اِسْمٌ الجِنْسِ عَلَى نوعين: يُقَالُ لَهُ اسْـمُ جِنْسٍ جَمْعِي، وَالثَّانِي يُقَالُ لَهُ اسْمُ جِنْسٍ إِفْرَادِيٍّ،
فَأَمَّا اسْمُ الجِنْسِ الجَمْعِي فَهُوَ : مَا يَدُلُّ عَلَى أَكْثَـرَ مِنِ اثْنَيْنِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَـهُ وَبَيْنَ وَاحِـدِهِ بِالتَّـاءِ غَالِبًـا، تَكُونُ فِي المُفْرَدِ كَ(بَقَرَةٍ) وَ(بَقَرٍ) وَ(شَجَرَةٍ) وَ(شَجَرٍ)، وَمِنْـهُ (كَلِمٌ) وَ(كَلِمَةٌ)، وَرُبَّمَـا كَانَتْ زِيَـادَةُ التَّاءِ فِي الـدَّالِّ عَلَى الجَمْعِ مِثْل (كَمءٍ) لِلْوَاحِدِ وَ(كَمأَةٍ) لِلْكَثِيرِ، وَهُوَ نَادِرٌ.
وَقَدْ يَكُونُ الفَرْقُ بَيْنَ الوَاحِدِ وَالكَثِيـرِ بِالْيَـاءِ، كَ(زِنْجٍ) وَ(زِنْجِيٍّ)، وَ(رُومٍ) وَ(رُومِيٍّ)،
فَأَمَّـا اسْمُ الجِنْسِ الإِفْـرَادِي فَهُوَ : مَا يَصْـدُقُ عَلَى الكَثِيـرِ وَالقَلِيـلِ وَاللَّفْظُ وَاحِدٌ، كَ( مَاءٍ) وَ(ذَهَبٍ) وَ(خِلٍ) وَ(زَيْتٍ).
فَإِنْ قُلْتَ: فَإِنِّي أَجِـدُ كَثِيرًا مِنْ جُمُـوعِ التَّكْسِيرِ يُفَـرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مُفْـرَدِهَا بِـالتَّاءِ كَمَـا يُفَرَّقُ بَيْنَ اسْمِ الجِنْسِ وَوَاحِـدِهِ، نَحْوُ: قُرًى وَوَاحِدُهُ قَـرْيَةٌ، وَمُدًى وَوَاحِدُهُ مُـدْيَةٌ، فَبِمَـاذَا أُفَـرِّقُ بَيْنَ اسْمِ الجِنْسِ الجَمْعِيِّ وَمَا كَانَ عَلَى هَذَا الوَجْهِ مِنَ الجُمُوعِ ؟
فَالجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ تَعْلَمً أَنَّ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ اخْتِلاَفًا مِنْ وَجْهَيْنِ:
الوَجْهُ الأَوَّلُ: أَنَّ الجَمْـعَ لاَ بُدَّ أًنْ يَكُونَ عَلَى زِنَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ زِنَاتِ الجُمُوعِ المَحْفُوظَـةِ المَعْرُوفَـةِ، فَأَمَّا اسْمُ الجِنْسِ الجَمْعِي فَلاَ يَلْزَمُ فِيهِ ذَلِكَ، أَفَـلاَ تَرَى أَنَّ بَقَـرًا وَشَجَرًا وَثًمًـرًا لاَ يُوَافِقُ زِنَـةً مِنْ زِنَـاتِ الجَمْـعِ
وَالوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الاِسْتِعَمَـالَ العَرَبِيَّ جَرَى عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ وَمَا أَشْبَهَ يَرْجِعُ إِلَى اسْمِ الجِنْسِ الجَمْعِيِّ مُذَكَّـرًا كَقَوْلِ اللهِ تَعَـالَى : "إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا" وَقَوْلِهِ: " إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ "
فَأَمَّا الجَمْعُ فَإِنَّ الاِسْتِعْمَـالَ العَرَبِيِّ جَرَى عَلَى أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ إِلَيْهِ مُؤَنَّثًا، كَمَا تَجِدُ فِي قَوْلِهِ تَعَـالَى: "لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ" وَقَوْلِهِ سُبْحَـانَهَ: "غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ"، وَكَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
في غُرَفِ الجَنَّةِ العُليا الَّتي وَجَبَت * لَهُم هُناكَ بِسَعيٍ كانَ مَشكورِ