منتديات ابو الحسن التعليمية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى تعليمي ترفيهي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الوطن في العشر العربي بكالوريا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
dj karima

dj karima


المساهمات : 3639
تاريخ التسجيل : 22/09/2011
العمر : 35
الموقع : بلدية وادي الفضة ولاية الشلف

الوطن في العشر العربي بكالوريا Empty
مُساهمةموضوع: الوطن في العشر العربي بكالوريا   الوطن في العشر العربي بكالوريا I_icon_minitimeالأربعاء أكتوبر 21, 2015 12:06 pm

لم يكن الوطن يوماً ارتباطاً بالمكان فحسب ، بل كان شعوراً بانتماء الإنسان إلى بلد ، وتعلقه بأهله وأحبته ، والتزام بتراثه الحضاري وعاداته ولغته . إنه باختصار هوية الإنسان وخصوصيته الحضارية . في عصر الجاهلية تكشفت صورة الوطن عند شعرائنا الأوائل في الطلل ، وظلت أبعاده القبلية مسيطرة حتى فترة متأخرة من الزمن إلى أن تحول تدريجياً إلى شعور عربي وإسلامي ورابط فكري في فترات تلت عهد الإسلام . المهم أن طبيعة الحياة القبلية والترحال الدائم طلباً للخصب جعلت من الأمكنة العامرة التي كان يقطنها الجاهليون الوطن الأم ، وبرحيلهم عنه يتحول إلى طلل دارس يبكونه و يتذكرونه بلوعة معبرين عن شدة تعلقهم به وحبهم وإخلاصهم له . يقول امرؤ القيس :
قفا نبكِ من ذكرى حبيب ومنزل .... بسقط اللوى بين الدخول فحوملِ
الوقوف هنا تجاوز المعنى الحرفي له ، ومنازل المحبوبة التي حددها بدقة أضحت مكوناً من مكونات ذاته العربية . إنه الوطن الهوية الذي يشتاق إليه ، والأرض الحبيبة التي ولد فيها ثم رحل عنها . ولنا أن نسأل أنفسنا: ألم يحمل الجاهليون صورة وطنهم في قلوبهم وضمائرهم ؟ ألم يعودوا بعد عشرات السنين إلى ديارهم لينعشوا الطلل الدارس ويبثوا فيه الحياة ؟ من المؤكد أن صورة الوطن في وجدانهم تحولت من كونها ذكرى إلى فكرة تتغلغل في ذواتهم ، واستمر هذا التحول في العصر الحديث حتى أصبح جسداً إنسانياً يعجن بتراب الأرض . والسبب في ذلك ما لاقاه العرب من احتلال وقتل وتشريد ، فرحل كثير من الشعراء العرب عن وطنهم طوعاً أو قسراً ، ومع هذا بقي يقدم انتماءه لوطنه الام قولاً وفعلاً . يقول خير الدين الزركلي :
العين بعد فراقها الوطنا .... لا ساكنـاً ألـفـت ولا سكنـا
يا طائراً غنّى على غصن .... والنيلُ يسقي ذلك الغصنا
أذكـرتـنـي بـردى وواديــه .... والـطيـرَ آحـاداً بـه وثُـنـا
ولابد من أن تظهر آثار الغربة والتهجير على النفوس بقوة ، ولكنها لم يواجهها الشعراء بالتخلي عن وطنهم ، بل حملوا صوره في قلوبهم وعقولهم بالرغم من بعدهم عنه ، وصار البعيد قريباً يستأنس الشاعر به ، والحلم واقعاً يستلذ بذكراه . يقول أبو سلمى :
وطني ! هل سمعت من خفق قلبي .... أغنياتي ، وهل شجاكَ النشيدُ ؟
قـد حـملنـاكَ فـي القـلـوب وكـنَّـا .... نـتـنـاجـى ، وأنــتَ دانٍ بـعـيـدُ
.
.
ويقول الشاعر نزار قباني:
هذي دمشق.. وهذي الكأس والراح إني أحب... وبعـض الحـب ذباح
أنا الدمشقي.. لو شرحتم جسدي لسـال منه عناقيـدٌ.. وتفـاح
و لو فتحـتم شراييني بمديتكـم سمعتم في دمي أصوات من راحوا
زراعة القلب.. تشفي بعض من عشقوا وما لقلـبي –إذا أحببـت- جـراح
مآذن الشـام تبكـي إذ تعانقـني و للمـآذن.. كالأشجار.. أرواح
للياسمـين حقـوقٌ في منازلنـا.. وقطة البيت تغفو حيث ترتـاح
طاحونة البن جزءٌ من طفولتنـا فكيف أنسى؟ وعطر الهيل فواح
هذا مكان "أبي المعتز".. منتظرٌ ووجه "فائزةٍ" حلوٌ و لمـاح
هنا جذوري.. هنا قلبي... هنا لغـتي فكيف أوضح؟ هل في العشق إيضاح؟
كم من دمشقيةٍ باعـت أسـاورها حتى أغازلها... والشعـر مفتـاح
أتيت يا شجر الصفصاف معتذراً فهل تسامح هيفاءٌ ..ووضـاح؟
خمسون عاماً.. وأجزائي مبعثرةٌ.. فوق المحيط.. وما في الأفق مصباح
تقاذفتني بحـارٌ لا ضفـاف لها.. وطاردتني شيـاطينٌ وأشبـاح
أقاتل القبح في شعري وفي أدبي حتى يفتـح نوارٌ... وقـداح
ما للعروبـة تبدو مثل أرملةٍ؟ أليس في كتب التاريخ أفراح؟
والشعر.. ماذا سيبقى من أصالته؟ إذا تولاه نصـابٌ ... ومـداح؟
وكيف نكتب والأقفال في فمنا؟ وكل ثانيـةٍ يأتيـك سـفاح؟
حملت شعري على ظهري فأتعبني ماذا من الشعر يبقى حين يرتاح؟
.
ولعل اغترابهم وبعدهم عن وطنهم قد زادهم تمسكاً به وبهويتهم خلال تجربة جميلة في حب الأرض ، إلا أن الذات البعيدة رسمت الوطن أمّاً وأختاً ومحبوبة ولونت لوحته بأجمل الألوان ، وأظهرت العلاقة الحميمية بين الإنسان والأرض حتى لا تستطيع التفريق بين تلك الصور لشدة رسوخها في القلب والوجدان ، وثباتها على قاعدة قوية هي اتحاد الشاعر بوطنه وحب الوطن والولاء له والانتماء إليه . يقول محمود درويش : وكنتِ حديقتي ، وأنا غريبُ الدار ... أدقُّ البابَ ياقلبي ... على قلبي ... يقوم الباب والشباك والإسمنت والأحجارْ . رأيتكِ عند باب الكهف .. عند الغارْ .. معلقةً على حبل الغسيل ثياب أيتامك .. رأيتك ملْ البحر والرمل .. وكنتِ جميلة كالأرض كالأطفال كالفلِّ. كما نرى كل شيء جميل عند شاعرنا ، لا نستطيع أن نفصل بين تلك الصور ، لقد ذابت التفاصيل بينهما إلى حد صار الوطن حديقة وبيتاً وباباً وامرأة وطفلاً وزهرة ... صار الوطن شاعراً والشاعر وطناً . وهكذا تجلت صورة الوطن في الشعر العربي من إثباتاً للذات والوجود إلى صورة الوطن المحمول في قلوب المهجرين عن ديارهم ، وصولاً إلى تجليها في صور المرأة الأم والأخت والمحبوبة .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الوطن في العشر العربي بكالوريا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» بحث حول الانتاج الزراعي في الوطن العربي
» العشر الاواخر
» الوصايا العشر الصينية فى أدب الحياة
» العقوبات العشر لمن يتخلف عن صلاة الفجر
» الوصايا العشر لخبير التنمية البشرية ستيفن كوفي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابو الحسن التعليمية :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول-
انتقل الى: