http://islamstory.com/sites/default/...shapeghsgh.jpgيُعتبر الزواج من أكبر الأمور التي تُسْهِم في رسم مستقبل الإنسان؛ فهذه المشاركة المبكِّرة في طريق الحياة تطبع في الغالب كلَّ طرفٍ بطابع الآخر؛ ومن ثَمَّ وجب على المُقْدِم على الزواج أن يُحسن الاختيار لكي لا يندم طويلًا؛ خاصة أن نتاج هذا الزواج -وهم الأطفال- سيتشكَّلون بشكل أبويهم؛ مما يؤكِّد أهمية الاختيار عند الطرفين، وقد كان من سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل عناصر الدِّين والأخلاق هي أهم العناصر التي على ضوئها يختار المرء شريكه في الحياة، ولكون الرجل هو الذي يبحث عادة عن المرأة تكون عنده الفرصة أكبر للاختيار؛ لهذا يتذكَّر الناسُ سُنَّةَ اختيار المرأة ذات الدِّين، وقد يَنْسَون سُنَّةَ قبول الرجل الصالح كزوج، خاصة مع صعوبة ظروف الحياة، وكثرة المشاكل الاقتصادية؛ مما يجعل أهل المرأة يتساهلون -أحيانًا- في معايير اختيار الزوج، فيرفضون صاحب الدِّين لفقره، ويَقْبَلون سيئ الخُلُق لغِناه، متناسين السُّنَّة النبوية المهمَّة في هذا المجال؛ فقد روى الترمذي-وقال الألباني: حسن- عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ».
وأكَّد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا المبدأ في مثال توضيحي رائع؛ فقد روى البخاري عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنهما، قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا؟» قَالُوا: حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ يُسْتَمَعَ. قَالَ: ثُمَّ سَكَتَ، فَمَرَّ رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِ المُسْلِمِينَ، فَقَالَ: «مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا؟» قَالُوا: حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لاَ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لاَ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ لاَ يُسْتَمَعَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هَذَا». فعامل الدِّين والخُلُق هو العامل الأساس، وهذا هو القول الفصل، وهذا هو الذي يحفظ البيوت والأطفال، وهذه هي سُنَّة الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم.
ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].
المصدر : كتاب " إحياء354 " للدكتور راغب السرجاني