محكمة العدل الدولية ومجلس الوصاية
محكمة العدل الدولية ومجلس الوصاية
أولاً: محكمة العدل الدولية:
1. تشكيل محكمة العدل الدولية:
تُعد محكمة العدل، ومقرها هاج (The Hague) بهولندا (اُنظر صورة محكمة العدل الدولية) و(اُنظر صورة مقر محكمة العدل الدولية)، الجهاز القضائي للمنظمة الدولية، وأحد أهم الأجهزة الرئيسية فيها. وتبرز أهميتها في أنها الأداة القضائية الرئيسية للأمم المتحدة، وذلك ما نصت عليه المادة (92) "ويُعد أعضاء "الأمم المتحدة"، بحكم عضويتهم في الهيئة، أطرافاً رئيسية في النظام الأساسي للمحكمة، ويجوز للدول غير الأعضاء في الأمم المتحدة الانضمام إلى محكمة العدل الدولية طبقا للشروط التي تحددها الجمعية العامة، وطبقاً لظروف كل حالة على حدة، وبناءً على توصية مجلس الأمن. كما يجب على كل عضو من أعضاء الأمم المتحدة أن يقبل، وينفذ حكم محكمة العدل الدولية في أي قضية يكون طرفاً فيها، طبقاً للمادتين (93 و94) من الميثاق.
2. عضوية محكمة العدل:
تتشكل هيئة المحكمة من 15 قاضياً مستقلاً. وتقوم الجمعية العامة بانتخابهم من بين الأشخاص المتمتعين بأخلاق حميدة، والحائزين على درجات أكاديمية في القانون، تؤهلهم للتعيين في أعلى المناصب القضائية، أو من بين المشرعين ورجال القانون المشهود لهم بالكفاءة في القانون الدولي. ويكون اختيار القضاة بغض النظر عن جنسياتهم. ولا يجوز أن يكون ثمة أكثر من قاضٍ واحد، من دولة واحدة، أعضاء في المحكمة في وقت واحد، وفقاً للمادة (3) الفقرة (1) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية (اُنظر ملحق النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية).
ويُنتخب أعضاء المحكمة من قِبَل كل من الجمعية العامة، ومجلس الأمن، كل على حدة، وذلك من بين قائمة تضم أسماء المرشحين من الشُعب الأهلية في محكمة التحكيم الدائمة.
وللبدء في اختيار قاضٍ لمحكمة العدل، ينبغي على الأمين العام، قبل ثلاثة أشهر من موعد الانتخاب، أن يتقدم بطلب كتابي إلى الدول الأعضاء في المحكمة، وإلى أعضاء الشُعَب الأهلية، يدعوهم إلى ترشيح عدد من رجال القانون المؤهلين، ليكونوا قضاة في المحكمة، ويستطيعوا تحمل أعباء عضوية المحكمة، طبقاً للمادة (5) الفقرة (1) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، ثم ترفع هذه القائمة إلى الجمعية العامة، ومجلس الأمن.
ويقوم كل من: الجمعية العامة، ومجلس الأمن، بانتخاب أعضاء المحكمة من الأشخاص الذين وردت أسماؤهم في هذه القائمة، بنظام الأغلبية المطلقة. كما يقضي نظام المحكمة بعدم التفريق بين أصوات الدول؛ الدائمة، وغير الدائمة، عند التصويت. وتقدر مدة العضوية في محكمة العدل الدولية بتسع سنوات، ويجوز التجديد بالانتخاب. وضماناً لعدم تغيير القضاة دفعة واحدة، يُقترع على إنهاء ولاية خمسة قضاة بعد ثلاث سنوات من انتخابهم، ثم إنهاء خمسة قضاة آخرين بعد ست سنوات، وفقاً للمادة (13) الفقرتين (1 و2) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية.
وتنص المادة (9) من النظام الأساسي، على أنه يراعى، في الاختيار، أن يكون ممثلاً للمدنيات الكبرى، والنظم القانونية الرئيسية في العالم، فضلاً عن أن يضم في داخله التمثيل الجغرافي للدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بحيث "ينبغي أن يكون تأليف الهيئة في جملتها كفيلاً بتمثيل المدنيات الكبرى، والنظم القانونية الرئيسية في العالم"، وتتمثل في: النظام الأنجلو-سكسوني، والنظام اللاتيني، والشريعة الإسلامية، والنظام الاشتراكي، ونظام أمريكا اللاتينية وآسيا.
ولا يجوز لقضاة محكمة العدل الدولية شغل أي مناصب إدارية، أو سياسية، أو أي وظائف عامة في بلدانهم. كما أنه لا يجوز لهم الاشتراك في فصل أي قضية سبق لهم القيام بدور في إجراءاتها، قبل انتخابهم قضاة في محكمة العدل الدولية.
3. المتقاضون أمام المحكمة:
وفقاً للنظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، فإن للدول وحدها الحق في أن تتقاضى أمام المحكمة، ويُعد جميع الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة أطرافاً في النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية بحكم عضويتهم في الهيئة. إلا أنه وفقاً للمادة (93) الفقرة (2) من الميثاق "يجوز لدولة ليست من الأمم المتحدة أن تنضم إلى النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، بشروط تحددها الجمعية العامة لكل حالة بناءً على توصية مجلس الأمن". كما أن الدول، التي لا تتمتع بعضوية الأمم المتحدة، ولا تشترك في النظام الأساسي للمحكمة، يجوز لها أن تتقاضى أمام المحكمة، وفقاً للشروط التي يحددها مجلس الأمن. أما الأفراد، فلا يجوز لهم المثول أمام محكمة العدل الدولية، وتتم حماية مصالح هؤلاء الأفراد وفقاً لقواعد الحماية الدبلوماسية.
4. التسوية القضائية:
تتميز التسوية القضائية لأي نزاع دولي بإلزامية الحلول، التي يُتوصل إليها، من خلال جهاز متخصص ومستقل عن الأطراف المتنازعة، عن طريق التحكيم والقضاء. وبناءً على هذا، فإن التسوية القضائية تختلف عن الإجراءات الدبلوماسية لحل النزاعات والتي تتراوح من مفاوضات إلى مساعٍ حميدة ووساطة، أو إنشاء أجهزة خاصة للتحقيق والتوفيق. وتتميز التسوية القضائية للنزاعات بنفاذية قراراتها وحلولها، وإلزامياتها لجميع الأطراف المتنازعة. ذلك بأنها تصدر عن جهاز مستقل. كذلك تتضمن التسوية القضائية إجراء مداولات ومناقشات على أساس قانوني لتأكيد العدالة بين الأطراف المتنازعة، وضمان الحصول على الحقوق محل النزاع. وتُعد محكمة العدل هي الجهة القضائية الدولية الرئيسية، وإن كان هذا لا يمنع من وجود قضاء نوعي أو إقليمي.
5. اختصاصات محكمة العدل الدولية:
نصت المادة (36) الفقرة (1) من النظام الأسـاسي لمحكمة العدل الدولية على أن "تشمل ولاية المحكمة جميع القضايا التي يعرضها عليها المتقاضون، كما تشمل جميع المسائل المنصوص عليها بصفة خاصة في ميثاق "الأمم المتحــدة"، أو في المعاهدات والاتفاقات المعمول بها"، وعلى هذا يشمل اختصاص المحكمة -وفقاً لهذا النص- جميع القضايا التي يعرضها عليها المتقاضون، أو جميع المسائل المنصوص عليها في الميثاق أو المعاهدات والاتفاقيات. وهناك نوعان من الاختصاصات:
أ. الولاية الاختيارية للمحكمة:
وتكون وفقاً للنظام الأساسي الذي يشير إلى أن انعقاد ولاية المحكمة يتوقف على رضاء جميع المتنازعين بعرض هذا النزاع على المحكمة للفصل فيه. فإذا عُدِمَ هذا التراضي فلا يحق عرض هذا النزاع على المحكمة.
ب. الولاية الإلزامية للمحكمة:
وهي تكون في حالة من الحالات الآتية:
(1) وجود اتفاقيات عامة بين الطرفين محل النزاع، وتتطلب تحديداً أو تفسيراً، الأمر الذي يقتضي عرضها على محكمة العدل الدولية لإبداء الرأي.
(2) قبول الولاية الإلزامية من قِبَل الأطراف المعنية لمحكمة العدل الدولية، وذلك وفقاً للنظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية الذي يعطي للدول الأعضاء الحق بإقرار المحكمة على ولايتها الجبرية في نظر جميع المنازعات القانونية التي تنشأ بينها، وبين دولة تقبل الالتزام نفسه في المسائل القانونية. وتتضمن هذه المسائل تفسير المعاهدات، أو التحقيق في واقعة من وقائع الخرق للالتزام الدولي، أو قضايا التعويضات المترتبة على وقائع الخرق.
ويجب ملاحظة أنه سواءً أكانت الولاية اختيارية أم إلزامية، فإنها تعتمد في كلتا الحالتين على قبول الدول التقاضي أمام المحكمة.
6. حكم محكمة العدل الدولية:
تفصل محكمة العدل الدوليـة في القضايا التي تُرفع إليها وفقاً لأحكام القانون الدولي، ويتم هذا بتطبيق المادة (38) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية التي تنص على أن:
"1 - وظيفة المحكمة أن تفصل في المنازعات التي ترفع إليها وفقاً لأحكام القانون الدولي، وهي تطبق في هذا الشأن:
أ. الاتفاقات الدولية العامة والخاصة التي تضع قواعد معترفاً بها صراحة من جانب الدول المتنازعة.
ب. العادات الدولية المرعية المعتبرة بمثابة قانون دل عليه تواتر الاستعمال.
ج. مبادئ القانون العامة التي أقرتها الأمم المتمدنة.
د. أحكام المحاكم، ومذاهب كبار المؤلفين في القانون العام في مختلف الأمم. ويعد هذا أو ذاك مصدراً احتياطياً لقواعد القانون. وذلك مع مراعاة أحكام المادة (59).
2- لا يترتب على النص المتقدم ذكره أي إخلال بما للمحكمة من سلطة الفصل في القضية وفقاً لمبادئ العدل والإنصاف، متى وافق أطراف الدعوى على ذلك".
ولا تبدأ المحكمة في الفصل في القضايا حتى ترفع هذه القضايا إليها بمقتضى الاتفاق بين الأطراف المتنازعة، أو بمقتضى طلب كتابي من هذه الأطراف طبقاً لنص المادة (40) من النظام الأساسي التي تنص على:
"1- ترفع القضايا إلى المحكمة بحسب الأحوال، إما بإعلان الاتفاق الخاص، وإما بطلب كتابي يرسل إلى المسجل. وفي كلتا الحالتين يجب تعيين موضوع النزاع، وبيان المتنازعين.
2- يعلن المسجل هذا الطلب فوراً إلى ذوي الشأن.
3- ويخطر به أيضاً أعضاء "الأمم المتحدة" على يد الأمين العام، كما تخطر به أية دولة أخرى لها وجه في الحضور أمام المحكمة".
ويجب ملاحظة أنه برفع القضايا إلى المحكمة وانعقاد ولاية المحكمة لا يصبح لإرادة الأطراف المذكورة أي دور في إجراءات المحكمة، وللمحكمة الحق في اتخاذ تدابير مؤقتة لحفظ حق الأطراف حتى يُفصَل في النزاع، على نحو ما نصت عليه المادة (41) من النظام الأساسي بقولها:
"1 - للمحكمة أن تقرر التدابير المؤقتة التي يجب اتخاذها لحفظ حق كل من الأطراف، وذلك متى رأت أن الظروف تقضي بذلك.
2 - إلى أن يصدر الحكم النهائي تبلغ فوراً أطراف الدعوى ومجلس الأمن نبأ التدابير التي يرى اتخاذها".
كما يجوز أن تطلب إحدى الدول المشاركة التدخل، إذا رأت أن لها صفة قانونية يمكن أن تؤثر في الحكم في القضية، ويقدم هذا الطلب إلى المحكمة التي تبت في هذا الطـلب، وتصدر قراراً بما يتراءى لها، طبقاً للمادة (62) من النظام الأساسي التي نصت على:
"1 - إذا رأت إحدى الدول أن لها مصلحة ذات صفة قانونية يؤثر فيها الحكم في القضية جاز لها أن تقدم إلى المحكمة طلباً.
2 - والبت في هذا المطلب يرجع الأمر فيه إلى المحكمة".
وبعد إتمام الإجراءات تصدر المحكمة الحكم بأغلبية القضاة الحاضرين، أما إذا تساوت أصوات القضاة، فإن جانب الرئيس، أو من يقوم مقامه، يَرجَح الجانبَ الآخرَ، طبقاً للمادة (55) من النظام الأساسي. ويجب أن يلحق بالحكم الأسباب التي بُني عليها وأسماء القضاة الذين اشتركوا في إصدار هذا الحكم وفقاً للمادة (56) من النظام الأساسي. وإذا لم يكن حكم المحكمة صادراً بإجماع القضاة، فمن حق كل قاض اشترك في القضاء أن يصدر بياناً يتضمن رأيه الخاص، وقد يكون هذا الرأي موافقاً أو معارضاً للحكم النهائي، وذلك طبقاً للمادة (57) من النظام الأساسي.
7. تنفيذ حكم محكمة العدل الدولية:
تُعد أحكام محكمة العدل الدولية نهائية، وغير قابلة للاستئناف، وتسري على جميع أطــراف النـزاع، كما ورد في المادتين (59، 60) من النظام الأساسي، ويسـتثنى من هذا ما نصـت عليه المادة (61) الفقرتان (1 و2) من النظام الأساسي في شأن إعادة النظر في الأحكام الصادرة من قبل محكمة العدل الدولية، وجاء فيها:
"1- لا يقبل التماس إعادة النظر في الحكم، إلا بسبب يكشف واقعة حاسمة في الدعوى، كأن يجهلها ـ عند صدور الحكم ـ كل من المحكمة والطرف الذي يلتمس إعادة النظر، على ألا يكون جهل الطرف المذكور لهذه الواقعة ناشئاً عن إهمال منه.
2- إجراءات إعادة النظر تفتتح بحكم من المحكمة تثبت فيه صراحة وجود الواقعة الجديدة، وتستظهر فيه صفاتها التي تبرز إعادة النظر، وتعلن به أن الالتماس بناءً على ذلك جائز القبول".
ويكون ذلك قبل السير في إجراءات إعادة النظر، كما دلت المادة (61) الفقرة (3) من النظام الأساسي.
ومن الشروط الواجب توفرها في التماس إعادة النظر، أن يقدم خلال ستة أشهر من تكشف الواقعة الجديدة التي تؤثر في الحكم، على أن يكون إعادة النظر بعد انقضاء عشر سنوات من تاريخ الحكم، كما نصت المادة (61) الفقرتان (4 و5).
ونصت المادة (94) من الميثاق على أن:
"1- يتعهد كل عضو من أعضاء الأمم المتحدة أن ينزل على حكم محكمة العدل الدولية في أية قضية يكون طرفاً فيها.
2- إذا امتنع أحد المتقاضين في قضية ما عن القيام بما يفرضه عليه حكم تصدره المحكمة، فللطرف الآخر أن يلجأ إلى مجلس الأمن، ولهذا إذا رأى أية ضرورة لذلك، أن يقدم توصياته، أو يصدر قراراً بالتدابير التي يجب اتخاذها لتنفيذ الحكم".
ثانياً: مجلس الوصاية Trusteeship Council:
1. تشكيل مجلس الوصاية:
هو أحد أجهزة الأمم المتحدة الرئيسية. ووظيفته الإشراف على تنفيذ نظام الوصاية الدولية. وهو نظام قررته المادة (75) من الميثاق للوصاية الدولية على بعض الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي، التي تضعها الدول التي كانت تقوم بإدارتها، بمقتضى اتفاقات خاصة، تحت إشراف الهيئة. ويُعد هذا النظام، امتداداً لنظام الانتداب الذي وضعته عصبة الأمم، من أجل الإسهام في حل مشاكل بعض الأقاليم غير المستقلة على نحو يحقق الارتقاء بها، فتحصل على الحكم الذاتي أو الاستقلال من ناحية، ويحفظ السلم والأمن الدولييْن من ناحية أخرى.
ويتألف مجلس الوصاية وفقاً للمادة (86) الفقرة (1)، من الميثاق من:
أ. الدول الأعضاء التي تتولى إدارة أقاليم مشمولة بالوصاية، وهي "استراليا، بلجيكا، فرنسا، نيوزيلندا، إنجلترا، الولايات المتحدة الأمريكية، إيطاليا".
ب. الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن التي لا تتولى إدارة أقاليم مشمولة بالوصاية، مثل: الصين، وروسيا الاتحادية.
ج. أعضاء تنتخبهم الجمعية العامة لمدة ثلاث سنوات (قابلة للتجديد). ويراعى في اختيار الأعضاء المنتخبين إيجاد نوع من التوازن بين المصالح المتعارضة داخل المجلس.
وطبقاً للمادة (86) الفقرة (2)، "يُعَيِّن كُلُّ عضو من أعضاء مجلس الوصاية من يراه أهلاً بوجه خاص لتمثيله في هذا المجلس".
وينعقد مجلس الوصاية (اُنظر صورة اجتماع مجلس الوصاية) مرتين كل عام في دورتين عاديتين؛ أولاهما: في شهر يناير، وثانيتهما: في شهر يونيه من كل عام. وقد يجتمع في دورة غير عادية، بناءً على طلب أغلبية أعضائه، أو طلب الجمعية العامة، أو مجلس الأمن، أو المجلس الاقتصادي والاجتماعي، إذا وافق أغلبية أعضاء مجلس الوصاية. ولكل عضو من أعضاء مجلس الوصاية صوت واحد، وتصدر القرارات بالأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين والمشتركين في التصويت.
2. نظام الوصاية:
نصت المادة (75) من الميثاق على أن "تنشئ الأمم المتحدة، تحت إشرافها، نظاماً دولياً للوصاية، وذلك لإدارة الأقاليم التي تخضع لهذا النظام بمقتضى اتفاقات فردية لاحقة وللإشراف عليها. ويطلق على هذه الأقاليم فيما يلي من الأحكام اسم الأقاليم المشمولة بالوصاية".
مع الوضع في الاعتبار أن الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي، ولا ينطبق عليها نظام الوصاية، تخضع لمجموعة من الحقوق والالتزامات، التي تقع على كاهل الدول المنوطة بها إدارتها، طبقا لنص المادة (73)، وفيها: "يقــر أعضاء "الأمم المتحدة" الذين يضطلعون في الحال، أو في الاستقبال بتبعات عن إدارة أقاليم لم تنل شعوبها قسطا كاملا من الحكم الذاتي، بالمبدأ القاضي بأن مصالح أهل هذه الأقاليم لها المقام الأول ويقبلون، أمانة مقدسة في عنقـهم، الالتزام بالعمل على تنمية رفاهية أهل هذه الأقاليم إلى أقصى حد مستطاع في نطاق نظام السلم والأمن الدولييْن الذي رسمه هذا الميثاق ولهذا الغرض:
أ. يكفلون تقدم هذه الشعوب في شؤون السياسة، والاقتصاد، والاجتماع، والتعليم. كما يكفلون معاملتها بإنصاف، وحمايتها من ضروب الإساءة، كل ذلك، مع مراعاة الاحترام الواجب لثقافة هذه الشعوب.
ب. ينمون الحكم الذاتي، ويقدرون الأماني السياسية لهذه الشعوب قدرها، ويعاونوها على إنماء نظمها السياسية الحرة نمواً مطرداً، وفقاً للظروف الخاصة لكل إقليم، وشعوبه، ومراحل تقدمها المختلفة.
ج. يوطدون السلم والأمن الدولييْن.
د. يعززون التدابير الإنشائية للرقي والتقدم، ويشجعون البحوث، ويتعاونون فيما بينهم لتحقيق المقاصد الاجتماعية، والاقتصادية، والعلمية المفصلة في هذه المادة تحقيقاً عملياً، كما يتعاونون أيضا لهذا الغرض مع الهيئات الدولية المتخصصة كلما تراءت لهم ملائمة ذلك.
هـ. يرسلون إلى الأمين العام بانتظـام، يحيطونه علما بالبيانات الإحصائية، وغيرها من البيانات الفنية المتعلقة بأمور الاقتصاد، والاجتماع، والتعليم في الأقاليم التي يكونون مسؤولين عنها، عدا الأقاليم التي ينطبق عليها أحكام الفصلين الثاني عشر، والثالث عشر من هذا الميثاق، كل ذلك مع مراعاة القيود التي تستدعيها الاعتبارات المتعلقة بالأمن، والاعتبارات الدستورية".
وتنص المادة (79) على "شروط الوصاية لكل إقليم يوضع تحت ذلك النظام، وكل تغيير أو تعديل يطرآن عليها، وذلك كله يُتَّفَق عليه برضا الدول التي يعنيها هذا الأمر بالذات ومنها الدول المنتدبة في حالة الأقاليم المشمولة بانتداب أحد أعضاء "الأمم المتحدة".
وطبقاً لنص المادة (81) "يشمل اتفاق الوصاية في كل حالة الشروط التي يدار بمقتضاها الإقليم المشمول بالوصاية، ويعين السلطة التي تباشر إدارة ذلك الإقليم، ويجوز أن تكون هذه السلطة التي يطلق عليها فيما يلي من الأحكام "السلطة القائمة بالإدارة" دولة، أو أكثر، أو هيئة "الأمم المتحدة" ذاتها".
3. أهداف نظام الوصاية:
يهدف نظام الوصاية إلى عدة مبادئ سامية حددتها المادة (76) وهي:
أ. توطيد السلم والأمن الدولييْن.
ب. العمل على ترقية أهالي الأقاليم المشمولة بالوصاية في أمور السياسة، والاجتماع، والاقتصاد، والتعليم، واطراد تقدمها نحو الحكم الذاتي أو الاستقلال، حسبما يلائم الظروف الخاصة لكل إقليم وشعوبه، ويتفق مع رغبات الشعوب التي تعرب عنها بـملء حريتها، وطبقاً لما قد ينص عليه في شروط كل اتفاق من اتفاقات الوصاية.
ج. التشجيع على احترام حقوق الإنسان، والحريات الأساسية للجميع، بلا تمييز بسبب الجنس، أو اللغة، أو الدين، ولا تفريق بين الرجال والنساء، والتشجيع على إدراك ما بين شعوب العالم من تقيد بعضهم بالبعض.
د. كفالة المساواة في المعاملة في الأمور الاجتماعية، والاقتصادية، والتجارية لجميع أعضاء "الأمم المتحدة" وأهاليها، والمساواة بين هؤلاء الأهالي أيضا فيما يتعلق بإجراء القضاء، وذلك مع عدم الإخلال بتحقيق الأغراض المتقدمة، ومع مراعاة أحكام المادة (80).
ومما سبق يتضح أن نظام الوصاية يُعد نظاماً انتقالياً، يهدف إلى الوصول والانتهاء بالاستقلال بشرط توفر الظروف المناسبة لذلك.
4. وظائف مجلس الوصاية واختصاصاته:
أ. النظر في التقارير التي ترفعها السلطة القائمة بالإدارة.
ب. قبول العرائض، وفحصها بالتشاور مع السلطة القائمة بالإدارة.
ج. تنظيم زيارات دورية للأقاليم المشمولة بالوصاية في أوقات يتفق عليها مع السلطة القائمة بالإدارة.
د. وضع اتفاقات الوصاية التي يصادق عليها مجلس الأمن (المناطق الإستراتيجية)، أو الجمعية العامة (المناطق غير الإستراتيجية).
هـ. طرح مجموعة من الأسئلة عن تقدم سكان كل إقليم مشمول بالوصاية في الشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية، والنظر في التقارير السنوية المرفوعة من قبل السلطة القائمة بالإدارة إلى الجمعية، والمحتوية على بيان هذه الأسئلة.
5. الأقاليم المشمولة بالوصاية
يسري نظام الوصاية على الأقاليم التي يوقع بشأنها اتفاق وصاية بين "الأمم المتحدة" والدولة التي تتولى الإدارة، كما نصت المادة (77) من الميثاق، على أن تكون من الأقاليم الآتية:
(أ) الأقاليم التي كانت مشمولة بالانتداب.
(ب) الأقاليم التي تقتطع من دول الأعداء نتيجة الحرب العالمية الثانية.
(ج) الأقاليم التي تضعها تحت الوصاية بمحض اختيارها دولة مسؤولة عن إدارتها.
كما يشمل اتفاق الوصاية، طبقاً للمادة (81) من الميثاق، الشروط التي يدار بمقتضاها الإقليم المشمول بالوصاية، وتعيين السلطة التي تباشر إدارة الإقليم. ويجوز أن تكون هذه السلطة دولة أو أكثر، أو هيئة "الأمم المتحدة" ذاتها. كما أنه لا يشترط في الدولة التي تتولى سلطة إدارة إقليم أن تكون عضواً في "الأمم المتحدة".
وقد استوفيت أهداف نظام الوصاية تماما بواسطة المجلس إلى الحد الذي أصبحت فيه كل الأقاليم التي كانت تحت الوصاية إما مستقلة، وإما متمتعة بالحكم الذاتي. ومن ضمن الدول التي حققت استقلالها وكانت تخضع لنظام الوصاية دولة زيمبابوي[1] التي حققت استقلالها في عام 1980، وناميبيا[2] والتي نالت استقلالها في عام 1990. وفي نوفمبر من عام 1994 أنهى مجلس الأمن معاهدة الوصاية باستقلال آخر المناطق التي كانت تخضع لنظام الوصاية، وهي جزر المحيط الهادي[3]، وكانت تدار من خلال الولايات المتحدة الأمريكية. وباستيفائه لجدول أعماله، يكون مجلس الوصاية قد أدى مهامه. وهو يجتمع حاليا عند الضرورة فقط (اُنظر صورة أحد أقاليم الوصاية).
[1] وكانت تعرف باسم روديسيا.
[2] وكانت تعرف باسم جنوب غرب أفريقيا.
[3] كانت تعرف باسم بالو (Palau).
التوقيع :
إن عز في هذا الربيع لقاؤنا
سنعيش ننتظر الربيع الآتي
أترى يعود لنا الربيع و نلتقي؟
قد نلتقي!!
فاروق جويدة