بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
يا ليت النساء مثل هذه المرأة في حكمتها ..
في أحد الأيام ذهبت إحدى قريباتي إلى ( لقاء الجارات ) ، وهو تجمع يعقد في يوم واحد من كل أسبوع ، يشمل نساء الحي الذي تقطنه ، وكان وقته عصراً ، ويسمونه ( دورية الجيران ) ، و المفروض أن يكون اللقاء على قهوة وشاي فقط ..
أقول المفروض ...
ولكن للأسف .. كان التنافس على أشده بينهنّ على تقديم أفضل ما في السوق من أواني تقديم وصواني ، تحتوي حلويات ومعجنات و..... ،
كان الدور في ذلك اليوم على إمرأة غنية في بيت غني ، تقول قريبتي بعد عودتها من تلك الزيارة :
( لمّا دخلنا ذلك البيت ، فإذا كل ما به جميل ، روعة في التصميم ، وأثاث جديد ، سيراميك ، تحف فاخرة .....إلخ
فاستقبلتنا صاحبة المنزل وأخذتنا إلى مكان الضيافة .....وكنا نحلم بأنها ستدخلنا في غرفة جميلة كباقي حجرات البيت ، وتزيدهن بالفخامة ، وتُجلسنا على أفخم الأثاث ، وتقدّم لنا أفضل الحلويات والفطائر والمعجنات و....
ولكن ما حدث .. كان مفاجاة لنا مذهلة !
لقد جاءت مضيفتنا بفرشة ، وأجلستنا عليها على الأرض ، ثم رحبت بنا واستقبلتنا أفضل استقبال ، وبعد قليل ، قامت وجاءت بدلّة القهوة ومعها التمر ، ثم جاءت لنا بالشاي ومعه بعض الفطائر التي تستطيع المرأة الميسورة الحال أن تأتي بها !!!
ثم قالت :
أخواتي .. أنتن تعلمن من أنا ( تقصد بالغنى والثراء والمال ) .. وهاهو الأثاث الفاخر في الداخل رأيتموه ، ولو أردت ، لأحضرت لكنّ أفخم الحلويات وأفخم المأكولات وأفخم المعجنات ، وقدّمت لكنّ أفضل العصائر والمقبلات و....ثم بعد هذا ما سيكون ؟؟؟
إنني أريد أن تأتي الواحدة لزيارة جارتها وهي تعلم أنها لن تتكلّف باستضافتها ، ولن تقضي أغلب وقتها في التجهيز لهذه الزيارة ، وتخسر أموالاً كثيرة على التجهيز ، ما بين ورد وطيب و مأكولات متنوعة تزيد غالباً في كمياتها عن الحاجة...،
ثم قد تضطر بعدها المرأة لتوزيع ما أعدته من الحلويات والمعجنات على الناس .. أو ترميها في القمامة....!!
نسأل الله العافية من الإسراف وغمط النعمة ..
فماالذي يمنعنا من أن نتعامل مع ماديات حياتنا ببساطة ؟
ألا ترون أن التعامل معها بمبالغة ُيفسد علينا حياتنا ؟ )
بعد سماعي مقالة قريبتي عن تلك الزيارة ومضيفتهن الحكيمة .. قلت في نفسي :
لله درّ هذه المرأة ، وأكثر الله من أمثالها اللاتي يتعاملن مع الحياة بعقل لا بعاطفة فقط ..!!
إنها أرادت أن تبدأ بنفسها في تبسيط الزيارات بين أخواتها وجيرانها ..
وتكون قدوة لهن وهي الثرية .. حتى ترفع الحرج عمن تقل عن مستوها المادي والإجتماعي في حال كان التجمع في بيتها ..
ودعت إلى العودة للبعد عن التكلف الممقوت في إكرام الضيف ، الأمر الذي طرأ على مجتمعنا وللأسف الشديد حتى بين الأهل والمقربين .
و إني لأشاركها في رأيها ..
فوالله إن البيت الذي يكون فيه ضيوف في زيارة عابرة ، و تستنفر فيه الطاقات ويبدأ له التجهيز من وقت طويل وتقدّم للضيف أنواع التشكيلات من الحلوى والمعجنات ... كأن أهله يطلبون من زائرهم بعدم العودة لزيارتهم ثانية !
فعندما يرى الضيف أن كل هذا وُضع من أجله ، وأنه قد أتعب أهل البيت ... يترك الزيارة مرّة أخرى .. وبعدها تتقاطع الأرحام ويهجر الجيران جيرانهم .... والله المستعان .
فيا أختي / أخي ... تأكدوا أن الضيف جاء للزيارة ، و( كلٌ شبعان في محلّه ) وهذه الأشياء تسبب الكثير من الخطأ الذي يقود إلى ما بعده من الشر ، وهذا التكلف في الضيافة ، أصبح يولّد عند صغيرات العقول تنافساً كبيرا مقيتاً ..
تجد الزوجة تسأل أوّل سؤال لزوجها بعد مجيئه من زيارة جاره أو صاحبه : ( ماذا قدّموا لك ؟ وكيف كانت طريقة تقديم ضيافتهم لك ؟ ( إتيكيت التقديم ) !!
وهي تسأل عن ذلك ، حتى إذا جاء عندهم ، تقدّم له الطبق بطريقة مختلفة ومبتكرة ..!!
نصيحة لكل زوج ، ألا يخبر زوجته بما سألت عنه ، وألا يُفصل لها عما شاهده في تلك الزيارة من أثاث ومقتنيات وضيافة طعام ..
ويكتفي بالدعاء لمن زاره بالخير ، لأنه أحسن استقباله بوجه طلق ، ولطف في الكلام ، وحُسن في الحديث
وصلى الله على نبينا محمد
نسأل الله أن يصلح قلوبنا وأن يهدينا سبل الرشاد.