أنا فتاة أبلغ من العمر 12 عاما، لست جميلة لكنني ارتديت الحجاب عن قناعة بفضل الله وأحافظ على الصلاة، أعيش وسط أسرتي الكبيرة، والتي نشأت فيها قسوة أبي وأمي، وعدم مبالاتهم بمشاكلي أنا وأخوتي، لكنني رغم ذلك بفضل الله يشهد الجميع بأخلاقي وأدبي.
أعاني من قسوة أبي الشديدة، وضربه لي على كل كبيرة وصغيرة، وهذا ما أورثه لأخوتي الذكور، حيث لا يتفاهمون معي إلا بلغة اليد، مما جعلني عدوانية شديدة الغيرة والحقد على غيري ممن هم في سني، ويتمتعون بحياة أسرية دافئة ومستقرة، وأصبحت بسبب ذلك ضعيفة الشخصية وخجولة ومنطوية لا صديقات لي سواء في المدرسة أو الحي الذي أقطن به، ولا حتى أتخذ من أقاربي أي صديقات من بنات خالي أو بنات عماتي وأعمامي.
وللأسف منذ الصغر وأنا أتعلم في المدارس الحكومية وما أدراك ما يحدث فيها، ضرب وتعنيف، وكأننا عبيد لدى هؤلاء المعلمات، بل وكانت المعلمة تجبرني على تنظيف القسم سخرية مني ولتحط من شأني، مما تسبب في آثار نفسية سيئة وتراجع في مستواي الدراسي.
أنا حزينة لأنني وحيدة جداً، ومنذ فترة أصبحت أشاهد الأفلام الإباحية، وبدأت أمارس العادة السرية، أنا أصلي وأقرأ القرآن يومياً، فكيف أتخلص من هذه المعصية؟
وكيف أكون لنفسي صحبة تعينني على استكمال مشوار حياتي ليكونوا بديلاً عن أهلي؟
حياة – تونس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهلاً وسهلاً بك يا حياة على صفحات جواهر الشروق، والله أسأل أن ييسر لك أمرك كله للخير.
سعدت كثيراً برسالتك، فمجرد مراسلتك لنا تدل على رغبة حقيقة في تغيير حياتك للأفضل، وهذا نادراً ما نجده في فتاة في مثل عمرك.
كثيراً ما ننتظر الدعم من حولنا، وننظر لأنفسنا يا حياة في مرآة من حولنا، من الطبيعي أن ينظر الطفل أو المراهق لنفسه من خلال والديه وأسرته، لكنني سأعتبرك راشدة عاقلة حكيمة وستنظري لنفسك من خلال مرآة نفسك، وأن تدعمي نفسك بنفسك ولا تنتظري دعماً ممن حولك، وأن تستعيدي ثقتك بنفسك بمجهودك الشخصي.
يجب أن تؤمني أن الله تعالى خلق الابتلاء سنة الحياة، فهو يأخذ منك شيئاً ويعطيك غيره، في حين أنه يأخذ من غيرك ما أعطاك، ويعطيه ما يأخذه منك، وبالتالي يتساوى جميع البشر حين يشعرون بالرضا، فانظري لحياتك وما تتمتعين به من نعم، فغيرك من الفتيات مشردات في دول بها حروب، وغيرهن ولدن بتشوهات خلقية، وغيرهم ينمن في الشوارع وملاجئ الأيتام، وغيرهن امتلكن جمالاً أخاذاً كان عليهن نقمة فتعرضن للتحرش أو الاغتصاب، لذلك احصري نعم الله عليك حتى تشعري بالرضا والسعادة بما تملكينه فعلاً، فتحمدين الله عز وجل فيزيد نعمه عليك، فقد قال عز وجل: " لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيد".
الوحدة سبب كل مشاكلك، يجب أن تنتقي من حولك من تجدينهن مناسبات لك من زميلات المدرسة أو الجيران، أو حتى لتذهبي للمسجد لحضور الدروس الدينية ولتبحثي من بين الطالبات عن فتيات على خلق.
وتضيف المتخصصة التربوية رضوى البدوي:
أنت قوية تتمتعين بشخصية ناضجة إيجابية تجاه نفسك؛ فأنت توصلتِ لأطراف المشكلة ولديكي الدافع في تغيير الوضع للأفضل، وحتى تتمكني من ذلك عليك أولا تجزئة خطوات العمل لجزئيين؛ الأول، والأهم هو نفسك، وأما الآخر يشمل كل الأشخاص من حولك سواء صديقات، عائلة، معلمات ..وغير ذلك
أجعلي لنفسك دائماً صوت داخلي يذكرك باستمرار أنك إنسانة رائعة قادرة على تغيير أي شيء إن أردتي، فقط تحتاجين التوجيه السليم لتصويب هدف، و أنظري إلى ملامحك وذكري نفسك بأن الله أحسن خلقتك، ولم يجعلك من أصحاب الإعاقات، وأن الجمال ليس له أي مقاييس لا باللون ولا بالطول ولا بالجسم.
أبحثي في خبايا نفسك، واكتبي في ورقة كل ما أنجزته، ونجحت فيهمهما كان أمر تافه من وجهة نظرك؛ فعلي سبيل المثال تقولين أنك تتحملين مسئولية أخوتك، فكم من فتيات بنفس عمرك لا يتحملن مسئولية أنفسهن!، وأنك ارتديت الحجاب عن قناعة دون ضغط من أحد، وأنك بفضل الله حريصة على الصلاة، واجعلي تلك الورقة دائما بحوزتك، وانظري إليها من حين لأخر، وكلما شعرت بالحقد أو الحسد تجاه إحدى الفتيات أخرجي الورقة، وأعيدي النظر فيها وخذي نفساً عميقاً، واحمدي الله الذي وهبك تلك الروح القوية.
لا تنتظري الاهتمام من أحد بل أهتمي أنتي بنفسك، ودلليها؛ فاكتبي أيضا كل الأشياء المتاحة التي تحبينها من مأكولات، ملابس، أماكن تذهبين إليها، برامج مفيدة تحبين مشاهدتها، واجعلي تلك الأشياء جزء من روتين يومك.
ارسمي لنفسك مكانة مرموقة في المجتمع، واكتبي أحلامك بكل ما تودين الوصول إليه على المدى القريب، وعلى المدى البعيد، ثم ابحثي وتعلمي كيف تكتبين خطة لتحقيق أهدافك.
لا تعلقي ثقتك بنفسك، وقدراتك بأحد؛ بل حاولي مرة تلو أخري أن تستعيدي نشاطك واجتهادك القديم لأجل نفسك فأنت تستحقين ذلك.
أما أمر العادة السرية؛ فلابد أن تعي جيداً أن تلك العادة ستدخلك في دائرة من الأضرار النفسية، والجسمانية بدءاً بضعف النظر، والتهاب مسالك البول، والأمراض التناسلية، وتتسبب بنسبة كبيرة في العقم، كما أنها ستصنع لكي حاجز نفسي كبير بعد زواجك في علاقتك بزوجك، وحتى تتمكنين من الإقلاع عنها:
أولا: عليك استشعار نظر الله تعالي إليك حيثما كنت، واستعيني بالله على نيتك في الإقلاع عنها نهائياً.
ثانيا: اجتنبي تماما أي مثيرات تذكرك بها سواء رؤية مشاهد، أو صور، أو ما شابه، وغضي بصرك عن كل ما حرم الله.
ثالثا: عليك بالصيام، فإنه من أكثر العبادات التي تعين على الإقلاع عن العادة السرية، والمواقع الإباحية
رابعا: أخلفي العادة السرية بعادة أخري حسنة؛ فمثلا كلما همت نفسك بها قومي بعمل بعض التمرينات الرياضية أو قراءة كتاب أو تلاوة القران، أو الاستغفار بعدد معين.
خامساً: ابحثي عن موهبة تحبينها كثيراً وأقضي وقت فراغك في ممارستها، وتعلمي مهارات جديدة، فالفتيات عادة يحبون الكروشيه والتريكو، والرسم، وكل ما شابه من مهارات يمكن ممارستها بالمنزل.
وأما الجانب المتعلق بمن حولك؛ فعليك تدريب نفسك على الاحتجاج، والرفض لسوء المعاملة؛ فعندما تتعرضين لسوء معاملة من معلمتك عليك أن ترفضي، وتقولين بكل احترام أنك لا يمكنك القيام بتلك الأشياء، وإن استعصى عليك الأمر فتخيري واستعيني بمعلمة أخري تتحدث معها، أما السخرية فعلاجها التجاهل؛ فقط اتركي المكان، ولا تصدري أي رد فعل لأنك تعلمين جيدا من داخلك من تكونين، بل اجعلي تلك السخريات دافع لتحقيق طموحاتك التي سبق وقمنا بتسجيلها كتابة.
أحسني معاملة والديك قدر ما استطعت، حتى وإن لم يحسنوا معاملتك وأكثري من الدعاء لهم ولإخوتك بأن يهديهم الله ويرزقهم الرفق واللين
أدعي الله أن يرزقك بصحبة صالحة تعينك، وابحثي حولك عن رفيقة متقاربة لكي في اهتماماتك، وتقربي لها شيئا فشيئا، فهذا بشأنه سيهون عليك الكثير.
تمنياتي لكِ بالسعادة والتوفيق، وتابعينا بأخباركِ