مستفاد من: شرح الأصول الثلاثة - الدرس 07 | للشيخ: عبد الله بن عبد الرحيم البخاري
الخشوعُ أيها الأخوة منزلةٌ عظيمة وعبادةٌ جليلة من أعظم منازِلِ ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة : 5] والخشوعُ في أصل اللغة الانخفاض والذُّلُّ والسكون قال الله جلّ وعلا ﴿وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا﴾ [طه : 108] أي سكنت وذلَّت وخضعت....
وحدُّ الخشوع أي تعريفه: "قيام القلب بين يَدَي الربّ جلّ وعلا بالخضوع والذُّل والجمعية عليه" قاله الإمام ابن القيم.
أي أن يجمع العبد في قلبه الذل والخضوع لله جلا وعلا مع الانكسار يجمع ذلك كله بخضوع واستكانة وضراعة يظهر ذلك في صدق اللجأ إلى الله جل في علاه.
وهنا أمر مهم يجب أن تعرفه وهو أن الخشوع باتفاق بل بإجماع العلماء أنه في القلب محله القلب وثمرته تظهر علي الجوارح، ثمرة هذا الخشوع تظهر أين؟
على الجوارح، وليس معنى هذا كما يفهمه بعض الناس أن الخشوع هو الدروشة والتماوت والمسكنة وميل الرقبة يمين أو ميل الرقبة شمال، فليس هذا من الخشوع، إذ إن الخشوع كما قيل لا يمكن أن يتحقق إلا بالانقياد للحق وقد نص العلماء كالإمام ابن القيم وغيره أن من علامات الخشوع الحقيقية أن العبد إذا خُلِف ورد عليه بالحق استقبل ذلك بالقبول والانقياد.
إذن من ثمرات الخشوع كما قلنا تظهر على الجوارح قبول الحق والانقياد للحق فليس ذلك من المسكنة والدروشة وميل الرؤوس، نعم هو ماذا؟ هو الخشوع أو هو التخشع هذا تخشع مصطنع بل هو مذموم عند السلف ، وقد ذكر الإمام ابن القيم أثرا عن عائشة - رضى الله تعالى عنها -:" أنها رأت شبابا يمشون ويتماوتون في مشيتهم فقالت من هؤلاء قالوا نُساك عُباد خُشاع فقالت كان عمر بن الخطاب إذا مشى أسرع وإذا قال أسمع وإذا أطعم أشبع وإذا ضرب أوجع وكان هو الناسك حقا"
إذًا يجب أن نعرف الخشوع التي جاءت به السنة ودلت عليه الأدلة ، فلا ينخدع المرء بدروشة الدراويش ومسكنة المتمسكنين وهؤلاء بعضهم إذا ما قلبته لا تجد عندهم صياعا للحق ولا قبولا للحق بل لو قلبت لوجدت تحت هذه الثياب أفاعي وسموم أجارك الله فانتبه - بارك الله فيك - فهذا هو الهدي ، نحن لا نسيء الظن بالناس أبدا عياذا بالله ولكن يجب أن نعرف السنة لِنُميز الحق من غيره لا يمكن ويستحيل شرعًا وعقلا أن تميز أو أن تقول هذا حق وباطل مالم تعرف الحق أبدا لا يمكن أن يكون معك الفرقان الذي به تميز بين الحق والباطل ، أقول لا يمكن أن تميز بين الحق والباطل ما لم يكن معك الفرقان الذي تميز به ذلك ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾ [الفرقان: 1].
فليس الأمر أنك تعرف لابد حتى تعرف ضد الحق أن تعرف الحق.