطها في حدود الغرض الذي أنشئت من اجله , مستقلة عن
أشخاص المكونين لها أو القائمين بإدارتها, و يستفاد من هذا التعريف إن اكتساب
الجماعات للشخصية المعنوية يخضع لمبدأين أساسيين
الاعتراف بالشخصية المعنوية هو من عمل المشرع وحده
إخضاع الأشخاص التي تتمتع بهذه الشخصية لمبدأ التخصص
المرجع /
د / صالح فؤاد / المرجع السابق / ص 50 51
المبحث الثاني / أنواع الشخصية المعنوية الإدارية
تنقسم الأشخاص المعنوية العامة إلى نوعين رئيسين هما
أشخاص معنوية عامة إقليمية
أشخاص معنوية عامة مرفقيه
المطلب الأول / أشخاص الإدارية الإقليمية
و هي التي يتحدد اختصاصها على أساس إقليمي بمعنى أنها تباشر هذا الاختصاص
في نطاق جغرافي محدد
الدولة / 1
وهي على راس الأشخاص المعنوية العامة و أهمها وهي التي تمنح تلك الأشخاص
شخصيتها المعنوية, أما شخصيتها مستمدة من طبيعة وجودها دون الحاجة إلى وجود نص
قانوني يعترف لها بهذه الشخصية, و أي وزارة من وزارات الدولة ليس لها الشخصية
المعنوية بل هي جزء من شخصية الدولة, بمعنى أن كل وزارة لا تتمتع بشخصية معنوية
قائمة بذاتها و لكنها تنتمي إلى شخص الدولة
الولايات و البلديات / 2
و هي تعتبر تطبيق اللامركزية الإقليمية التي يتحدد فيها الاختصاص على أساس إقليمي
فلا يتعدى اختصاصها هذا النطاق الجغرافي المحدد و في هذا النظام يكون للمواطنين
في البلدية أو الولاية حق إدارة شؤونهم المحلية, و الدولة هي التي تمنح الشخصية المعنوية
للولاية و البلدية
المرجع /
د/ صالح فؤاد / المرجع السابق / ص 57 58
المطلب الثاني / أشخاص الإدارية مرفقية أو مصلحية
وهي يتحدد اختصاصها على أساس مصلحي أو مرفقي أي يتقرر لها إدارة المرفق العام أو
بعض المرافق العامة المحدودة
و الأشخاص المعنوية الإدارية المرفقية في النظام الإداري الجزائري تتمثل في المؤسسات
العامة, و المؤسسات التسيير الاشتراكي بمعناها الواسع و يقصد بالمرفق العام
هو نشاط معين تقوم به الإدارة لصالح الإفراد و يعتبر هذا المفهوم الموضوعي
أما إذا أخدنا بالمفهوم العضوي فيقصد به المنظمة أو الهيئة التي تقوم بهذا النشاط
فمثلا إذا قلنا مرفق السكك الحديدية فهنا أخدنا بمفهوم الموضوعي لأننا نقصد به نشاط
معين إلا و هو النقل أو خدمة النقل
أما إذا أخدنا بمفهوم العضوي فهو الجهاز الإداري الذي يتكون من موظفين و معدات
و آلات تقوم بهذا النشاط, و كل مرفق عام يخضع لقدر من القواعد القانونية تحكم سيره
و تسمى قانون المرفق العام
المرجع /
د / صالح فؤاد / المرجع السابق / ص 59
المبحث الثالث / أهمية فكرة الشخصية المعنوية العامة
إن لدراسة فكرة الشخصية المعنوية بصفة عامة , و دراسة الشخصية المعنوية العامة
بصفة خاصة أهمية قصوى في نطاق القانون الإداري و علم التنظيم الإدارة
و تتجلى أهمية دراسة فكرة الشخصية المعنوية في فكرة الشخصية كأداة و وسيلة لتنظيم
النظام الإداري في الدولة فنيا و قانونيا
و هذا ما سوف نحاول الإحاطة به في الطلبين التاليين
المطلب الأول / الأهمية الفنية لفكرة الشخصية المعنوية
تبدو الأهمية الفنية لفكرة الشخصية المعنوية في عملية التنظيم الإداري في كون و اعتبار
فكرة الشخصية المعنوية هي الوسيلة الفنية الناجحة في عملية تقسيم الأجهزة و الوحدات
الإدارية المكونة للنظام الإداري كما أنها تعتبر و وسيلة ناجحة لتوزيع مظاهر
و الاختصاصات السلطة الإدارية إقليميا و مصلحيا , و توزيع الاختصاصات و تحديد
العلاقات فيما بينها
المطلب الثاني / الأهمية القانونية لفكرة الشخصية المعنوية
تلعب فكرة الشخصية المعنوية دورا قانونيا هاما في تنظيم أعمال الوحدات و السلطات
الإدارية إذ بواسطتها أمكن القيام بأعمال و وظائف الإدارية بواسطة أشخاص طبيعيين
باسم الأشخاص الإدارية و لحسابها, فهم يقومون بالأعمال القانونية و المادية باسم الدولة
و لحسابها و تعتبر هذه الأعمال أعمال الأشخاص الإدارية بالرغم من أنها تحققت و أنجزت
بواسطة اشخصا طبيعيين , فهكذا آمكن بواسطة هذه الفكرة القانونية تجنيد طاقات و تنظيم
جهود أشخاص طبيعيين في خدمة الدولة بحيث أصبحوا فكرها المفكر
المرجع /
د / عمار عوابدي / القانون الإداري / الجزء الأول / ديوان المطبوعات الجامعية بن عكنون الجزائر / طبعة 2002 / ص 181 182
المبحث الرابع / نتائج فكرة الشخصية المعنوية
يترتب و ينجم عن وجود الشخص المعنوي و الاعتراف به من قبل المشرع عدة نتائج هامة
وعامة يشترك فيها أشخاص القانون الخاص و أشخاص القانون العام
كما ينجم عن الاعتراف بالشخصية المعنوية العامة لبعض الوحدات و الأجهزة
و المجموعات الإدارية نتائج خاصة بأشخاص القانون الإداري
المطلب الأول / النتائج العامة
تترتب عن منح الشخصية المعنوية و الاعتراف بها عدة نتائج قد حددتها و اجملتها المادة
50 من القانون المدني الجزائري حيت تؤكد
يتمتع الشخص الاعتباري بجميع الحقوق إلا ما كان منها لصيقا لصفة الإنسان و ذلك في
الحدود التي يقررها القانون و هي
1 الذمة المالية المستقلة
والمقصود بها وجود ذمة مادية منفصلة عن الذمة المالية للشخص الطبيعي
المكونين له و ينتج ذلك تمتع الشخص المعنوي بمجموعة من الحقوق المالية
مقابل الواجبات و الالتزامات المالية التي تفرض عليه إزاء الغير
2 الأهلية القانونية
تمنح الأهلية للشخص المعنوي من اجل سلطة القيام بالتصرفات القانونية
كالتزام و إبرام العقود, فعلى سبيل المثال نجد الدولة تقوم بإبرام المعاهدات
مع غيرها من الدول, و الجماعات المحلية تتعامل مع الدولة و الأشخاص
المعنوية الأخرى كشخص كامل للأهلية القانونية بشكل لا يتعارض مع
إمكانية ممارسة الوصاية عليها في أيطار المحدد من قبل المشرع
3 حق التقاضي
و يترتب عن لاعتراف للشخص المعنوي بهذا الحق رفعه الدعاوى للدفاع
عن مصالحه أمام القضاء و إمكانية مقايضاته من قبل الغير
4 الموطن المستقل
كل شخص معنوي يتوفر على موطن مستقل عن موطن الأشخاص
المكونين له بغية تسهيل عملية التعامل معه عند تبليغه أو المراسلة معه أو
حتى من اجل معرفة المحاكم المختصة في الدعاوى المرفوعة قبله أو ضده
5 وجود نائب يعبر عنه
ينوب الشخص الطبيعي عن الشخص المعنوي في التعيير عن إرادته
و التصرف باسمه و تمثيله أمام القضاء , و عادة ما تبين وثيقة إنشاء
الشخص المعنوي الممثل الناطق الرسمي باسمه , الذي يتخذ تسميات مختلفة
فقد يسمى مدير أو رئيس أو غير ذلك
المرجع /
د / عمار عوابدي / المرجع السابق / ص 189
المطلب الثاني / النتائج الخاصة
يترتب عن توزيع و تقسيم هيكل النظام المركزي في الدولة إلى عدة
و حدات و جماعات و هيئات ايدارية مستقلة مستقلة عدة نتائج
1 خضوعها لنظام الوصاية الإدارية و هذا يعني أنها تظل هذه الهيئات
و المجموعات الإدارية خاضعة لرقابة الدولة و إشرافها
2 إن عمال و موظفي الأشخاص المعنوية الإدارية هم عمال عامون و
موظفون عامون
3 التمتع بامتيازات السلطة العامة
4 إن أموال الأشخاص القانونية الإدارية هي أموال تدار و تسير بأسلوب
الإدارة العامة و بأسلوب القانون العام , و لهذه الأموال ذات الوسائل حماية
الأموال العامة للدولة
5 إن حق التقاضي المقرر لهذه الأجهزة و الوحدات نتيجة لمنحها شخصية
معنوية مستقلة عن حق التقاضي المقرر للدولة
: