السلام عليكم ...
55- عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن القَزَع"؛ متفق عليه.
والقَزَع أن يَحلق بعض الرأس ويَترك بعضه - سواء كان من جانب واحدٍ، أو من كل الجوانب، أو من فوق، ومن يمين، ومن شمال، ومن وراء ومن أمام، المهم أنه إذا حلَق بعض الرأس وترَك بعضه، فهذا قزَع، وقد نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم.
وفي حديث ابن عمر الآخر أن صبيًّا أُتي به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد حلق بعض رأسه وترك بعضه، قال: ((احلقوه كله أو اترُكوه كله))، وفي حديث أولاد جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - حين قُتِل شهيدًا، فأمْهَلهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أيام، ثم أتاهم وقال: ((لا تبكوا على أخي بعد اليوم))، وإنما أمهَلهم ثلاثًا من أجل أن تَطيب نفوسهم، ويذهب ما في نفوسهم من الحزن والأسى، ثم بعد الثلاث، نهاهم أن يبكوا جعفرًا؛ لأن الصِّبيان كما هو معروف تتوسَّخ أبدانهم وشعورهم، فمن أجل ذلك حلق رؤوسهم، وهذا إذا كانوا ذكورًا، أما الإناث فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تَحلق المرأة رأسها؛ ولهذا إذا وُلِد المولود، فإنه يُحلَق رأسه يوم السابع مع العقيقة إذا كان ذكرًا، أما الأنثى فلا يُحلق رأسها، وفي هذه الأحاديث دليلٌ على أن اتخاذ الشعر ليس بسُنة، ومعنى اتخاذ الشعر أن الإنسان يُبقي شعر رأسه؛ حتى يَكثر ويكون ضفيرة، أو لِمَّة، فهو عادة من العادات، ولو كان سُنة، لقال النبي - صلى الله عليه وسلم - اتركوه، لا تَحلقوه في الصبي، ولَما حلَق رؤوس أولاد جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - ولكنه - أي اتخاذ الشعر عادة - إذا اعتاده الناس، فاتَّخِذْه، وإن لم يَعتده الناس، فلا تتَّخِذه، وأما من ذهب إلى أنه سُنة من أهل العلم، فإن هذا اجتهاد منهم، والصحيح أنه ليس بسُنة، وأننا لا نأمر الناس باتخاذ الشعر، بل نقول: إن اعتاده الناس وصار الناس يتَّخذون الشعر، فاتَّخِذْه؛ لئلا تَشذ على العادة، وإن كانوا لا يتخذونه كما هو معروف الآن في أهلنا، فلا تتَّخذه؛ ولهذا كان مشايخنا الكبار - كالشيخ عبدالرحمن السعدي، والشيخ محمد بن إبراهيم، والشيخ عبدالعزيز بن باز، وغيرهم من العلماء - لا يتَّخذون الشعر؛ لأنه ليس بسُنة، ولكنه عادة، والله الموفق