شرح حديث : إذا لم تستح فاصنع ما شئت .
قال رسول الله صلّى الله عليه : إنّ ممّا أدرك النّاس من كلام النبوّة الأولى : إذا لم تستح فاصنع ما شئت .
رواه البخاري
وذكره النووي في الأربعين النّوويّة .
معنى قوله :من كلام النبوّة الأولى ، أن الحياء لم يزل ممدوحا مستحسنا مأمورا به لم ينسخ في شرائع الأنبياء الأولين .
وقوله : فاصنع ما شئت ، فيه وجهان أحدهما أن يكون خرج بلفظ الأمر على معنى الوعيد والتهديد ولم يرد به الأمر كقوله
إنّ الّذين يُلحُدونَ في ءايٰتنا لا يٓخفٓوْن علينَا أفمَن يُلْقَى في النّارِ خٓيرٌ أم مَّن يَأتىِ ءامنًا يوْمَ القيٰمةِ آعملُوا ما شِئتُم إنّهُ
بما تعمَلُونٓ بَصِير)40 -سورة فصلت
فإنه وعيد لانه قد بيّن لهم ما يأتون به وما يتركون .وكقوله النّبيّ صلّى الله عليه "من باع الخمر فليشقص الخنزير " لم يكن في هذا إباحة تشقيص الخنازير ..
الوجه الثاني : أنّ معناه ما لم يُستحى منه إذا ظهر فآفعله ونحو هذا قوله صلّى الله عليه :"الحياء من الإيمان "
معناه أنّه لما كان يمنع صاحبه من الفواحش ويحمل على البِرّ والخير كما يمنع الإيمان صاحبه من ذلك ويحمله على الطاعات صار بمنزلة الإيمان لمساواته له في ذلك والله أعلم .
من شرح الأربعين النّوويّة للحافظ تقي الدّين الشّافعيّ والمالكي
المعروف بابن دقيق العيد