قال سيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه: لما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، قلت له يا رسول الله أوصني، فقال: ”أخلص دينك يكفك القليل من العمل” أي اجعل إيمانك خالصًا مما يشوبه من شهوات النفس واجعل طاعتك كلها لوجه الله يصبح القليل من عملك كثيرًا مباركًا. ولقد عنى الحديث القدسي بأمر الإخلاص والتحذير من ضده، فجاء فيه: ”أنا أغنى الأغنياء عن الشكر، مَن عمل عملاً أشرك فيه غيري فهو للذي أشرك به وأنا منه بريء”، ويقول الله تعالى في الحديث القدسي أيضًا: ”الإخلاص سر من سري استودعتُه قلب مَن أحببتُ من عبادي”.
وعن الحديث النبوي كذلك بأمر الإخلاص، جاء فيه: ”ثلاثة لا يغل عليهن قلب مسلم: إخلاص العمل لله ومناصحة ولاة الأمر ولزوم جماعة المسلمين، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم”. ومعنى: ”لا يغل عليهن” وهو كما قال ابن القيم: لا يبقى في قلب المؤمن غل مع وجود هذه الأمور الثلاثة.
وروى مسلم قول النبي صلى الله عليه وسلم: ”أن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم”.
وللإخلاص ارتباط وثيق بالنية، ولو قلنا إن الإخلاص هو تطهير النية وتجريدها لله عند العمل والسعي لما بعدنا عن الحقيقة، ولذلك جاء في الحديث النبوي المتفق عليه: ”إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى”، وكتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما يقول له: ”مَن خَلُصت نيته كفاه الله تعالى ما بينه وبين الناس”. - S