منتديات ابو الحسن التعليمية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى تعليمي ترفيهي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 موقف الفقه و التشريع من التكييف

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
dj karima

dj karima


المساهمات : 3639
تاريخ التسجيل : 22/09/2011
العمر : 36
الموقع : بلدية وادي الفضة ولاية الشلف

موقف الفقه و التشريع من التكييف  Empty
مُساهمةموضوع: موقف الفقه و التشريع من التكييف    موقف الفقه و التشريع من التكييف  I_icon_minitimeالجمعة نوفمبر 09, 2012 12:22 pm


إن
التكييف ينقل قاعدة الإسناد من المجرد إلى الواقع للتمكن من تطبيقها و عليه فهو
ضرورة أولية، لذالك فالسؤال الذي يطرح وفقا لأي قانون يتم التكييف؟ للإجابة على
هذا السؤال نقول أن التكييف من مسائل القانون الدولي الخاص الأكثر إثارة لنظريات و
مناقشات حادة و طويلة حول القانون الذي يحكمه (1)و سنعرض لأهم هذه الآراء الفقهية
فيما يلي(مطلب أول) و كنتيجة حتمية لتضارب الآراء الفقهية سيكون هناك اختلاف في مواقف
التشريعات في الأخذ بأحد هذه الآراء(مطلب ثاني)


المطلب الأول: الاتجاهات الفقهية
بشأن القانون الذي يحكم التكييف


لتحديد
القانون الواجب التطبيق على المسألة القانونية المعروضة على القاضي ، لابد أن يرجع
هذا الأخير إلى قانون معين من أجل تكييف و تحديد وصف تلك المسألة(2) فما هو هذا
القانون الذي يحكم التكييف؟ للإجابة على هذا السؤال ظهرت العديد من النظريات
الفقهية ، أهمها 3 آراء: إخضاع التكييف لقانون القاضي(فرع1)، إخضاع التكييف
للقانون الذي يحكم النزاع(فرع2)، إخضاع التكييف للقانون المقارن(فرع3)


الفرع الأول:التكييف يخضع
لقانون القاضي


أولا: مفهوم المبدأ و حججه


أول
من جاء بهذه النظرية كان الفقيه الألماني كان في 1891 ثم تبعه الفقيه الفرنسي
بارتان، و أقرها اتفاق لاهاي في 1925.(3)


مفاد
هذا المبدأ أن" القاضي يكيف النزاع المعروض عليه وفقا لقانونه الوطني"


و
لقد أسس الفقيه بارتان هذه النظرية على الحجج التالية:


ü
إن إخضاع التكييف لقانون القاضي
نتيجة حتمية لمبدأ السيادة: بحيث اعتبر قواعد التنازع قواعد وطنية داخلية محضة، و
أن كل دولة تضع القواعد الخاصة بها فيما يتعلق بمسألة تنازع القوانين(4) و أنه إذا
تم التكييف وفقا لقانون أجنبي داخل إقليم دولة القاضي المعروض عليه النزاع فإنه يؤدي إلى إنقاص السيادة التشريعية لدولة
القاضي.(5)





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(1):د غالب علي الداودي-د محمد
حسن الهداوي-المرجع السابق-ص71


(2):د أعراب بلقاسم –المرجع
السابق-ص79


(3):د غالب علي الداودي-دمحمد
حسن الهداوي-المرجع السابق-72


(4):د علي علي سليمان-مذكرات في
القانون الدولي الخاص الجزائري-ديوان المطبوعات الجامعية-الجزائر-ط2-س2003-ص33


(5):د أعراب بلقاسم-المرجع
السابق-ص81


الصفحة:11


ü
مرحلة التكييف تسبق مرحلة
الإسناد إلى القانون الأجنبي: و قد برر هذه الحجة على أساس أن القاضي لا يطبق
القانون الأجنبي إلا إذا تبين له من خلال النزاع المعروض عليه أن هذا الأخير يخضع
للقانون الأجنبي.(1)


غير
أن الفقه الحديث الذي قبل النظرية و أخذ بها قرر تأسيسها على حجج غير حجج
بارتان(2):


§
التكييف هو تفسير لقاعدة
الإسناد: معنى ذلك أن التكييف يقوم بتبيان المسائل التي تدخل في نطاق تطبيق قاعدة
الإسناد و مثال ذلك:


-إذا كانت قاعدة الإسناد تقضي
بـ"إخضاع شكل التصرف لقانون بلد الإبرام" و تطبيقا لهذه القاعدة يتم
الرجوع إلى وصية الهولندي(*1) و يتعين على القاضي في هذه الحالة قبل أن يقوم
بتطبيق هذه القاعدة أن يقوم بتبيان معنى شكل التصرف ، من أجل معرفة ما إذا كان هذا
المعنى يتطابق مع المنع الوارد في القانون الهولندي من إبرام الوصية في الشكل
العرفي.


-إذا
كانت قاعدة الإسناد تقضي بـ"إخضاع الميراث لقانون جنسية المتوفى" و
تطبيقا لها يتم الرجوع إلى قضية ميراث المالطي(*2) فهنا يتعين على القاضي قبل أن
يطبق القاعدة أن يحدد معنى الميراث من أجل معرفة ما إذا كان يتطابق مع ما تطلبه
الزوجة من حقوق على عقارات زوجها المتوفى.


انطلاقا
مما سبق ذكره فإنه لا يعقل أن يطلب تفسير قاعدة الإسناد الوطنية من قانون أجنبي
غير القانون الذي تنتمي إليه هذه القاعدة


§
لا تكون هناك أية فائدة من
عملية التكييف، في حالة ما إذا تمت هذه الأخيرة وفقا للقانون الأجنبي لأن هذا
الأخير لا يكون معروفا قبل عملية التكييف، فضلا عن أن ذلك يفيد أن القانون الأجنبي
هو الواجب التطبيق.


§
إذا كان التكييف عملية أولية و
القاضي هو الذي يقوم بها، فإن لإسناد القضائي هو الذي يظهر عند القيام بهذه
العملية، و هذا ما يبرر أن التكييف يتم وفقا لقانون القاضي.(3)











ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(1):د علي علي سليمان-المرجع
السابق-ص34


(2):د هشام صادق علي-حفيظة
السيد الحداد-المرجع السابق-ص61


(3):د أعراب بلقاسم-المرجع
السابق-ص81


(*1):إحالة إلى قضية وصية
الهولندي-ص08 من بحثنا


(*2):إحالة إلى قضية ميراث
المالطي-ص09 من بحثنا


الصفحة:12


ثــانــيـــا: تحديد نطاق النظرية


تحديد
نطاق هذه النظرية يقتضي التمييز بين التكييف الأولي(السابق) و التكييف
الثانوي(اللاحق).


و
لقد عرف الفقيه بارتان التكييف الأولي بأنه:" التكييف اللازم لإعمال قاعدة الإسناد
و تحديد القانون الواجب التطبيق" أو" وصف المركز القانوني محل النزاع و
إدراجه في إحدى النظم تمهيدا لإعمال قاعدة الإسناد المختصة" (1)


و
حسب بارتان التكييف الأولي هو وحده الذي يخضع لقانون القاضي.، فإذا تبين للقاضي
عند تكييفه للمسألة المعروضة عليه أنها تدخل في نطاق مضمون العقد و أخضعها
لـ"قانون إرادة المتعاقدين" يتعين على القاضي بعد ذلك الرجوع لقانون
إرادة المتعاقدين لتحديد وصف العقد مثلا:إيجار، بيع، رهن...


أما إذا تبين للقاضي من خلال التكييف أن القضية
المعروضة عليه تتعلق بشكل التصرف، فيخضعها "لقانون بلد الإبرام" ليرجع
بالتالي لهذا الأخير لتحديد شكل التصرف محل النزاع، إذا ما كان يتعلق بالشكل
الرسمي أو الشكل العرفي. و هنا يمكن القول أن "التكييف الخاضع لقانون القاضي
هو التكييف الأولي لأنه الوحيد الذي يتعلق بفكرة السيادة"(2)


و فيما يخص التكييف اللاحق حسب بارتان هو يثار
في مرحلة لاحقة على مرحلة الإسناد، و يكون ذلك عند تطبيق القانون الذي أشارت إليه
قاعدة الإسناد و من هنا التكييف اللاحق يعد تفسيرا لأحكام القانون الذي أشارت إليه
قاعدة الإسناد.(3)


وما تجدر الإشارة إليه هو أنه في بداية الأمر
ذهب بارتان للقول أن خضوع التكييفات الثانوية للقانون المختص هو استثناء من
القاعدة العامة التي تقضي بإخضاع التكييف لقانون القاضي غير أنه استدرك ذلك و قال
أن هذا التمييز ما هو إلا نتيجة منطقية للأساس الذي بنيت عليه القاعدة العامة و هو
'فكرة السيادة' أين ربط بارتان التكييف الأولي بها في حين لا يرتبط التكييف
الثانوي بها.


و
أهمية هذا التمييز بين التكييفين لا تظهر أساسا إلا إذا كان القانون الذي عينته
قاعدة الإسناد استنادا للتكييف الأولي قانونا أجنبيان و مثال ذلك التوصل من
التكييف الأولي أن النزاع متعلق بمسألة ميراث و أعطت قاعدة الإسناد الاختصاص
للقانون الأجنبي فإذا ثارت فيما بعد مسائل تتعلق بموانع الإرث أو حالات الحجب من
الإرث فهنا يرجع القاضي إلى القانون الأجنبي المعين و هذا هو التكييف الثانوي
اللاحق.(4)





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(1):د هشام صادق علي-د حفيظة
السيد الحداد-المرجع السابق-ص64


(2): د هشام صادق علي-د حفيظة
السيد الحداد-نفس المرجع-ص65


(3): نفس المرجع-ص66


(4):د يوسف البستاني-القانون
الدولي الخاص-منشورات الحلبي الحقوقية-بيروت-لبنان-ط1-س2004-ص138





الصفحة:13


غير
أن بارتان قد وضع استثناء على قاعدة إخضاع التكييف لقانون القاضي، و تمثل هذا
الاستثناء في المسائل المتعلقة بتكييف
المال، إذا ما كان منقولا أم عقار، و أخضعه لقانون موقع المال أو تواجده و مبرره
في هذا أنه ربطه بفكرة الطمأنينة في اكتساب الحقوق العينية و كذا استقرار
المعاملات، و حرص الدول على حماية ثروتها خاصة العقارية(1)


لم
يكتفي الفقه الحديث بهذا الاستثناء و أضاف استثناءين آخرين:


الأول
هو: إذا استحال تكييف العلاقة محل النزاع وفقا لقانون القاضي نظرا لجهله بها و عدم
اعتمادها.


و
الثاني: وجود نص في قانون خاص أو معاهدة نافذة في دولة القاضي يقضي بإخضاع التكييف
لقانون غير قانون دولة القاضي.


بالإضافة
لهذه الاستثناءات فإن النظرية لم تسلم من النقد على أساس أن هدفها هو حل التنازع
بين السيادات التشريعية، بينما الهدف من قواعد الإسناد هو تقرير العدالة بإعطاء
الاختصاص للقانون الأنسب لحكم النزاع.(2)


الفرع الثاني:التكييف يخضع
للقانون المختص بحكم النزاع


نظرا
لكون نظرية بارتن لم تسلم من الانتقاد ، تبنى بعض الفقه نظرية أخرى مبنية على أساس
إخضاع التكييف إلى القانون المختص بحكم النزاع، و من رواد هذه النظرية الفقيه "ديسبانيه"


أولا: مفهوم المبدأ و حججه


إن المقصود
من إخضاع التكيف لا لقانون المختص بحكم العلاقة نفسها هو "أن التكيف يكون حسب
القانون الأجنبي المحتمل تطبيقه " (3) أو"إخضاع الوصف القانوني للعلاقة محل النزاع للقانون الذي يحتمل أو يرجح
تطبيقه للفصل فيها ، أي إخضاع الوصف القانوني للقانون الذي يرجح أن ترشد إليه
قاعدة الإسناد" و تطبيقا لهذا يتم الرجوع إلى وصية الهولندي(*1) و زواج
اليوناني(*2)


فبالنسبة
لوصية الهولندي فإن احتمال تطبيق القانون الهولندي باعتباره قانون جنسية الموصي
يلزم القضاء الفرنسي بالحكم ببطلان الوصية، لأن القانون الهولندي في م992 مدني يمنع
اللجوء إلى الوصية الخطية، حتى و لو كان ذلك في بلاد أجنبية. (4)


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(1):د هشام صادق علي –د حفيظة
السيد الحداد-المرجع السابق-ص66


(2):د غالب علي الداودي-د محمد
حسن الهداوي-المرجع السابق-ص73


(3):د صلاح الدين جمال
الدين-المرجع السابق(الجنسية و تنازع القوانين)-ص285


(4):د عليوش قربوع كمال-المرجع
السابق-ص96 و ما بعدها


(*1):إحالة إلى وصية
الهولندي-ص08 من البحث


(*2):إحالة إلى زواج
اليوناني-ص10 من البحث


الصفحة:14


و
بالنسبة لزواج اليوناني من طائفة الروم الأرثدكس الذي أبرم عقد زواجه في فرنسا حسب
الشكل المدني، فيحتمل تطبيق القانون اليوناني باعتباره قانون جنسية الزوج يلزم
القضاء الفرنسي الحكم ببطلان الزواج ، و ذلك لأن القانون اليوناني يفرض تدخل رجل
الدين لصحة الزواج و يعتبره شرطا موضوعيا و بالتالي يخضع لقانون الجنسية و لا
يعتبر شرطا شكليا يخضع لقانون محل الإبرام.(1)


و
لقد استند ديسبانيه على 3 أسانيد رئيسية يمكن عرضها على النحو التالي:


Ø
اختيار أحد القوانين لحكم
النزاع يكون اختيار كلي و اعترافا كاملا للقانون المختار باختصاصه بحكم العلاقة
محل النزاع، خاصة فيما يتعلق بوصفها القانوني، و القول بغير ذلك يؤدي إلى التقليل
من فرص تطبيق القانون الأجنبي و هذا ما يتعارض مع وظيفة قاعدة الإسناد التي تهدف
إلى تحقيق التعايش بين مختلف النظم القانونية.


Ø
أن ترك مسألة التكييف تخضع
للقانون الواجب التطبيق فيه ضمان أكبر لصحة تطبيق هذا الأخير لأن عدم الرجوع إليه
قد يؤدي إلى مخالفته ، إما بتطبيقه على غير الحالات التي أراد المشرع تطبيقه
عليها، أو عدم تطبيقه على حالات يفترض تطبيقه فيها. و إذا رجعنا في هذه الحالة إلى
القضية المتعلقة بزواج اليوناني وفقا للشكل المدني في فرنسا نجد أنه كان هناك خلاف
بين القانونين اليوناني و الفرنسي حول وصف الشرط محل النزاع، و هذا ما يترتب عليه
اختلف في قاعدة الإسناد المطبقة و بالتالي اختلاف الحكم الفاصل في النزاع.


Ø
إن إخضاع التكييف للقانون
المختص بحكم النزاع يؤدي إلى تحقيق
العدالة على عكس ما يحققه التكييف وفقا لقانون القاضي و ذلك في حالة ما إذا كان
القانون الأجنبي المختص يعرف و ينظم المسألة المعروضة في حين أن قانون القاضي
يجهلها.(2)


ثانيا: الانتقادات الموجهة لـ ديسبانيه


رغم
منطقية هذه النظرية التي تقضي بأن التكييف القانوني للمسالة المعروضة جزء لا يتجزء
من القاعدة الموضوعية التي يتضمنها القانون الأجنبي المختص بحكم النزاع و أنه إذا
لم يتم التكييف وفقا لهذا القانون فإن ذلك قد يشكل خرقا أو مخالفة لأحكامه، إلا أن
هذا المنطق لم يسلم من الانتقادات التي يمكن إجمالها فيما يلي:


§
إن تطبيق هذه الفكرة في إطار
العلاقات الخاصة الدولية تؤدي إلى نتائج غير مقبولة خاصة عندما يجهل القانون
الواجب التطبيق المسألة محل النزاع(3)


§
إن معرفة القانون المختص بحكم
النزاع لا تتأتى إلا بعد التكييف باعتباره مسألة أولية، فكيف يحكم القانون المختص
التكييف ما دام هذا القانون لم يتم تعيينه بعد؟


§
إن القول بتطبيق القانون المختص
بحكم النزاع على التكييف يعد تنبؤا سابقا لأوانه يصطدم بالاستحالة العملية و
بالحدود التي يضعها المشرع الوطني للسماح بتطبيق قانون أجنبي في إقليم دولته.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(1):د عليوش قربوع كمال-المرجع
السابق-ص101


(2):د صلاح الدين جمال
الدين-المرجع السابق(الجنسية و تنازع القوانين)-ص288


(3):د صلاح الدين جمال
الدين-المرجع السابق(دراسة مقارنة بين الشريعة و القانون)-ص50-51


الصفحة:15


§
افتراض النتيجة(تطبيق القانون
المختص) قبل معرفة السبب(التكييف) من شأنه إيجاد حلقة مفرغة


يتعذر الخروج منها ما دام التكييف
يعتبر مرحلة أولية ضرورية لمعرفة القانون الواجب التطبيق.(1)


الفرع الثالث:التكييف يخضع
للقانون المقارن


أمام
الانتقادات الموجهة لكل من الفقيهين بارتان و ديسبانيه، ظهرت نظرية ثالثة من أهم
روادها الفقيه الألماني "أرنست رابل" الذي دعا إلى عدم التقيد بالمفاهيم
الواردة في كل من قانون القاضي و القانون الأجنبي المحتمل التطبيق و نادى بضرورة
الرجوع إلى مفاهيم عالمية موحدة للأفكار المسندة و التي يتم استخلاصها بإتباع منهج
البحث المقارن للقوانين. (2)


أولا:أساس مبدأ خضوع التكييف للقانون المقارن


هذه
النظرية تدعو إلى إخضاع اختلاف الأوصاف في التكيف للأفكار العالمية في القانون
المقارن، أي للأفكار المجردة السائدة في قوانين دول العالم المتمدن على أساس أن
تنازع القوانين يتصف بالدولية مما يجب معه إضفاء صفة عالمية عليه باستخلاص مفهومه
المطلق عن طريق الدراسة المقارنة لقوانين و فقه و قضاء الدول المتمدنة بما يتفق و
حاجة المعاملات الدولية و الوصول إلى الحكم العادل دون التقيد بقانون دولة معينة
بالذات.(3)


و
بمعنى آخر يتوجب على القاضي أن لا يتقيد عند قيامه بالتكييف بالمبادئ الوطنية
السائدة سواء في قانونه أو في قانون أية دولة أخرى، بل عليه أن يستخدم مفاهيم
ذاتية خاصة بالقانون الدولي الخاص و التي يتم استخلاصها من القانون المقارن.


و
تطبيقا لقاعدة إخضاع التكييف للقانون المقارن نأخذ كمثال: لو أن القاضي الألماني
يجد قاعدة الإسناد" إخضاع الوصية لقانون الشخص الذي تجب حمايته" فالقاضي
لا يرجع إلى القواعد الموضوعية سواء تلك الموجودة في القانون الألماني أو في أي
قانون آخر من أجل تحديد فكرة الوصية، و إنما عليه أن يقوم باستخلاص مفهوم الوصية
من دراسة مقارنة لقوانين دول مختلفة.(4)








ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(1):د غالب علي الداودي-د محمد
حسن الهداوي-المرجع السابق-ص73-74


(2):د صلاح الدين جمال
الدين-المرجع السابق(الجنسية و تنازع القوانين)-ص290


(3):د غالب علي الداودي-د محمد
حسن الهداوي-المرجع السابق-ص71


(4):د حفيظة السيد
الحداد-المرجع السابق-ص128





الصفحة:16


ثـانــيــا:النقد الموجه لهذه النظرية


لقد
برزت عدة نقاط ضعف في هذه النظرية سواء من ناحية الصعوبة التي يتلقاها القاضي
المعروض عليه النزاع أو من ناحية النتائج التي يتم التوصل إليها(1) نبين ذلك فيما
يلي:


ü
نظرا للصعوبة الكبيرة في تطبيق
هذه النظرية خاصة من الناحية العملية ، إذ أنه من العسير على القاضي المطلوب منه
تكييف مسألة معينة أن يرجع إلى قوانين دول مختلفة من أجل أن يستمد منها الوصف
القانوني الملائم.


ü
إنه من الصعب على القاضي أن
يتخلى عن تكوينه الثقافي و النفسي المتأثر بالقانون الوطني و خاصة الظروف
الاجتماعية المحيطة به.


ü
اختلاف النظم القانونية حول
الوصف القانوني قد يؤدي بالقاضي إلى نتائج متضاربة، و في كثير من الأحيان لن يجد
ما يساعده في مجال الدراسات الفقهية للقانون المقارن، خاصة و أن هذه الأخيرة
لازالت في مرحلة العموميات و هذا ما لا يسمح للقاضي بأن يتقصى منها حلا واضحا
للمسألة المعروضة عليه.(2)و هذا لأن قواعد القانون المقارن لم تتبلور بعد و لم يتم
توحيد الأوصاف القانونية فيها، و يحتاج ذلك إلى دراسات و بحوث و مستويات عالية.(3)
































ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(1):د عكاشة محمد عبد
العال-المرجع السابق-ص135


(2):د صلاح الدين جمال
الدين-المرجع السابق(الجنسية و تنازع القوانين)-ص290


(3):د غالب علي الداودي-د محمد
حسن الهداوي-المرجع السابق-ص71





الصفحة:17


المطلب
الثـانـي:موقف التشريعات من مسألة
التكييف


إن
نظرية التكييف لقانون القاضي أو قانون المحكمة كانت مقبولة في معظم دول العالم(1)
و من خلال هذا المطلب سنتطرق لموقف القوانين المقارنة(فرع1) ثم موقف المشرع
الجزائري(فرع2).


الفرع الأول:موقف القوانين
المقارنة من مسألة التكييف


لقد
أخذت معظم التشريعات العربية و الأجنبية بنظرية بارتان في التكييف، أي التكييف
وفقا لقانون القاضي بحيث وردت نصوص صريحة بهذا الشأن(2)


إذ
أنه نصت المواد التالية:م 11مدني أردني،م17 مدني عراقي،م15 مدني إيطالي،م15 مدني
برتغالي... و غيرها من المواد على أن القانون الوطني هو المرجع في تكييف العلاقات
عندما يطلب تحديد نوع هذه العلاقات في قضية تتنازع القوانين لمعرفة القانون الواجب
التطبيق من بينها.(3) و من أجل التعرف أكثر على ذلك سنتطرق بشيء من التفصيل إلى
بعض القوانين المقارنة.


أولا:التكييف في القانون المصري


من
خلال م 10 من القانون المدني المصري نجد أن المشرع المصري قد أخذ بمذهب بارتان حيث
تنص المادة:"القانون المصري هو المرجع في تكييف العلاقات عندما يطلب تحديد
نوع هذه العلاقات في قضية تتنازع فيها القوانين لمعرفة القانون الواجب تطبيقه من
بينها"


باستقراء
هذه المادة يتبين أن المشرع المصري قد ميز بين التكييف الأولي و التكييف الثانوي،
إذ أن النص كان صريحا في ذلك من قوله"عندما يطلب تحديد نوع العلاقة لمعرفة
القانون الواجب التطبيق" و هذا ما يمكن أن نؤوله إلى أن المرجع في التكييف
الأولي هو القانون المصري(قانون القاضي)، إضافة إلى ذلك فإن المادة قد أشارت إلى
أن مهمة القانون المصري تنتهي في التكييف أي بتحديد القانون الواجب التطبيق، ليرجع
القاضي بعد ذلك إلى القانون المختص و يطبقه في مسائل التكييفات الثانوية بمناسبة
تطبيقه للقانون المختص.(*)


و فيما يخص الاستثناء الذي يتعلق بتكييف المال
فقد نصت م 10/2 من مشروع القانون المدني
المصري على:"القانون الذي يعين ما إذا كان الشيء عقارا أو منقولا هو قانون
الجهة التي يوجد فيها هذا الشيء" غير أن هذه الفقرة حذفت من المشروع و
التعليل الذي جاء بهذا الشأن هو أن مسألة تكييف المال مسألة تفصيلية يستحسن أن
تترك للإجتهاد.(4)


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(1):د ممدوح عبد الكريم-المرجع
السابق-ص46


(2):د عبده جميل غصوب-المرجع
السابق-ص57


(3):د ممدوح عبد الكرم-نفس
المرجع و الصفحة


(4):د محمد كمال فهمي-أصول
القانون الدولي الخاص- مؤسسة الثقافة الجامعية-الاسكندرية-مصر-ط1-س2006-ص406-407


(*):إحالة لأهمية التمييز بين
التكييف الأولي و التكييف الثانوي-ص13 من بحثنا


الصفحة:18


ثــانـيا: التكييف في القانون اللبناني


على
عكس القانون المصري لا يوجد نص صريح في القانون اللبناني يخضع التكييف لقانون
القاضي(1) و من أجل معرفة الحل المعمول به في لبنان لابد أن نتطرق إلى موقف الفقه
ثم موقف القضاء.(2)


Ø
موقف الفقه: عدم وجود نص صريح
في القانون اللبناني حول القانون الذي يخضع له التكييف ، أفسح المجال للآراء
الفقهية على أن غالبية الفقه أخذت بنظرية
بارتان التي تخضع التكييف لقانون القاضي(3)


موقف
القضاء: إن القرارات القضائية اللبنانية تشير في مجملها إلى أن القضاء اللبناني قد
أخضع التكييف لقانون القاضي، و خير دليل على ذلك القضية المتعلقة بزواج لبناني من
أمريكية في ولاية نيويورك، و على إثر خلاف بينهما اتفقا خطيا على الانفصال أو
الهجر، بعد عامين عاد الزوج إلى لبنان و رفع دعوى الطلاق أمام محكمة بيروت ، و
طبقا لقانون الأحوال الشخصية لولاية نيويورك أصدرت المحكمة حكما غيابيا في حق
الزوجة بالطلاق كون أن القانون السالف الذكر يجيز الطلاق متى انقضت سنتين على
الاتفاق الخطي على الهجر.(4)غير أن الزوجة اعترضت على هذا الحكم على أساس أن
المحكمة لم تحترم ما ورد في قانون نيويورك من أنه يجب إجراء المصالحة بين الزوجين
قبل السير في دعوى الطلاق، إضافة على إلزام المدعي بأن يضع إنذارا في مكتب
المصالحة قبل 10 أيام من إقامة الدعوى.
ردا على اعتراض الزوجة قضت المحكمة بأن تلك المصالحة تعهد لجهاز خاص هو مكتب
المصالحة و هو غير موجود في لبنان، و لذا لم يكن من الممكن إجراء هذه المصالحة، استأنفت
الزوجة الحكم فقررت محكمة الاستئناف بعد
قبولها الدعوى شكلا من حيث الموضوع فسخ الحكم المستأنف و إجراء المصالحة بواسطة
رئيس محكمة الاستئناف بدلا من مكتب المصالحة.(5)


من
خلال الإجراءات السالفة الذكر و الأحكام الصادرة عن المحكمة الابتدائية و محكمة
الاستئناف يظهر أنه كان هناك بحث ضمني عن مسألة التكييف من خلال البحث عن مدى قدرة
القاضي اللبناني على إجراء المصالحة عن طريق أجهزة خاصة غير المكتب الموجود في
نيويورك بسبب عدم وجود هذا المكتب في لبنان و هو بصدد تطبيق قانون نيويورك على
دعوى الطلاق؟ في إطار الإجابة على هذا السؤال سارت المحكمتين على نفس الرأي و هو
أن " محاولة المصالحة تطرح مسألة تصنيف أولي يخضع لقانون القاضي و هذا ما
يبين جليا أن القضاء اللبناني أخذ بنظرية بارتان"(6)


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(1): د عبده جميل غصوب-المرجع السابق-ص57


(2):د عكاشة محمد عبد
العال-المرجع السابق-ص139


(3): د عبده جميل غصوب-نفس
المرجع و الصفحة


(4): د عكاشة محمد عبد
العال-المرجع السابق-ص145


(5): د عكاشة محمد عبد
العال-المرجع السابق-ص146


(6): د عكاشة محمد عبد
العال-المرجع السابق-ص147


الصفحة:19


الفرع
الثــانــي: موقف المشرع الجزائري


إن
القضاء الفرنسي كان سباقا لإخضاع التكييف لقانون القاضي، ثم قام الفقيه الفرنسي
بارتان بوضع نظرية التكييف


أما
المشرع الجزائري فقد أخذ بالقضاء الفرنسي مكرسا القرار المبدئي الصادر في قضية
زواج اليوناني(*)(1)


تناول
المشرع الجزائري التكييف في المادة 9 من القانون المدني الجزائري:


أول
ملاحظة تجدر الإشارة إليها أن هناك اختلاف بين النصين العربي و الفرنسي للمادة
المذكورة، حيث وردت في النص الفرنسي عبارة(pour qualifier la catégorie) أي
تكييف الفئة و هذا غير صحيح لأن التكييف يتعلق بالعلاقات المطلوب تحديد نوعها كما
جاء في النص العربي.


كما أن النص الفرنسي اشتمل على عبارة(objet du litige) بينما هذه الأخيرة غير موجودة في
النص العربي، أي أنه ليس هناك تطابق تام بين النصين.(2)


جاء في م9:"يكون القانون
الجزائري هو المرجع في تكييف العلاقات المطلوب تحديد نوعها عند تنازع القوانين
لمعرفة القانون الواجب تطبيقه"


يتضح من نص المادة أن المشرع
الجزائري أخضع التكييف لقانون القاضي، و يكون بذلك قد تبنى رأي القضاء الفرنسي و
الفقيه بارتان في التكييف.


يلاحظ أن هذه المادة قد قصرت
التكييف وفقا لقانون القاضي على التكييف الأولي الذي غرضه"معرفة القانون
الواجب تطبيقه" و استبعدت التكييفات اللاحقة لأن لا علاقة لها بالاختصاص
التشريعي و تدخل في إطار تطبيق القانون الأجنبي المختص، و بذلك يكون المشرع
الجزائري قد أخذ بالتمييز الذي قال به بارتان بين التكييف ألولي و التكييف الثانوي،
فالأول دون الثاني هو الذي يخضع لقانون القاضي.(3)


و نلاحظ أن م 9 أخذت بالقاعدة
العامة لنظرية بارتان أي قانون القاضي، لكن هذا يدفعنا للتساؤل ، هل أخذ المشرع فقط بالقاعدة العامة دون
الاستثناء؟ للإجابة على هذا التساؤل لابد من الرجوع للمواد 17-21 من القانون
المدني الجزائري.


المادة 17: "يخضع تكييف المال سواء كان عقارا أو منقولا
لقانون الدولة التي يوجد فيها. يسري على الحيازة و الملكية و الحقوق العينية
الأخرى قانون موقع العقار، و يسري على المنقول المادي قانون الجهة التي يوجد فيها
وقت تحقق السبب الذي ترتب عليه كسب الحيازة أو الملكية أو الحقوق العينية الأخرى
أو فقدها"


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(1):د عليوش قربوع كمال-المرجع السابق-ص95


(2):- عليوش قربوع كمال-المرجع السابق-ص100


(3):د أعراب بلقاسم-المرجع السابق-ص94


(*): إحالة إلى زواج اليوناني-ص10 من بحثناد


الصفحة:20


إذن فهذه المادة نصت صراحة
على أن الأموال تخضع في تكييفها إلى منقول أو عقار لقانون المكان الذي يوجد فيه
المال و لا يخضع لقانون القاضي المعروض أمامه النزاع، أما فيما يخص المنقولات
فإنها تخضع لقانون البلد الذي توجد به وقت تحقيق السبب ،و يقول الأستاذ إسعاد
موحند في هذا الصدد" إذا لم يكن المال موجودا فعليا ضمن الإقليم الجزائري، نظرا
لوجوده ضمن إقليم أجنبي تحت ولاية قانون يكيفه بصفته عقارا، أي أن التكييف بصفته
منقول أو عقار يعتبر حينئذ تكييفا ثانويا و لا يعود إلى قانون القاضي و إنما إلى
القانون المختص بحكم العلاقة(1)


و يجد هذا الاستثناء مبرراته
في أن كل دولة تهدف إلى حماية ثروتها، و خصوصا العقارية، فالمسألة إذن تتعلق
بالنظام العام، ثم إن تطبيق قانون موقع المال يكون أصلح و أدق للتمييز بين ما هو
منقول و ما هو عقار(2)


المادة 21:" لا تسري أحكام المواد السابقة إلا حيث لا يوجد نص
على خلاف ذلك، في قانون خاص أو معاهدة دولية نافذة في الجزائر"


و بالتالي فالمادة 9 توجد ضمن
المواد التي أشارت إليها المادة 21


يستخلص من المادة أنه إذا نصت معاهدة دولية على
القانون الذي يحكم التكييف في أحكامها، فعلى القاضي أن يجري التكييف وفقا لهذه
الأحكام، أما إذا لم تنص المعاهدة على ذلك فهناك رأيان:


الرأي الأول يقول بالتكييف
وفقا لقانون القاضي لأن المعاهدة تدمج في النظام القانوني الداخلي للقاضي و
بالتالي يكون التكييف وفقا لقانونه.(3)


الرأي الثاني يقول بالتكييف
وفقا للإرادة المشتركة للأطراف المتعاقدة ، إن الاختلاف في التكييف يؤدي إلى تعطيل
المعاهدة و التحلل منها.(4)


و تجدر الملاحظة أن هناك من لا يعتبر المعاهدة
استثناء أمثال الدكتور علي علي سليمان.(5)


إضافة للمادتين السابقتين
الفقهاء و الكتاب يدرجون استثناء ثالث هو الجريمة أو تكييف التصرف هل هو جناية أو
جنحة، فيخضع هذا التكييف لقانون مكان وقوع الفعل.(6)


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(1):د عليوش قربوع كمال-المرجع السابق-ص107


(2):د علي علي سليمان-المرجع السابق-ص44


(3):د عليوش قربوع كمال-نفس المرجع و الصفحة


(4):د عليوش قربوع كمال-المرجع السابق-ص108


(5): د علي علي سليمان-نفس المرجع و الصفحة


(6):د عليوش قربوع كمال- نفس المرجع و الصفحة





الصفحة:21


و كذلك الأمر بالنسبة لتحديد
ما إذا كان الفعل يشكل جريمة أم لا، و مبرر هذا الاستثناء أنه مما تقتضيه العدالة
إلى جانب أنه يتعلق أيضا بالنظام العام.(1)


لكن في هذا الاستثناء الأخير
نلاحظ جليا أنه يدخل في نطاق القانون العام و بالأخص الجنائي الذي يخضع لمبدأ
الإقليمية.


و في الأخير الملاحظ أن هذه
الاستثناءات تكون في الحالات التي لا تتطلب فيها المسألة تحديد القانون الواجب
التطبيق ما دام القانون الواجب التطبيق معروف مسبقا.(2)


















































ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(1):د علي علي سليمان-المرجع
السابق-ص44


(2):د عليوش قربوع كمال-المرجع
السابق-ص108





الصفحة : 22


خــــــــاتـــــمـة:


خلاصة
قولنا في التكييف أنه ضرورة أولية لا يمكن الوصول إلى تطبيق قاعدة الإسناد للتعرف
على القانون المختص بحل النزاع دون المرور بها(التكييف) لتحديد الوصف القانوني
للواقعة محل النزاع للتمكن فيما بعد من إدراجها ضمن طائفة محددة من التصرفات التي
تحكمها قاعدة إسناد خاصة،تشير غلى القاضي الواجب التطبيق أو الذي يعود له الاختصاص
لحكم النزاع،و قد عرفنا أن قانون القاضي هو الذي يحكم التكييف كقاعدة عامة، مع
وجود بعض الاستثناءات عليها كما رأينا. إذن فبمجرد انتهاء القاضي من التكييف يكون
قد تجاوز مشكلة أو عائقا كان يقف في طريق وصوله إلى حل للنزاع المعروض عليه. لكن
هل التكييف هو آخر مشكلة قد تعيق القاضي؟ أما من مشاكل أخرى قد تقف في طريقه؟


الواقع
أن إيجاد حل لمشكلة التكييف ما هو إلا إزالة حجر من طريق القاضي المؤدي إلى حل
النزاع و هناك عوائق أخرى لابد من إزالتها.


إذا
انتهى القاضي من عملية التكييف و عين بإشارة من قاعدة الإسناد في قانونه الوطني
القانون الواجب التطبيق على العلاقة القانونية ذات العنصر الأجنبي المعروضة عليه ،
لا ينتهي الأمر بل تثور مشكلة أخرى، و هي أن القانون الأجنبي الذي يتقرر تطبيقه
بإشارة من قاعدة الإسناد الوطنية، في قانون القاضي تحتوي على أحكام داخلية موضوعية
تحسم النزاع مباشرة لو طبقت، و أحكام أخرى متعلقة بالقانون الدولي الخاص(قواعد
الإسناد) قد تحيل حل النزاع إلى قانون آخر لو طبقت، فأية واحدة منهما ستطبق؟ هل
الأحكام الموضوعية الداخلية و يحسم النزاع؟ أم الأحكام المتعلقة بالقانون الدولي
الخاص، و عندئذ لا تقبل هذه الأحكام الاختصاص لقانون دولتها، بل تحيله إلى قانون
آخر قد يكون هو قانون القاضي نفسه أو قانون دولة أخرى(1)


فهنا
يقع نزاع بين قواعد الإسناد لدولتين مختلفتين قد يأخذ إحدى الصورتين:إما تنازعا
إيجابيا حيث يقضي كل قانون باختصاصه و في هذه الحالة لا يثور إشكال بل يطبق كل
قاضي قواعد الإسناد الموجودة في قانون
دولته لأن مهمة القاضي هي تطبيق قانون دولته،أما الصورة الثانية فهي التنازع
السلبي أين يرى كل قانون عدم اختصاصه و يسند الاختصاص للقانون الأجنبي.(2) و هنا
يثور المشكل الذي يدفعنا إلى بحث (الإحالة في القانون الدولي الخاص( التي أصبحت من
أهم موضوعات هذا القانون منذ عام 1875 و أثارت مناقشات طويلة بين فقهاء القانون
الذين انقسموا إلى خصوم و أنصار.(3) فما المقصود بالإحالة ؟و كيف نشأت؟و ما هو
نطاقها؟ و ما هي أنواعها؟ و ما هي آراء الفقه و القضاء و التشريع فيها؟


هذه
الأسئلة و غيرها ستكون موضوع البحث المقبل إنشاء الله








ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(1):د غالب علي الداودي-د محمد
حسن الهداوي-المرجع السابق-ص76


(2):دأعراب بلقاسم-المرجع
السابق-ص96


(3): د غالب علي الداودي-د محمد
حسن الهداوي-نفس المرجع و الصفحة


الصفحة:23



قـــــــــــــــــــــائــــــــــــــــــمة المراجع


المراجع بالغة
الفرنسية:


v Marie Christine
–Droit international privé-garaud-édition 2-2008


المراجع باللغة العربية:


v
د أعراب بلقاسم-القانون الدولي
الخاص الجزائري-ج1-تنازع القوانين-دار هومه-الجزائر-ط2003


v
د أحمد عبد الكيم سلامة-القانون
الدولي الخاص-دار النهضة العربية-القاهرة –مصر-ط1-س2008


v
د دنوني هجيرة بن الشيخ الحسين- النظرية العامة
للقانون و النظرية العامة للحق-الجزائر


v
د هشام صادق علي-د حفيظة السيد
الحداد-القانون الدولي الخاص-دار الفكر الجامعي-الاسكندرية-مصر-س1990


v
د زروتي الطيب-القانون الدولي
الخاص الجزائري مقارنا بالقوانين العربية-ج1 تنازع القوانين-مطبعة
الكاهنة-الجزائر-ط1-س2000


v
د زروتي الطيب-القانون الدولي
الخاص الجزائري-ج1 تنازع القوانين(في ضوء قانون 05-10)دراسة مقارنة بالقوانين
العربية و القانون الفرنسي-مطبعة الفسيلة-الدويرة-الجزائر-ط2-س2008


v
د حفيظة السيد الحداد-الموجز في
القانون الدولي الخاص-الكتاب الأول-المبادئ العامة في تنازع القوانين-منشورات
الحلبي الحقوقية-بيروت-لبنان-ط1-س2004


v
د ممدوح عبد الكريم-القانون
الدولي الخاص(تنازع القوانين-الاختصاص القضائي الدولي-تنفيذ الأحكام الأجنبية)-دار
الثقافة للنشر و التوزيع-عمان –الأردن-ط2005


v
د محمد كمال فهمي-أصول القانون
الدولي الخاص-مؤسسة الثقافة الجامعية-الاسكندرية-مصر-ط1-س2006


v
د سعيد يوسف البستاني-القانون
الدولي الخاص-منشورات الحلبي الحقوقية-بيروت-لبنان-ط1-س2004


v
د علي علي سليمان-مذكرات في
القانون الدولي الخاص الجزائري-ديوان المطبوعات الجامعية-الجزائر-ط2-س2003


v
د عكاشة محمد عبد العال-تنازع
القوانين دراسة مقارنة-منشورات الحلبي الحقوقية-بيروت-لبنان-ط1-س2004


v
د عليوش قربوع كمال-القانون
الدولي الخاص الجزائري-ج1تنازع القوانين-دار هومه-الجزائر-ط2-س2007


v
د عبده جميل غصوب-محاضرات في
القانون الدولي الخاص-منشورات زين الحقوقية-بيروت-لبنان-ط2-س2009


v
د صلاح الدين جمال الدين-تنازع
القوانين دراسة مقارنة بين الشريعة و القانون-دار الفكر
الجامعي-الاسكندرية-مصر-ط2-س2007





الصفحة:24


v
د صلاح الدين جمال
الدين-القانون الدولي الخاص(الجنسية و تنازع القوانين)دراسة مقارنة-دار الفكر
الجامعي-الاسكندرية-مصر-ط1-س2008


v
د غالب علي الداودي-د محمد حسن
الهداوي-القانون الدولي الخاص-ج1 تنازع القوانين-عمان-الأردن


مـــواقــــع الإنـــتـــرنـــت:


v

http://www.droit.alafdal.net

v
http://www.droit.dz.com


v
http://www.barasy.com


v
[url=http://www.juriste-en-herbe/][b][font=&
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
معاينة صفحة البيانات الشخصي للعضو
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
موقف الفقه و التشريع من التكييف
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» موقف الفقه و التشريع من التكييف الدولي الخاص السنة الرابعة حقوق
» موقف الاسلام من العنف الأسري
» الشركة في الفقه الإسلامي طلبة البكالوريا
» بحث حول التكييف السنة الرابعة حقوق الدولي الخاص

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابو الحسن التعليمية :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول-
انتقل الى: