أخي المعلّم أختي المعلّمة..
إن إخلاصكم وتفانيكم في تعليمكم يجعلكم مثالا يحتذى وهاديا يرتجى، إذا أسود ظلام الجهل خيّمت عروشها، وامتدت أيادي الناس تلتمس النور وتناشد الهدى، فليس لها بعد الله إلا العلم، فهنيئا لكم هذه المكانة الرفيعة، فأنتم المورد العذب لكل عطشان، والمأوى الآمن الذي يحتضن كل من أتعبته الحياة، فصار حائرا في أمره، ومشَوِشا فكره، ترُدّون الشارد، وتُرشدون الحائر، وتُعلمون الجاهل، وتَبثون اليقين إلى قلب المرتاب بالدليل الساطع والبرهان الظاهر، لأنكم تعرفون مكمن الداء وتملكون بلسم الشفاء لكل مريض، وما العلم إلا الذي تسود به الحضارات وترقى وتنتعش الحياة وتبقى، ومن دونه تتخلف وتشقى، فهو إكسير الحياة ومجدها لمن ابتغاه وقصده، والحصن المنيع لمن تحصن به، والعزّ لمن طلبه لله وحده.
اعلموا أن قوة هذا العصر في العلم، فلم تعد الخصومة بين الحق والباطل تحتاج إلى ساعدّين قويين، ولكن تحتاج إلى عقلين قويين، والحكمة البالغة التي أرادها الله جل وعلا في أن يكون الانتفاع بخيرات الأرض وثرواتها وطاقاتها انتفاعا مباشرا لا يلغي دور الإنسان، وإنما جعل هذا الانتفاع متوقفا على الجهد البشري المتمثل في العلم والعمل.
إن التعلم والتعليم قوام الدين والحياة، فلا بقاء للحياة إلا بهما، ولا تزدهر إلا ببقائهما، قال حكيم:«تعلّموا العلم فإن كنتم سادة فقتم وإن كنتم وسطا سدتم».