لقد نبغ في كل علمٍ أعلام، وفي كل فنٍ أفذاذ،ماتزال مؤلفاتهم مِلء السمع والبصر،في ميدان العلوم الدينية كثرت المؤلفاتفي علوم القرآن،و الحديث،و التفسير،و الفقه،و الأصول،و غيرها،إذ يأتي في مقدمة هؤلاء الأعلام المصلح الإمام أحمد بن تيمية،و له مؤلفات تَربو على الثلاثمائةمؤلف منها: فتاواه المشهورة،و الجمع بين العقل و النقل.كذلك من أعلام هذه الساحة تلميذ الإمام ابن قيم الجوزية،و من مؤلفاته: التبيان في أقسام القرآن و مرآةالزمان.كذلك شمس الدين الذهبي،و له (تذكرة الحفاظ) و(الطب النبوي). و من أعلام العلوم الدينية أيضا جلال الدينالسيوطي،و هو صاحب مؤلفات كثيرة،منهاالإتقان في علوم القرآن و لباب النقول في أسباب النزول.كذلك من أعلام هذه الساحة: القسطلاني،و له (شرح البخاري)و(المذاهب الدينية في سيرة الرسول ـ ص ـ.و المقام يضيق عن ذكر الأعلام و المؤلفات التي تدل كثرتها و تعدد شروحهاعلى اعتناء هؤلاء الأعلام بهذه العلوم.و في ميدان اللغة و علومها: ظهرت مؤلفات و موسوعات كثيرة،من أبرز هذهالمؤلفات و الموسوعات (لسان العرب) لابن منظور،و يقع هذا المؤلف الضخم في عشرين مجلدًا،و هو موسوعة فياللغة،و التفسير،و الحديث،والأدب.كذلك من أشهر الكتب الموسوعية في ميدان اللغة و علومها في عصر المماليك،(القاموسالمحيط) لفيروزابادي.و من المؤلفات الضخمة في ساحة اللغة و علومها المزهر في اللغة للسيوطي،و (المزهر) جزءان.و من أشهر كتب النحو و الصرف: (ألفية ابن مالك)و لابن مالك إلى جانب الألفية (التسهيل) و ( الكافيةالشافية ).كذلك من المؤلفات الرائعة في ميدان النحو و الصرف في العصر المملوكي ( مغنياللبيب) و( قطر الندى) و (شذور الذهب) لابن هشام.أما في ميدان البلاغة: فمن أشهر المؤلفات في علوم البلاغة يأتي (تلخيص المفتاحللخطيب القزويني،و (الإيضاح) للمؤلف نفسه.و يأتي كذلك كتاب (حسن التوسل في صناعة الترسل) لشهاب الدين الحلبي.و (عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح) للبهاء السبكي.ثم تأتي البديعيات،و يأتي أشهر هذه البديعيات (بديعية صفي الدين الحلي)و بديعة ابن حجة الحموي.أما في مجال التاريخ فلقد اتسع التأليف في ميدان التاريخاتساعًا كثيرًا،وخصوصًا في التراجم،يتجلى لنا هذا في: كتاب( وفيات الأعيان ) لابن خلكان،و يأتي في هذا ميدان التاريخ أيضا كتاب (العبر و ديوان المبتدأ و الخبر ) لابن خلدون مبتكر علم الاجتماع.يأتي كذلك (الكامل) لابن الأثير،و (البداية والنهاية) لابنكثير.أما في ميدانالجغرافيا: فقد كان له نصيبه من المؤلفات أيضًا فهناك كتاب (عجائب المخلوقاتللقزويني،و ( تقويم البلدان ) لأبيالفداء،و رحلة ابن بطوطة. أما في مجال الأدب فقد كثرت الموسوعات،إذ كان يغلب على التأليف في الأدب الخلط بين الأدب والأخلاق،و بين الأدبوالعلوم المختلفة، كالتاريخ،و النبات،و لهذا عُرفت هذه المؤلفات فيالأدب بالموسوعات،و من أشهرها كتاب نهاية الأرِب في فنون الأدبللنويري و (مسالك الأبصار في ممالك الأمصار) لابن فضل اللهالعمري،و يأتي في هذه الساحة (صبح الأعشى في صناعة الإنشا) للقلقشندي،و كتاب (المستطرف في كل فنٍّ مستظرف) للإبشيهي،و كتاب (خزانة الأدب) لابن حجة الحموي،أضف إلى ذلك ما شاع في العصر المملوكي من قصص؛ لشغل الجمهور بما يخفف عنهم أعباء الحياة و أهم هذه القصص،تكملة ألف ليلةٍ وليلة،وسيرة عنترة،وسيف بن ذييزن،وأبو زيدٍ الهلالي،والظاهر بيبرس، وهي في معظمها تدور حول قَصص البطولةوأخبار المغامرات.و لم يقف مد التأليف و نشاطه عند هذه العلوم،و إنما امتد إلى الكيمياء،و الطب،و الصناعات،و علم الحيوانككتاب (المختار من الأغذية) لابن النفيس،و (حياة الحيوان) للدميري،و (كشف الكروب في معرفة الحروب) لعماد الدين اليوسفي. خلاصة القول لقد زهت حركة التأليف في عصر المماليك،حتىاحتل العثمانيون الشام و مصر،عندئذ تقلص التأليف و تقهقر،و تمكن الذلمن النفوس،فخمدت القرائح،و اطمأنت الكتب في الخزائن،وضرب الجهل على الأبصار فعمت،و طال عليهمالأمد فغشاها النعاس،و خيم عليها الظلام،فلم تستيقظ إلا بمدافع نابليون بونابرت.
في عصر الضعف لم يكن النثر أوفر حظا من الشعر.فقد طغت عليه السطحية،و الإسفاف فقد طغى على نثر المترسلين السجع،و الجناس لأن في صناعة الألفاظ ستر لعجزهم عن توليد المعاني،و الإبداع الفكري.أمّا إنشاء المصنفين فلم تعمه التزاويق اللفظية كما عمّت فن الترسل،و لكنه لم يخلص من التعقيد،و التطويل،و قلة الاستنباط لتصلب العقول.فجاءت في في معظمها جمعًا،و و حشوًا،و تحشية،و شرحا.