العديد من الزوجات يعشن الويلات بسبب تدخل ذويهن في الشؤون الداخلية التي تخصهن، إذ يصل الأمر بهم لأن يكون الأهل أصحاب الكلمة الحاسمة في حياتهن مع أزواجهن، وكل هذه التدخلات في جميع أمور الأزواج تجعلهم دون شخصية ولا أهداف مستقبلية يسعون إلى تحقيقها، وهذا ما يؤدي إلى مشاكل بالجملة بين الزوجين.
فالزواج بالنسبة للمرأة هي بداية تكوين مشروع حياتها الخاص بها، لذلك ترى أن لها كل الحق بأن تحظى بالاستقلالية التي تمكنها من بناء حياتها بنجاح، رغم أن هذا لا يعفيها من واجبها بتكوين علاقة جيدة مع عائلة زوجها يسودها الاحترام، لأن هذا مرتبط باحترامها لزوجها بالدرجة الأولى، لكن في المجتمع الجزائري تحولت نعمة الزواج بالنسبة للمرأة إلى نقمة فأصبحت العلاقة بين الزوجة وأهل زوجها كعلاقة القط والفأر لا يستويان أبدا، على غرار المثل القائل "إذا استوت العجوز والكنة يدخل الشيطان للجنة"، وأضحت الحماة خاصة تحشر أنفها في كل صغيرة وكبيرة تخص عش الزوجية حتى ولو كان ابنها يعيش مع زوجته في بيتهم الخاص بعيدا عن أهله.
سامية من مدينة بغلية وهي معلمة في الثانوي، تقول أن الهاتف يبقى سبب مشاكلها اليومية التي لا تفارقها، فأم زوجها تحشر أنفها حتى في الأمور الخصوصية التي تخصها هي وزوجها فقط، ووصل بها الأمر إلى الاستفسار عن سبب عدم حملها بعد مضي 4 أشهر من الزواج، وتتدخل حتى في الطبيب الذي ستتوجه إليه، صمتت لبرهة وقالت "مللت من هذه المعاناة، أحسها وكأنها تعيش معي ولا تفارقني للحظة".
لكن بعض النساء بمجرد أن يتم عقد القران مع شريك حياتهن، يعتقدن أنه أصبح مُلكاً لها وخاتما على مقاس أصبعها، وتنسى أن له أسرة من أم وأب وإخوة وأخوات، وهو قطعة منهم ولا يمكن بأي حال من الأحوال فصلهم عنه، وعند اهتمامه بهم تجد الزوجة في حالة ثوران وغليان، ما يدفع بها إلى السعي للانشقاق بأُسرتها الصغيرة للتستر على خصوصياتها، وهو ما يجعل الزوج بين المطرقة والسندان حائرا لا يعرف ماذا يفعل، وفي هذا تقول أحلام من برج منايل "لا أشعر بأني زوجة لها كيانها وحياتها المستقلة، فوالدة زوجي وأخته يتحكمان في كل في شيء بشكل لا يطاق، دون اعتراض من زوجي الذي يتذبذب بين رأي هذا وذاك، فلم تعد له القدرة على تسيير حياته إلاّ باستشارة أهله حتى في تسيير ميزانية الأسرة وكيفية صرفها، رغم أنني أعيش بعيدة عنهم بمئات الكيلومترات".
تدخلات أهل الزوج، قد تحول تلك الخلافات الهامشية بين الزوجين إلى صراع عائلي ينذر بإفرازات سلبية وبعواقب وخيمة، قد يكونون في غنى عنها، أمينة من تيزي وزو تقول أن زوجها طلقها بعد مرور أربع سنوات عن زواجهما، وذلك بسبب تدخل والدته في حياتهما، لدرجة أنها في إحدى المرات أسمعتها ما لا يرضيها بسبب ملابسها في إحدى المناسبات العائلية، ورغم محاولاتها بمعية زوجها الابتعاد عن هذه المشاكل، إلا أنها تفاقمت، فأرغما على الانفصال.
الإمام أبو يحيى إمام مسجد طارق بن زياد بالبيرين ولاية الجلفة: "لا يجوز تدخل أهل الزوج في شؤون الزوجة لأنه مخالف للدين"
"من المشاكل التي تعاني منها الأسر الجزائرية تدخل الأهل في حياة الزوجين، والاعتقاد أن لهم حقا عليها في خدمتهما وبرهما، فهذا مخالف للدين كليا، فالزوج واجب عليه الإحسان للزوجة بالمعروف، قال تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) البقرة/228، كما أن الزوجة مأمورة بطاعة زوجها وخدمته فقط لقوله تعالى: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) النساء / 34.
زهرة فاسي محللة اجتماعية: "تدخل أهل الزوج يفك الرابطة الأسرية"
المفروض أن الحياة الزوجية تتمحور حول فردين لا ثالث لهما وهما الزوج والزوجة، أما عن تدخل الأهل في شؤون الزوجة، فقد يخلق توترا في الأسرة في حد ذاتها، فالزوجة يجب أن تطيع زوجها وليس أهله، فتدخلهم قد يشعرها بعدم الثقة والخوف وعدم الاستقرار، وأنها ملك للغير وليس لزوجها، وتشعر أنها في دائرة واسعة، فالمجتمع برمته لم يفهم طبيعة العلاقة وحدودها، فتصبح "الكنة" مجبرة على خدمة الجميع وكأنها عبد.
وكل هذا ينمي المشاكل الأسرية ويفكك الرابطة الزوجية، بسبب كثرة الآراء على الزوجين. وخلاصة القول أن تدخل أهل الزوج يصبح تشويشا خطيرا ينتهي بفك العلاقة الزوجية، فيجب أن نتعلم سلوكا حضاريا في التخطيط لبناء المستقبل، فإن تدخل الآخر فمرحبا بالمشاكل وتصبح أداة لهدم الرابطة الزوجية.